- طهران تؤكد التزامها بالبرنامج السلمي وتطالب برفع العقوبات
- واشنطن تتراجع عن الموقف المتشدد حول تخصيب اليورانيوم
- التصعيد العسكري قائم.. وشكوك داخل إدارة الرئيس ترامب
ركزت الجولة الثانية من المفاوضات الأمريكية - الإيرانية في العاصمة الإيطالية روما، برعاية سلطنة عمان، على «البرنامج النووي السلمي الإيراني»، وملفات أخرى، وسط تأكيدات من الوفد الإيراني بأن «البرنامج يتوافق مع المعايير والوثائق الدولية خاصة معاهدة منع الانتشار النووي، ووفاء إيران بالتزاماتها، مع الحفاظ على حقوقها المشروعة والقانونية في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وممارستها».
وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية، إسماعيل بقائي: «أن إطار مواقف ومطالب إيران بشأن رفع العقوبات غير القانونية والقضية النووية واضح تماما وتم إطلاع الجانب الآخر به في الجولة الأولى من المفاوضات. وفي الوقت نفسه، ونظراً للمواقف المتناقضة التي سمعناها من مختلف المسئولين الأمريكيين خلال الأيام القليلة الماضية، فإننا نتوقع من الجانب الأمريكي أن يقدم أولاً توضيحاً في هذا الصدد، وأن يزيل نقاط الغموض الجادة التي نشأت حول نواياه وجديته».
واختيار العاصمة الإيطالية روما بدلاً من مسقط لاستضافة الجولة الثانية من محادثات واشنطن وطهران النووية جاء بناءً على اقتراح وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي وموافقة إيران والولايات المتحدة، مع اتخاذ الترتيبات اللازمة بالتنسيق بين الحكومتين العمانية والإيطالية. ومع ذلك، تظل مسقط المحور الأساسي للوساطة بين الجانبين الأمريكي والإيراني.
كان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي قد عشية الجولة الثانية أن وزير الخارجية، عباس عراقجي، توجه إلى روما للمشاركة في الجولة الثانية من المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، موضحاً أن الجولة ستُعقد برئاسة عراقجي وستيف ويتكوف، الممثل الخاص للرئيس الأمريكي للشرق الأوسط.
ومن جانبه، أكد المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن أي اتفاق يجب أن يكون «اتفاق ترامب»، تمييزًا له عن الاتفاق النووي لعام 2015 الذي تم التوصل إليه في عهد الرئيس الأمريكي آنذاك، باراك أوباما.
وصرح ويتكوف بأن إيران يمكنها الحفاظ على برنامج تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 3.67%، متراجعًا عن موقفه السابق عندما قال: إن هدف الرئيس ترامب هو القضاء على قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم تمامًا، الأمر الذي كان يعني انهيار المفاوضات قبل بدايتها، وهو ما جعله يتراجع عن تصريحاته السابقة.
ويرى مراقبون أن إيران يمكن أن تتنازل عن تسارع تخصيب اليورانيوم وتبطئ من وتيرة تطوير برنامجها النووي لبعض الوقت، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها، حتى تستعد لمرحلة تكون فيها أكثر قوة اقتصادية، ثم تستأنف برنامجها النووي مرة أخرى. كما أن الولايات المتحدة لا يمكن في هذا الوقت فتح جبهة لحرب أوسع مع إيران، ترد فيها طهران على أي عدوان عليها باستهداف المصالح والقواعد الأمريكية داخل المنطقة وخارجها.
خاصة في وقت تقود فيه واشنطن حربًا تجارية مع غالبية دول العالم، وتعاني في الوقت نفسه من اضطرابات داخلية بسبب تقليل عدد الموظفين الفيدراليين ورفع الرسوم الجمركية على المنتجات المستوردة، الأمر الذي أحدث خللًا واضطرابًا أيضًا داخل المجتمع الأمريكي بسبب رفع كلفة المنتجات المستوردة.
وعند مجيء ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى، فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها النووي (الذي استأنفت تطويره بعد إلغاء ترامب الاتفاق النووي الموقَّع عام 2015)، وذلك في إطار حملة «الضغط الأقصى» التي تشمل ممارسة ضغوط عسكرية وعقوبات اقتصادية متزامنة على إيران. وقد ألمح ترامب مرارًا إلى أن العمل العسكري ضد إيران لا يزال واردًا، مؤكدًا في الوقت نفسه اعتقاده بإمكانية التوصل إلى اتفاق جديد.
ومع تكثيف الولايات المتحدة حربها ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن الشهر الماضي، بدأت واشنطن في نقل معدات عسكرية إلى الشرق الأوسط، حيث أرسلت حاملة الطائرات «هاري إس ترومان» إلى البحر الأحمر، ثم بعثت بأخرى تُدعى «كارل فينسون» إلى بحر العرب.
كما نقلت الولايات المتحدة بطاريتي صواريخ باتريوت ونظام دفاع جوي صاروخي عالي الارتفاع، يُعرف باسم «ثاد»، إلى الشرق الأوسط. وأُرسلت نحو ست قاذفات من طراز «بي-2» قادرة على حمل قنابل تزن 30 ألف رطل، وهي ضرورية لتدمير البرنامج النووي الإيراني السري، إلى دييجو جارسيا، وهي قاعدة بحرية في المحيط الهندي.
وتم بحث نقل طائرات مقاتلة إضافية إلى المنطقة، ربما إلى قاعدة في إسرائيل، ورغم إعلان واشنطن أن هذه الأصول العسكرية يمكن استخدامها في ضرب الحوثيين لوقف هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر، إلا أن مسؤولين أمريكيين أكدوا أن تلك الأصول والأسلحة كانت أيضًا جزءًا من التخطيط لدعم إسرائيل أثناء قيامها بضرب إيران أو الدفاع عن الكيان الصهيوني في حال رد طهران على أية ضربات تقوم بها إسرائيل ضدها.
وأكدت تسريبات أمريكية أن الولايات المتحدة كانت تنوي مشاركة إسرائيل في ضربات على المواقع النووية الإيرانية في مايو المقبل، وأن كبار المسئولين الإسرائيليين أطلعوا نظراءهم الأمريكيين على خطة كانت ستجمع بين غارة كوماندوز إسرائيلية على مواقع نووية تحت الأرض.
وسعى نتنياهو إلى استنساخ ما حدث في سوريا في سبتمبر الماضي، عندما استخدمت إسرائيل الغارات الجوية لتدمير مواقع الحراسة والدفاع الجوي، ثم نزل الكوماندوز إلى منشأة تحت الأرض كانت تستخدم لتصنيع الأسلحة، وزرعوا متفجرات بها ودمرّوها بالكامل.
غير أن هذه الخطة كانت تتطلب عدة أشهر لتنفيذها داخل إيران، كما رأى المسؤولون الأمريكيون أن قوات الكوماندوز لا يمكنها تدمير سوى بعض المنشآت الرئيسية في إيران، كما يمكن لطهران أن تقوم بإخفاء اليورانيوم الأعلى تخصيبًا في مواقع متعددة بجميع أنحاء البلاد.
كما أشار البعض إلى أنه حتى تلك العملية قد تعطل البرنامج النووي الإيراني لمدة عام فقط، حيث أشار خبراء إلى أن إيران على مقربة من صنع ستة أنواع من الأسلحة النووية في غضون أشهر، بعدما وصلت طهران إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، ويرى خبراء أن إيران قد تجاوزت المراحل الصعبة للحصول على أسلحة نووية، والتي تتطلب نسبة تخصيب 90 في المائة.
بدأ بعض المسئولين داخل إدارة ترامب يشككون في الخطة الإسرائيلية، وفي اجتماع عُقد مطلع الشهر الجاري، قدمت تولسي جابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، تقييمًا استخباراتيًا جديدًا أفاد بأن تكديس الأسلحة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط قد يشعل صراعًا أوسع مع إيران، وهو ما لا تريده الولايات المتحدة.
كما أعرب عدد من المسئولين عن مخاوف جابارد في العديد من الاجتماعات المختلفة، وأبدى كل من وزير الدفاع بيت هيجسيث، ونائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، ورئيسة موظفي البيت الأبيض سوزي ويلز، شكوكهم بشأن الهجوم على إيران ونجاح أهدافه.
وهو ما جعل الرئيس الأمريكي يبادر بإرسال رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي يعرض فيها إجراء محادثات مباشرة مع إيران، وفي 28 من مارس ردّ مسئول إيراني كبير برسالة أشار فيها إلى انفتاحه على محادثات غير مباشرة بشأن البرنامج النووي.
وتصر طهران على أن تتركز المفاوضات على برنامجها النووي دون شمول برنامجها للصواريخ الباليستية، ومن المقرر أيضًا أن تشتمل المباحثات على ضمانات قانونية لعدم انسحاب الولايات المتحدة مستقبلاً من أي اتفاق يُبرم مع إيران، كما تتضمن رفع العقوبات الاقتصادية عليها.
اقرأ أيضاً
فضيحة جديدة تهز أمريكا.. وزير الدفاع يشارك معلومات حساسة عن استهداف الحوثيين مع زوجتهخبيرة اقتصادية: مصر لديها مزايا تنافسية جيدة.. وعليها استغلال ما فعلته أمريكا
0 تعليق