في خطاب حاسم خلال افتتاح أعمال الدورة الـ32 للمجلس المركزي الفلسطيني، جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس طرح رؤيته لتحقيق السلام العادل والشامل، داعيًا إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، واستعادة الوحدة الوطنية، وتحمّل السلطة الوطنية الفلسطينية كامل مسؤولياتها في قطاع غزة كما في الضفة الغربية والقدس، وفق قرارات الشرعية الدولية.

وأكد عباس أن إنهاء الانقسام، وتسليم حركة حماس إدارة القطاع بكل مؤسساته وسلاحه، هو شرط أساسي لاستعادة وحدة القرار السياسي الفلسطيني، وبناء دولة مستقلة قابلة للحياة، تكون عضواً كاملاً في الأمم المتحدة.
رؤية شاملة للسلام.. وأسس للوحدة الوطنية
شدد الرئيس الفلسطيني على أن رؤية فلسطين للسلام ترتكز على إنهاء الاحتلال، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، موضحًا أن السلطة الوطنية يجب أن تتحمل مسؤولياتها في غزة، كما في الضفة والقدس، استنادًا إلى:
-وحدة القانون
-وحدة المؤسسات
-وحدة السلاح الشرعي
-وحدة القرار السياسي
وأشار إلى أن ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا عبر إنهاء سيطرة حماس على قطاع غزة، وتسليم القطاع بكل تفاصيله، بما في ذلك الأسلحة، إلى السلطة الوطنية، وتحول حماس إلى حزب سياسي مدني يعمل ضمن قوانين الدولة الفلسطينية ويعترف بالشرعية الدولية.
القمة العربية دعمت الخطة المصرية الفلسطينية
عباس أوضح أن هذه الرؤية تحوّلت إلى موقف عربي وإسلامي جامع، بعد اعتمادها من القمة العربية الطارئة الأخيرة في القاهرة، والتي استندت إلى الخطة الفلسطينية المصرية المشتركة.
وأشار الرئيس الفلسطيني إلى أن تنفيذ هذه الرؤية يتطلب التزامًا دوليًا بتحقيق أربعة شروط رئيسية:
الشروط الأربعة لتحقيق الرؤية الفلسطينية:
1.أفق سياسي واقعي:
- إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
- تنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
- إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومعترف بها، عضواً كاملاً في الأمم المتحدة.
2.انسحاب كامل من غزة:
- خروج الجيش الإسرائيلي من القطاع.
- ضمان تدفق المساعدات الإنسانية.
- إطلاق الأسرى والمحتجزين.
3.وقف التصعيد الشامل:
- وقف العمليات العسكرية في الضفة.
- وقف الاستيطان وهجمات المستوطنين.
- حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في الضفة والقدس.
4.خطة لإعادة إعمار غزة دون تهجير:
- "التعمير دون تهجير" كقاعدة أساسية.
- دعم دولي لمؤتمر إعادة الإعمار بالتعاون مع مصر والأمم المتحدة.
تحركات دولية ومؤتمر مرتقب لإعمار غزة
كشف الرئيس الفلسطيني أن العمل جارٍ مع مصر والأمم المتحدة لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة، بدعوة لمشاركة الدول الصديقة والمنظمات الدولية.

عباس يتهم حماس بتقويض القضية الفلسطينية: قدمت خدمات مجانية للاحتلال وعليها تسليم غزة فوراً
في خطابه وجّه الرئيس الفلسطيني انتقادات لاذعة لحركة حماس، محمّلاً إياها مسؤولية ما وصفه بـ"الأضرار البالغة" التي لحقت بالقضية الفلسطينية جراء انق_.لابها على الشرعية منذ عام 2007، وما تبع ذلك من انقسام سياسي وجغرافي بين غزة والضفة.
وأكد عباس أن ما قامت به حماس ساهم بقصد أو بدون قصد في تعزيز الاحتلال وتمكينه من تنفيذ مخططاته الخطيرة في القطاع.
حماس والانق_.لاب.. بداية التراجع الفلسطيني
قال الرئيس الفلسطيني إن انق_.لاب حماس على السلطة الشرعية في غزة عام 2007 لم يكن مجرد صراع سياسي، بل محطة مفصلية ساهمت في تعميق الانقسام، وضرب وحدة الشعب الفلسطيني، وفتح الباب أمام الاحتلال لفرض وقائع جديدة على الأرض، مستغلًا حالة التشرذم الداخلي.
وأوضح أن حركة حماس، عبر تفردها بالحكم في غزة، عزلت القطاع عن الضفة والقدس، وأسهمت بشكل مباشر في تكريس الانقسام الذي لا يزال يعاني منه الشعب الفلسطيني حتى اليوم.
ست حروب طاحنة وذرائع مجانية للاحتلال
وأشار عباس إلى أن قطاع غزة شهد ست حروب طاحنة خلال سنوات سيطرة حماس، كلّفت الشعب الفلسطيني آلاف الشهداء والجرحى، دون تحقيق إنجاز وطني حقيقي، بل بالعكس، وفّرت تلك المواجهات ذرائع مجانية للاحتلال الإسرائيلي لتصعيد عدوانه، تحت حجج مثل "احتجاز الرهائن" وغيرها.

وأضاف: لا أعفي الاحتلال من مسؤوليته، لكنه وجد في ممارسات حماس فرصة ذهبية لتبرير جرائمه، وتنفيذ مؤامراته بحق أهلنا في القطاع.
في الضفة.. تخريب من نوع آخر
وأكد الرئيس الفلسطيني أن حماس لم تكتفِ بما فعلته في غزة، بل مارست التخريب في الضفة الغربية بطريقة مختلفة، موضحًا أن نتائج هذا السلوك، في شقّي الوطن، نشهدها اليوم من دمار وعدوان وانغلاق سياسي، مشددًا على أن ما جرى ساهم في تصفية آفاق الحل السياسي أمام الفلسطينيين.
دعوة لتسليم غزة فورًا
وفي لهجة حاسمة، قال الرئيس: "على حماس أن تنهي استيلاءها الكامل على الحكم في غزة، وتسلمها لمنظمة التحرير والسلطة الوطنية الشرعية، حقناً لدماء شعبنا، وحفاظًا على مستقبله السياسي والوطني".
وتابع: "لا يمكن أن يُعتبر أمينًا على مستقبل شعبنا من يُفرّق بين غزة والضفة، أو يعتبر الشهداء مجرد خسائر تكتيكية، أو يتاجر باسم القضية لجمع التبرعات ثم يودعها في حساباته الخاصة."
كلمة الرئيس عباس تعكس إصرار القيادة الفلسطينية على إنهاء الانقسام الداخلي كشرط لا غنى عنه لاستعادة وحدة القرار الفلسطيني، والوقوف بقوة في وجه العدوان الإسرائيلي.
كما تمثل دعوة واضحة لحركة حماس بإعادة الأمور إلى نصابها، وإتاحة المجال لبناء دولة فلسطينية موحدة ذات سيادة، تمثل جميع أبنائها دون انقسام أو فصائلية.
0 تعليق