كشف البنك الدولي عن بعض جوانب دعمِه للمنظومة الصحية المخصصة لتحسين صحة الأم والطفل في المغرب، ضمن استراتيجية كان المغرب قد جرّبَها منذ سنة 2022 للمساعدة في تحسين صحة الأمهات والأطفال والتغذية في المناطق القروية.
وأورد البنك، ضمن معطيات رسمية توصلت بها جريدة هسبريس الإلكترونية من مكتبه التمثيلي في المغرب، أن “الدعم المقدم إلى السلطات المغربية (المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية) شمِل إجراء تشخيص متعمق للمرحلة التجريبية؛ بما في ذلك تقييم اقتصادي وتعزيز برامجيٌ للنموذج”.
كما يواكب البنك، وفق ما كشف عنه بمناسبة يوم الصحة العالمي لهذا العام المُخلد بموضوعه “صحة الأمهات والمواليد الجدد”، كلا المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية وكذا “يونيسيف” عبر آلية “وضع استراتيجية لتوسيع نطاقها، حيث يستفيد من نظام الصحة المجتمعية أكبر عدد ممكن من الأفراد”.
وكانت السلطات الصحية المغربية قد أطلقت “تجربة منظومة جديدة للصحة المجتمعية في عام 2022″، تم تطبيقها تجريبيا في ثلاث جهات ذات أولوية (بني ملال-خنيفرة، درعة-تافيلالت، ومراكش-آسفي)، تشمل 14 إقليما، و56 مركزا صحيا قرويا.
تحليل البنك الدولي لمشروع تعزيز صحة الأم والطفل لم يخلُ من إشادة وإشارة إلى أن هذا “البرنامج الجديد يعد فريدا من نوعه، لا سيما من حيث اعتماده على التنسيق بين ثلاثة أطراف فاعلة”، منوها أيضا بكونه “يُشرك في الوقت نفسه مراكز الرعاية الصحية القروية ودوْر ‘دار الأمومة’ والعاملين في مجال الصحة المجتمعية”.
“دعم تقني”
حسب توصيف المؤسسة المالية الدولية، وضعت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بالتنسيق مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وبدعم تقني-فني من البنك الدولي، استراتيجية لتوسيع النطاق بعد تشخيص متعمق للمرحلة التجريبية؛ بما في ذلك التقييم الاقتصادي.
وتتضمن هذه الاستراتيجية، حسب المعلن لغاية هذه المرحلة، “خطة عمل مفصلة لتدعيم النموذج البرامجي لمنظومة الصحة المجتمعية ونظام إدارة الأداء من خلال دمج الأدوات الآلية لجمع البيانات وتحليلها؛ مما يتيح اتخاذ قرارات أسرع وأكثر استنارة واسترشادا”.
كما تغطي الستراتيجية، أيضا، مواكبة مسائل “الحكامة والاستدامة”، وتعتمد “نهجا تدريجيا للتوسع مع تحديد الأولويات” على أساس مؤشرات التنمية البشرية المعتمدة أمميا.
التقييم المنجز من فريق البنك الدولي أورد شهادةَ إحدى المسؤولات في المجتمع المدني المغربي المشتغل ميدانيا على تحسين صحة الأم والطفل؛ وهي نجاة نظيفي، رئيسة جمعية “رعاية” لصحة المرأة والطفل، التي قالت: “لدينا مشاكلُ وفيات أقل، خاصة بالنسبة للأطفال. كان لدينا وفيات الأجنة، كان لدينا الكثير من المشاكل. أما بفضل هذه المنظومة الصحية المجتمعي، تعاملنا مع المشكلة بالكامل، واستطعنا إدارتها بسبب الوضع. التأثير واضح، وقد تغيرت جودة الرعاية بشكل كبير”.
وأضافت رئيسة الجمعية ذاتها: “الوسيطات الصحيات المجتمعيات لهن دور مهم للغاية، ونود بصدق أن نرى هذا المشروع يتسع ليشمل جميع المناطق المحلية المرتبطة بالقرى المغربية”.
كما نقل تعليق هناء أفروح، وسيطة صحية مجتمعية، بقولها: “وظيفتي هي البقاء على اتصال مع أهل الدوار الذين لا يستطيعون القدوم إلى المستشفى. ومن خلال التدريب الذي تلقيته، حصلت على وسائل للبقاء على اتصال مع الناس، وأذهب إلى منازلهم للمتابعة”، مضيفة: “كانت هناك حتما عقبات في البداية. في البداية، لم يقبلنا الناس. قالوا إن ما نقوله ليس صحيحا، فنحن نلد في المنزل”، وخاتمة “لقد بدأنا ببطء في التحدث، وزيادة الوعي، والالتقاء، والسؤال”.
“تقدم وفجوات”
يرى تقييم البنك الدولي أن “المغرب سجل تقدما كبيرا في خفض معدلات وفيات الأمهات والمواليد والأطفال، وتحسين المؤشرات الرئيسية لصحة وتغذية الأمهات والأطفال، على مدى العقود القليلة الماضية؛ غير أن ذلك لا يمنع وجود “فجوات كبيرة بين المناطق القروية والحضرية”.
ولفت انتباه السلطات المغربية المختصة إلى أن “المناطق القروية تشهد زيادة معدلات وفيات الأمهات مرتين ونصف عن معدلاتها في المناطق الحضرية (111 مقابل 45 وفاة لكل 100 ألف ولادة). وبالمثل، يزيد معدل وفيات الرضع بنسبة 37 في المائة في المناطق القروية؛ ما يؤشر إلى حدوث “26 حالة وفاة لكل ألف مولود في المناطق القروية مقابل 19 في المناطق الحضرية”.
وسجل التقييم ذاته أنه “تم توظيف قرابة ألف من الوسيطات الصحيات المجتمعيات”، مع ضمان “تدريبهن في الجهات الثلاث ذات الأولوية للمشروع التجريبي”، منذ عام 2022.
واليوم، في مرحلته التجريبية، فإن مشروع “المنظومة الصحية المجتمعية” بالمغرب قد وصل إلى “نحو 285 ألف مستفيد (تشمل النساء والأطفال في الفترة بين يناير 2023 ودجنبر 2024) تمت إحالتهم إلى “خدمات صحة الأم والطفل والتغذية”، وفقا لبيانات أوردها المصدر نفسه.
0 تعليق