في خطوة طال انتظارها، دقّت وزارة الكهرباء ناقوس التغيير في واحدة من أكثر القطاعات حيوية في مصر، بإعلانها فصل الشركة المصرية لنقل الكهرباء عن الشركة القابضة لكهرباء مصر.
تحرير سوق الكهرباء بعد الفصل
طبقاً لـ تحيا مصر ، هذا القرار التاريخي لم يكن مجرد إجراء إداري، بل بوابة لتحوّل جذري في بنية سوق الكهرباء، يحمل في طياته بشائر انفتاح على استثمارات جديدة وقواعد لعب جديدة، قد تعيد رسم مستقبل الطاقة في البلاد.
فبعد تأجيل دام عقداً من الزمن منذ إصدار قانون الكهرباء الموحد عام 2015، اتخذت الجمعية العامة العادية وغير العادية لكل من الشركة القابضة والمصرية للنقل، برئاسة الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، قرار الفصل بشكل رسمي.
وتُعد هذه الخطوة تمهيداً لتحرير سوق الطاقة، ما يفتح الباب أمام القطاعين المنزلي والتجاري للمشاركة الفعالة في إنتاج وبيع الطاقة للدولة، وتوسيع نطاق الاستثمارات المحلية والأجنبية.
استقلال "المصرية لنقل الكهرباء" ومهامها الجديدة
بموجب القانون المرتقب، تصبح "المصرية لنقل الكهرباء" كياناً مستقلاً مملوكاً للدولة، وتحت إشراف وزير الكهرباء، هذا الاستقلال يتيح للشركة أداء دورها كمشغل رئيسي لشبكة النقل، التي ستظل ملكاً للدولة كونها العمود الفقري لنقل الطاقة.
كما سيُمنح جهاز تنظيم مرفق الكهرباء سلطات موسعة ليكون كياناً رقابياً مستقلاً لضمان المنافسة العادلة داخل السوق ومنع الاحتكار.
قانون جديد بمضامين اقتصادية واستثمارية
وفقاً لمصدر مسؤول بالوزارة، فإن القانون الجديد يهدف إلى إعادة هيكلة شاملة لقطاع الكهرباء، ليواكب الاتجاهات العالمية نحو تحرير الأسواق، بما في ذلك السماح لعملاء كبار، مثل مصانع الحديد والأسمنت والألومنيوم، بالتعاقد مباشرة مع منتجي الطاقة، على أن تتولى الشركة المصرية للنقل نقل تلك الطاقة عبر شبكتها مقابل رسوم محددة.
ويشمل القانون تشجيع التوليد اللامركزي والمشترك، مع وضع شروط لرفع كفاءة استهلاك الطاقة في المنشآت الكبيرة، تتضمن وجود مدير طاقة وتسجيل مفصل لاستهلاك الطاقة، فضلاً عن حوافز لشراء الأجهزة الموفرة للطاقة.
وزارة الكهرباء.. من التخطيط إلى التنفيذ
دور وزارة الكهرباء في المرحلة المقبلة سيكون محوريًا على مستويين، الأول ترجمة خطط الطاقة الوطنية إلى سياسات تنفيذية واقعية، والثاني ضمان أمن الإمدادات الكهربائية من خلال تعزيز الاستثمارات في توليد الطاقة، بما يلبي الطلب المتزايد.
كما أن القانون سيتيح للقطاع المنزلي والتجاري إمكانية إنتاج الكهرباء وضخها في الشبكة القومية، على أن يُحاسب المنتج وفقاً لفئته الاستهلاكية.
جهاز التنظيم.. الحَكم بين الأطراف
الجهاز المنظم سيكون بمثابة الحكم بين المنتجين والموزعين والمستهلكين، عبر إصدار وسحب التراخيص، والرقابة على أداء السوق، وضمان عدم استغلال أو احتكار من قبل أي طرف، كما سيتولى توفير الشفافية وتزويد المستهلكين بالمعلومات الضرورية لاتخاذ قراراتهم.
سوق كهرباء تنافسية ومستدامة
يُعد فصل "المصرية للنقل" عن "القابضة" خطوة استراتيجية نحو سوق كهرباء أكثر تنافسية واستدامة، هي بداية مشوار طويل نحو تطوير القطاع بأكمله، وتحقيق التوازن بين كفاءة الأداء وضمان العدالة للمستهلكين، ضمن منظومة تحكمها قواعد واضحة وإشراف حكومي رشيد، دون المساس بملكية الدولة للبنية التحتية الحيوية.
0 تعليق