تشهد سوريا تصعيداً مقلقاً في ظل اضطرابات سياسية وأمنية متزايدة، جاء أحدثها على خلفية الضربات الجوية الإسرائيلية على العاصمة دمشق، والتي طالت هدفاً قرب القصر الرئاسي. وقد تزامن هذا الاستهداف مع أحداث عنف داخلية شهدتها مناطق درزية في ريف دمشق، ما يسلط الضوء على حساسية موقع الطائفة الدرزية في الصراع الحالي، ودورها المتشابك في المعادلة الإقليمية بعد الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد.
دلالات الضربة الإسرائيلية
فجر الجمعة، شنت إسرائيل غارة جوية استهدفت منطقة قريبة من قصر الشعب في دمشق، في رسالة وصفتها بـ"الواضحة" إلى النظام السوري الجديد، مفادها أن أي تهديد للطائفة الدرزية لن يُسمح به، وخاصة في المناطق الجنوبية من دمشق. وهذه ليست الضربة الأولى، بل تأتي بعد سلسلة غارات مشابهة، تؤكد توجهاً إسرائيلياً ثابتاً بعد سقوط الأسد في ديسمبر 2024.
وتكمن رمزية هذه الغارة في ثلاثة أبعاد
البعد الجغرافي: الاستهداف وقع قرب القصر الرئاسي، وهو رمز سيادي من العيار الثقيل، ما يوصل رسالة بأن الخطوط الحمراء التقليدية قد تغيّرت.
البعد الطائفي
توظيف الدفاع عن الدروز كذريعة للضربات، يعكس سياسة إسرائيلية تعتمد على خلق حواضن محلية حليفة في سوريا المفككة.
البعد السياسي الإقليمي
إسرائيل تضغط على واشنطن للإبقاء على سوريا ضعيفة، وتستثمر في غياب السلطة المركزية لإضعاف أي نفوذ معادٍ على حدودها الشمالية.
الفوضى الأمنية في الداخل السوري
تزامناً مع الضربة الإسرائيلية، سُجلت اشتباكات مسلحة في محيط قيادة شرطة دمشق، وهجوم من محورين لم تُعرف تفاصيله بدقة، في وقت تتعامل فيه الأجهزة الأمنية مع تحديات أمنية متفرقة في مناطق عدة، أبرزها مدينة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية.
التوتر الدرزي – الدرزي وفتنة جرمانا
في مشهد موازٍ للضغوط الخارجية، انفجرت اشتباكات داخلية في جرمانا بسبب تسجيل صوتي مسيء للنبي محمد، ما أدى إلى مقتل 14 شخصاً. ورغم نفي قوات الأمن مشاركتها في النزاع، إلا أن الوضع تطور بما يكفي لاستدعاء تدخل عاجل من وزارة الداخلية ووزارة الدفاع. ولتدارك الأزمة، تم التوصل إلى اتفاق مبدئي للتهدئة بمشاركة وجهاء دروز، وتشكيل لجنة مشتركة لحصر السلاح.
كما أفيد أن غارة إسرائيلية لاحقة استهدفت منطقة أشرفية صحنايا، وقتلت عنصر أمن ومدنياً، ما زاد من تعقيد المشهد الأمني.
الموقف الدرزي الرسمي.. وحدة وطنية رغم المحنة
رغم التصدعات الداخلية، خرجت مشيخة عقل طائفة الدروز ببيان رافض لأي مشروع تقسيمي أو انفصالي، مؤكدة على التزامها بوحدة الأراضي السورية، ومطالبة الدولة ببسط الأمن في الجنوب وتأمين الطرق الحيوية، خصوصاً طريق السويداء – دمشق.
هذا الموقف المتوازن يعكس إدراكاً درزياً متزايداً بأن الحفاظ على الهوية الوطنية الجامعة هو الضمانة الوحيدة ضد الانزلاق نحو الفوضى الطائفية، رغم الضغوط الإسرائيلية ومحاولات الاستقطاب.
0 تعليق