وافقت لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، برئاسة الدكتور علي جمعة، اليوم الإثنين، على مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية من حيث المبدأ، وذلك في خطوة جديدة تهدف إلى ضبط العملية الإفتائية في مصر.
كما أقرت اللجنة المقترح المقدم من الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، بإضافة مجمع البحوث الإسلامية ضمن الجهات المختصة بالفتوى العامة، ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية ضمن الجهات المختصة بالفتوى الخاصة.
حضور رفيع المستوى ومناقشات موسعة داخل اللجنة
جاء الاجتماع بحضور عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، والمستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية، إلى جانب المستشار محمد عبدالعليم كفافي، المستشار القانوني لرئيس مجلس النواب، والدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، حيث شهدت الجلسة مناقشات موسعة حول بنود مشروع القانون.
الأزهر يعترض على منح وزارة الأوقاف صلاحيات إفتاء دون مشاركته
شهدت الجلسة اعتراضًا صريحًا من مؤسسة الأزهر الشريف على المادة الثالثة من مشروع القانون، التي تمنح وزارة الأوقاف صلاحيات تشكيل لجان للإفتاء دون اشتراط إشراك علماء الأزهر.
وعبّر الدكتور محمد الضويني عن استيائه من هذا التوجه، مشددًا على أن الأزهر يضم قطاعات تعليمية كبرى، منها قطاع المعاهد الأزهرية الذي يشمل أكثر من 170 ألف مدرس، بينهم ما لا يقل عن 50 ألفًا من خريجي كلية الشريعة والقانون، مستنكرًا حرمانهم من ممارسة الإفتاء رغم أهليتهم الشرعية والعلمية.
وزير الأوقاف يدافع عن المادة ويشدد على التأهيل والرقابة
من جانبه، دافع الدكتور أسامة الأزهري عن المادة المقترحة، مؤكدًا أن العاملين بوزارة الأوقاف هم في الغالب من خريجي الأزهر، وأنه لن يُسمح لأي شخص بالإفتاء إلا بعد اجتياز برامج تأهيل وتدريب تحت إشراف دار الإفتاء، ووفقًا لمعايير يحددها الأزهر ذاته.
موقف حاسم من وكيل الأزهر: مسؤول شرعًا عن كل فتوى في البلاد
أكد الدكتور الضويني مسؤوليته الشرعية أمام الله عن كل فتوى تُصدر في مصر، مطالبًا بأن تكون الفتوى الشرعية تحت إشراف الأزهر ودار الإفتاء فقط، ورفض بشدة إنشاء لجان مستقلة داخل وزارة الأوقاف للإفتاء دون رقابة الأزهر.
رئيس اللجنة يتساءل: هل نترك الفوضى؟
وخلال المناقشات، تساءل الدكتور علي جمعة عن المقترحات البديلة للأزهر، كاشفًا أن هيئة كبار العلماء كانت قد رفضت مشروع القانون لنفس السبب.
واختتم مداخلته بسؤال محوري: "هل نترك الفوضى كما هي؟"، وهو ما رد عليه ممثلو الأزهر بالتأكيد على أن الوضع الحالي، القائم على إشراف الأزهر ودار الإفتاء فقط، هو الأنسب لحفظ هيبة الفتوى.
استمرار مناقشة مواد مشروع القانون غدًا الثلاثاء
قررت اللجنة الدينية استكمال مناقشة مواد القانون في اجتماعها صباح غد الثلاثاء 6 مايو، في ظل استمرار الجدل حول المواد الخلافية، وخاصة المادة الثالثة.
أهداف مشروع القانون: ضبط الفتوى وتحديد الجهات المختصة
يهدف مشروع القانون إلى تنظيم عملية إصدار الفتوى الشرعية وتحديد الجهات المختصة بها، على أن تقتصر الفتوى العامة على هيئة كبار العلماء ودار الإفتاء، بينما تختص الفتوى الخاصة بكل من هيئة كبار العلماء، مجمع البحوث الإسلامية، دار الإفتاء، أو لجان الفتوى بالأوقاف وفقًا لضوابط مشددة.
تفاصيل مواد مشروع القانون: اختصاصات وتعريفات وعقوبات
تتضمن مواد مشروع القانون تسع مواد رئيسية إلى جانب مادة خاصة بالنشر.
وحددت المادة (1) نطاق التطبيق، مستثنية الإرشاد الديني والبحث العلمي والدعوي من نطاق التجريم.
أما المادة (2)، فقد وضعت تعريفات دقيقة للفتوى العامة والخاصة، والإرشاد الديني، بينما نصت المادة (3) على الجهات الرسمية المخولة بالإفتاء.
وتتناول المادة (4) تنظيم لجان الفتوى بالأوقاف، محددة شروطًا دقيقة لأعضائها، منها السن، وسابقة التعليم الأزهري، والسيرة الطيبة، والورع، بالإضافة إلى اجتياز برامج تدريبية.
كما تمنح المادة (5) هيئة كبار العلماء بالأزهر سلطة حسم أي تعارض بين الفتاوى. وتوضح المادة (6) أن الإرشاد الديني الذي يمارسه الأئمة لا يُعد فتوى شرعية.
وتُلزم المادة (7) كافة المؤسسات الإعلامية والرقمية بالاعتماد فقط على الجهات الرسمية المحددة في القانون عند بث أو نشر الفتاوى.
بينما خصصت المادة (8) عقوبات واضحة للمخالفين، تصل إلى الحبس والغرامة، مع تغليظ العقوبات في حال التكرار.
وتُلزم المادة (9) شيخ الأزهر بإصدار اللائحة التنفيذية خلال 6 أشهر من سريان القانون.
تشريعات لحماية الفتوى وضبط المجال الديني
يمثل هذا القانون خطوة تشريعية مهمة نحو تنظيم مجال الفتوى في مصر، بما يضمن عدم العبث بالأحكام الدينية، والحفاظ على المرجعية الشرعية المتمثلة في الأزهر ودار الإفتاء، وذلك في إطار دستوري وقانوني يُعلي من شأن المؤسسات الدينية الرسمية، ويُغلّظ العقوبات على من يتجاوزها.
0 تعليق