يترقب السوق المصري والمحللون الاقتصاديون إصدار تقرير التضخم المنتظر من البنك المركزي المصري خلال الأيام المقبلة، والذي يهدف إلى الرد على أحدث بيانات وتوقعات صندوق النقد الدولي بشأن الاقتصاد المصري لعام 2025.
يأتي هذا التقرير في ظل جدل حول معدلات التضخم وأداء الاقتصاد المصري، مع تباين واضح بين توقعات الصندوق والبيانات الرسمية المصرية.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض كيف يمكن أن يرد تقرير التضخم المرتقب من البنك المركزي المصري، على تحذيرات صندوق النقد الدولي.
تحذيرات صندوق النقد الدولي
ووجه صندوق النقد الدولي رسالة مباشرة إلى البنك المركزي المصري، حثه فيها على توخي الحذر في قرارات خفض أسعار الفائدة، محذرًا من تداعيات محتملة على الاستقرار النقدي، حيث أشار جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بالصندوق، إلى أن "التحلي باليقظة" ضروري في ظل استمرار الصدمات الاقتصادية العالمية، مثل التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين والقرارات الجمركية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
أضاف أزعور: "نرى مخاطر بعودة التضخم، لذا من الضروري الحفاظ على سياسة نقدية صحيحة تقود إلى خفضه إلى مستويات مستقرة من خانة واحدة".
جاءت هذه التحذيرات عقب قرار البنك المركزي المصري في 17 أبريل 2025 بخفض أسعار الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس، وهو القرار الأول من نوعه منذ عام 2020، وشمل القرار خفض عائد الإيداع لليلة واحدة إلى 25%، عائد الإقراض إلى 26%، وسعر العملية الرئيسية وسعر الخصم إلى 25.5%.
واعتبر الصندوق هذه الخطوة "سابقة لأوانها"، خاصة في ظل تعافي الاقتصاد المصري من موجات تضخمية حادة بلغت ذروتها عند 32.9% في سبتمبر 2023.

توقعات تقرير التضخم
ومن المتوقع أن يركز تقرير البنك المركزي المصري على عدة محاور للرد على مخاوف الصندوق وتوضيح الوضع الاقتصادي:
- معدل التضخم الحالي: سيوضح التقرير أحدث بيانات التضخم، حيث سجل المعدل السنوي 13.6% في مارس 2025، بانخفاض كبير عن ذروته السابقة، وسيؤكد التقرير على استمرار المسار النزولي للتضخم خلال 2025 و2026، مدعومًا باستقرار سعر الصرف وزيادة الاحتياطيات الأجنبية.
- تبرير خفض الفائدة: سيبرر التقرير قرار خفض أسعار الفائدة كجزء من سياسة نقدية توسعية تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي، مع الإشارة إلى أن القرار استند إلى تحليل دقيق للبيانات الاقتصادية، كما سيؤكد البنك المركزي على جاهزيته لاتخاذ إجراءات تصحيحية إذا استدعت الظروف.
- الاحتياطيات والتمويل الخارجي: سيسلط التقرير الضوء على تحسن الاحتياطيات الدولية، التي تجاوزت 47 مليار دولار في مارس 2025، وجذب تمويل خارجي بقيمة 57 مليار دولار، بما في ذلك حزمة دعم إماراتية كبرى ومشروع رأس الحكمة الذي يتوقع أن يجذب 150 مليار دولار.
- الرد على الصندوق: سيعمل التقرير على دحض تحذيرات الصندوق من خلال تأكيد مرونة الاقتصاد المصري، خاصة في إدارة سعر الصرف وتنفيذ إصلاحات مثل خفض الدعم ورفع أسعار الطاقة، التي ساهمت في تحسين مؤشرات النمو والاستقرار النقدي.
ورغم التقدم، يواجه الاقتصاد المصري تحديات كبيرة، فقد أشار الصندوق إلى أن السوق المصري لا يزال عرضة لتقلبات التدفقات الرأسمالية، حيث سجل خروج أكثر من مليار دولار في أبريل 2025، وفقًا لتقديرات بنك "جولدمان ساكس".
كما حذر محمد معيط، المدير التنفيذي لصندوق النقد، من أن خفض الفائدة دون تحليل دقيق قد يؤدي إلى صعوبات في التراجع عن القرار لاحقًا.
إضافة إلى ذلك، تعد التوترات التجارية العالمية، وخاصة القرارات الجمركية الأمريكية، عامل ضغط إضافي على الاقتصاد المصري، الذي يعتمد بشكل كبير على الواردات، ومع استمرار الصراعات الإقليمية، يظل الاقتصاد عرضة لصدمات خارجية قد تعيق جهود خفض التضخم.
آفاق مستقبلية
ويتوقع المحللون أن يسهم تقرير التضخم في تعزيز الثقة بالاقتصاد المصري، خاصة مع استمرار الإصلاحات وجذب الاستثمارات الأجنبية، وقد أشاد صندوق النقد الدولي بـ"مرونة سعر الصرف" وتحسن مؤشرات النمو، مما يعزز التفاؤل بتحقيق استقرار طويل الأجل.
ومع ذلك يشدد الخبراء على ضرورة الحفاظ على سياسة نقدية حذرة لتجنب موجة تضخمية جديدة، مع تعزيز مشاركة القطاع الخاص لدعم النمو المستدام.
0 تعليق