البنوك المغربية المدرجة ببورصة الدار البيضاء تتحدى الأزمة وتحافظ على الربحية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

حافظت البنوك المدرجة في بورصة الدار البيضاء على ربحيتها العالية، رغم التحديات الاقتصادية المتمثلة أساسا في ارتفاع أسعار الفائدة وتزايد الضغوط التضخمية، حيث كشف تقرير صادر عن مركز “التجاري للأبحاث”” (Attijari Global Research) عن توقعات نمو قوية لأنشطة القروض خلال 2024، بالتزامن مع تحسن أسعار الفائدة وزيادة احتياطيات العملة الصعبة؛ مما يعزز أداء القطاع البنكي المغربي خلال السنوات المقبلة.

وحسب التقرير الجديد، تمكنت البنوك من تحصين مستوى تطور أرباحها ورقم معاملاتها، والمحافظة على استقرار نفقاتها التشغيلية والاستثمارية، بفضل عوامل عديدة؛ بينها مرونة السياسات النقدية المتبعة، والقدرة على التكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية، حيث سجل ناتجها البنكي الصافي (PNB) نموا بنسبة 6.1 في المائة خلال السنة الماضية، مع توقعات باستمرار هذا الاتجاه الإيجابي ليصل إلى 5.8 في المائة كمعدل سنوي خلال الفترة بين 2024 و2026.

ورغم الأداء القوي المتمثل ارتفاع صافي الربح المجمع للبنوك المدرجة إلى 15 مليار درهم في 2023، بزيادة قدرها 20.6 في المائة مقارنة مع 2022، شهد القطاع البنكي زيادة في تكلفة المخاطر بنسبة 24.7 في لمائة، نتيجة تطور المخاطر السيادية في إفريقيا؛ إلا أن البنوك تبنت نهجا “محافظا للغاية” في التعامل مع هذه المخاطر، ما ساهم في الحد من تأثيرها على الربحية الإجمالية. وتوقع تقرير مركز “التجاري للأبحاث” أن تشهد السنة الجارية تراجعا طفيفا في الفئة المذكورة من التكاليف، مع استئناف الاستثمارات العمومية في المملكة.

المحافظة على الربحية

أظهرت البنوك المدرجة في بورصة الدار البيضاء مرونة كبيرة في 2023، حيث حافظت على نمو مستدام في أرباحها، منذ أزمة كوفيد-19، حيث نشطت السنة الماضية في سياق انتعاش اقتصادي بلغ 3.4 في المائة، بعد 2022 التي كانت أقل إيجابية مع تسجيل نمو ضعيف في الناتج الداخلي الإجمالي بنسبة 1.5 في المائة، وفقا لتقرير مركز “التجاري للأبحاث”، الذي لاحظ محللوه مرونة واضحة في مؤشرات التجارة الخارجية، بما حصن احتياطيات النقد الأجنبي بالمملكة فوق مستوى 5 أشهر من الواردات.

وأوضح سليم شهابي، مستشار مالي وبنكي، في تصريح لهسبريس، أن التحسن في احتياطيات العملة الصعبة عزز قدرة البنوك على توفير سيولة كافية لدعم نمو القروض؛ وهو ما يتوقع أن يكون أحد المحركات الرئيسية للنمو في 2024.

وأكد بالقول إن “الانتعاش المتوقع في القروض سيتزامن مع انخفاض الضغوط التضخمية وبدء مرحلة جديدة من التيسير النقدي؛ ما سيعزز من فرص المؤسسات الائتمانية في تحقيق مداخيل أكبر خلال السنوات المقبلة”.

وعزا محللو “التجاري للأبحاث” نمو أرباح البنوك إلى الدينامية الإيجابية لجميع مكونات الناتج البنكي الصافي، بما في ذلك هامش الفائدة (7.1 في المائة)، وهامش العمولات (10.6 في المائة)، وأنشطة السوق (50.1 في المائة)؛ فيما استنتجوا من تحليلهم لنتائج القطاع خلال السنة الماضية والفصل الأول من السنة الجارية أن نمو القروض في المغرب أصبح مدفوعا بالديناميو الإيجابية لقروض التجهيز، والتي سجلت زيادة بنسبة 10.1 في المائة.

واعتبر المحللون هذه الاتجاهات مستدامة على مدى السنوات الخمس المقبلة، نظرا للتحديات الكبرى التي تواجهها المملكة؛ مثل تنظيم كأس العالم 2030، وإدارة الضغوط المائية، وإعادة بإعمار منطقة الحوز، وأهداف التحول نحو الطاقة الخضراء.

كلفة التضخم والمخاطر

توقع محللو “التجاري للأبحاث أن تستمر أنشطة السوق في دعم نمو الناتج البنكي الصافي للبنوك خلال ما تبقى من السنة الجارية، حيث يرتقب أن تواصل المؤسسات الائتمانية العمل في بيئة أكثر ملاءمة مع تراجع الضغوط التضخمية، وبدء مرحلة جديدة من التيسير النقدي من قبل بنك المغرب، بالإضافة إلى الوضع المالي المريح للمالية العمومية، مشيرين إلى أن تطور مؤشر الكفاءة التشغيلية (COEX) على مدى السنوات الأخيرة يعكس جودة تدبير البنوك في المملكة. وشهد هذا المؤشر انخفاضا مستمرا منذ 2018، ليتراجع من 52.7 في المائة إلى 47.2، بفضل التحكم في زيادة التكاليف الإدارية، التي ارتفعت بنسبة 3.7 في المائة سنويا في المتوسط.

وبالنسبة إلى محمد شرايبي، محلل مالي ومستشار ببنك للأعمال في الدار البيضاء، فالقطاع البنكي استطاع الصمود بفضل سياسات تنويع المداخيل والتحكم في التكاليف.

وفسر شرايبي، في تصريح لهسبريس، هذا الأداء الجيد في ظل الزيادات في أسعار الفائدة بالنتائج المحققة عن تبني المؤسسات الائتمانية استراتيجيات مرنة تساعدها على الاستفادة من هوامش فائدة أفضل وتحقيق نمو مستدام، مؤكدا بالقول إن “التحسن المتوقع في احتياطيات العملة الصعبة سيعزز الثقة في الاستثمارات الأجنبية ويحفز القروض التجارية”، مشيرا في السياق ذاته إلى أهمية تطوير المشاريع الرقمية في القطاع باعتبارها رافعة جديدة تتيح للبنوك مواصلة تحسين كفاءتها التشغيلية خلال السنوات القادمة.

في السياق ذاته، أضاف شرايبي أن النمو، الذي شهده القطاع البنكي، مرتبط بالدينامية التجارية الملائمة في مجال تعبئة الادخار وتمويل الاقتصاد، مشيرا إلى أن هذا التطور جاء مدعوما بزيادة المداخيل من أنشطة السوق، نتيجة استقرار سعر الفائدة الرئيسي خلال تصف الثاني من السنة الماضية وانخفاض أسعار الفائدة في السوق الثانوية خلال 2023.

وأوضح أن القطاع استطاع تكييف نظامه لإدارة المخاطر مع التغيرات الخارجية للسوق، والتي شملت ارتفاع معدل الفائدة الرئيسي وزيادة نسبة القروض معلقة الأداء، خصوصا بين الزبائن الأفراد والشركات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق