شهدت حركة الملاحة في البحر الأحمر مؤخرًا بوادر انتعاش ملحوظ، وذلك بالتزامن مع تقارير تفيد بتقليص جماعة الحوثي لأهدافها في استهداف السفن التجارية. هذا التطور يمثل بصيص أمل للعديد من شركات الشحن العالمية التي عانت من اضطرابات غير مسبوقة وتكاليف باهظة نتيجة للهجمات المتكررة في الممر الملاحي الحيوي.
وفقًا لوكالة رويترز، ارتفعت حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر بنسبة 60% لتصل إلى حوالي 36-37 سفينة يوميًا منذ أغسطس 2024.
بعد أشهر من التحويلات القسرية للسفن عبر طريق رأس الرجاء الصالح الأطول والأكثر تكلفة، بدأت بعض الشركات في إعادة تقييم مساراتها مع تزايد مؤشرات هدوء الأوضاع، وفقًا لموقع "كونتينرز نيوز" المتخصص في أخبار الشحن البحري الدولي.
وتأتي هذه التغييرات في سلوك الحوثيين في ظل ضغوط دولية مكثفة وجهود وساطة تهدف إلى التوصل لحلول سياسية للأزمة في اليمن.
وقد أوضح الأدميرال البحري فاسيليوس غريبارياس، قائد المهمة البحرية الأوروبية "أسبيديس "(Aspides)، أن عدد السفن التي تمر عبر مضيق باب المندب الضيق قد ارتفع بعد تباطؤ في هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة، بالتزامن مع اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة والجماعة المتمردة.
بينما لا يزال الحذر سيد الموقف لدى العديد من أصحاب السفن وشركات التأمين، فإن تقليص نطاق الهجمات ليشمل فقط السفن المرتبطة بإسرائيل أو تلك المتجهة إليها، بدلًا من الاستهداف العشوائي، قد أسهم في تخفيف حدة التوتر بشكل كبير.
ويؤكد غريبارياس أن الجماعة قد ضيقت نطاق تركيزها، معلنة علنًا أنها تستهدف السفن ذات الملكية الإسرائيلية، أو تلك التي لها صلات بإسرائيل، أو التي رست في موانئ إسرائيلية.
وقال: "إذا كانت سفينتك لا تفي بهذه المعايير، فهناك فرصة تزيد عن 99% ألا يتم استهدافك من قبل الحوثيين".
هذا التغيير، وإن كان لا يزيل التهديد بالكامل، يسمح بتخطيط أكثر فعالية للمسارات ويقلل من حالة عدم اليقين التي كانت تسيطر على الصناعة البحرية.
ومع ذلك، لا يزال الطريق أمام استعادة الثقة الكاملة في أمن البحر الأحمر طويلًا. فبالرغم من هذا الانتعاش، لا يزال حجم حركة الملاحة أقل بكثير من مستويات ما قبل الأزمة التي سجلت قبل أن تبدأ حركة الحوثيين في اليمن باستهداف الشحن التجاري في المنطقة، حيث كانت تبلغ 72-75 سفينة يوميًا في المتوسط قبل بدء حملة الحوثيين في نوفمبر 2023، والتي أطلقت لدعم الفلسطينيين خلال حرب إسرائيل وغزة.
وأشار غريبارياس إلى أنه في أدنى نقطة لها في أغسطس 2023، انخفضت حركة الملاحة إلى ما بين 20 و23 سفينة فقط يوميًا.
كما حذر غريبارياس من أنه لا يمكن تقديم ضمانات مطلقة بشأن سلامة السفن التجارية.
وأضاف أن بعض شركات الشحن لا تزال مترددة في استخدام هذا المسار بسبب العدد المحدود من سفن مهمة أسبيديس المتاحة للمرافقة، مما قد يؤدي إلى تأخيرات تصل إلى أسبوع. وحتى الآن، قدمت عملية أسبيديس حماية وثيقة لـ 476 سفينة تجارية، واعترضت 18 طائرة مسيرة، وحيدت قاربين يتم التحكم فيهما عن بعد كانا يستخدمان في الهجمات، ودمرت أربعة صواريخ باليستية، وفقًا لغريبارياس.
يتطلب الانتعاش المستدام للحركة الملاحية التزامًا واضحًا من جميع الأطراف بوقف الهجمات وضمان حرية الملاحة. الشركات لا تزال تتحمل تكاليف تأمين مرتفعة، والعديد من القبطان يفضلون الانتظار للتأكد من استقرار الأوضاع قبل العودة إلى الممر بشكل كامل.
يبقى التحدي الأكبر هو بناء بيئة مستقرة تضمن عدم تكرار مثل هذه الاضطرابات، مما يعيد للبحر الأحمر مكانته كأحد أهم الشرايين الاقتصادية والتجارية في العالم.
0 تعليق