سيطرة الصين على معادن "تغير المناخ".. أسرار الحرب بين الشرق والغرب (تقرير)

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

على غرار مرض الإيدز والإرهاب، جاءت أزمة تغير المناخ لتصبح هاجس العصر الجديد، وظهرت الصين فجأةً بصفتها مسيطرًا رئيسًا -ولكن بشكل غير مباشر- على التجارة العالمية المرتبطة به.

ويوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن موضوع التغيرات المناخية أصبح الشغل الشاغل للحكومات، وهناك من ركبَ الموجة، وأعطى الموضوع أكبر من حجمه بكثير.

وأضاف: "من ركبَ الموجة خلقَ صناعات ضخمة مرتبطة بمسألة تغير المناخ، كلّها تستفيد من الإنفاق الحكومي في الدول المختلفة، بتريليونات الدولارات؛ إذ كانت بمئات الملايين في البداية، قبل أن يزيد حجمها".

ولفت إلى أنه تمَّ التحكم بالتجارة الدولية بناءً على تغير المناخ، والتحكم بحركة رؤوس الأموال والتمويل الدولي، وتغيرت القوانين والعقود. بحيث لم يعد هناك عقد تجاري خلال السنوات الـ10 الأخيرة، أو بين دول، إلّا ويضم فقرات تتحدث عن الأمر.

جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها الحجي بمساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، بعنوان "الصين تتحكم في أسواق الطاقة العالمية.. كيف ولماذا؟".

سيطرة الصين على تجارة تغير المناخ

تطرَّق أنس الحجي إلى موضوع سيطرة الصين على تجارة تغير المناخ، موضحًا أن العقود خلال السنوات الأخيرة نصّت على أن من لا يلتزم بسياسات المناخ لا يحصل على تمويل أو استثمارات، وهناك بعض الشركات ستنسحب إذا لم تلتزم، وكلّه للتحكم في النهاية.

لذلك، فإن الإشكال الذي حدث بعد ذلك، أنه مع بروز تغير المناخ، ساعدت هذه المجموعات أو الدول الغربية، التي تبنّت المشروعات في السيطرة على العالم والتجارة العالمية، ولكن العالم الغربي واجه صفعة وذهولًا، عندما اكتشف أن بكين تسيطر بشكل غير مباشر.

المعادن الحيوية في أفريقيا

ولفت مستشار تحرير منصة الطاقة إلى أن القيادة الصينية أدركت أن الغرب يحاول التحكم بها وبتجارتها وصناعتها واستثماراتها عن طريق تغير المناخ، لذلك فإن كل هذه الاجتماعات وغيرها تستهدف تحجيم التجارة الدولية بطريقة معينة، ومن ثم تحجيم بكين والسيطرة عليها.

لذلك، بدلًا من أن تواجههم -لأنها تعلم أنها لا تستطيع مواجهة الغرب، خاصة عسكريًا- تبنّت سياسات لا تظهر للعالم في ذلك الوقت، وهي السيطرة على كل المعادن وكل ما يلزم سياسات تغير المناخ وتحول الطاقة.

وتابع: "سيطرت الشركات الصينية -بهدوء- على المعادن اللازمة لأوروبا وأميركا، ومنها المعادن النادرة كما هو معروف، ولكن أيضًا كل المعادن المتعلقة بأمور أخرى، بما فيها النحاس والنيكل والكوبالت وغيرها، وكلّها لازمة للألواح الشمسية وطاقة الرياح، والسيارات الكهربائية، وبطارياتها، وبطاريات تخزين الكهرباء".

ولم تكتفِ بكين بالسيطرة على كل هذه المعادن، بل سيطرت أيضًا على معالجتها، لأن هذه المعادن تكون خامًا، فموضوع الخام يحتاج إلى معالجة، ومن ضمن ما فعلته أنها بدلًا من المعالجة في البلد المنتج، أنشأت مصانع على أراضي الصين، وأصبحت تستورد المعادن وتعالجها على أراضيها، لكي تسيطر على هذه الصناعات.

بعد ذلك، طورت بكين صناعة السيارات الكهربائية، والبطاريات، كما طورت ألواح الطاقة الشمسية، بحيث كانت -وما تزال- تسيطر على سوق الألواح الشمسية في العالم، والشيء نفسه بالنسبة إلى طاقة الرياح.

السيارات الكهربائية الصينية

وهنا، وفق أنس الحجي، اكتشف العالم الغربي أنّ مخططه للسيطرة على الصين انعكس عليه تمامًا، لأنها تسيطر على مستقبله بالسيطرة على كل ما يلزم للتغير المناخي والتحول الطاقي، لدرجة أن المحافظين في أوروبا وأميركا الآن يعتقدون اعتقادًا جازمًا أن فكرة تغير المناخ جاءت من بكين.

رد فعل الغرب على السيطرة الصينية

أشار أنس الحجي إلى ردّ فعل الغرب على السيطرة الصينية على كل ما يتعلق بسياسات تغير المناخ، التي كانت قوية جدًا، إذ تمثلت في الحروب التجارية والتعرفة الجمركية، وردود فعل الرئيس الأميركي دونالد ترمب فيما يخصّ الرسوم الجمركية.

لذلك، في النهاية، كان كل ما يحدث عبارة عن حرب بين الغرب والشرق، وكانت ردّة فعل الشرق قوية جدًا، ولكن بشكل هادئ، واكتشف الغرب متأخرًا هذه الأمور، فكانت ردّة فعله عنيفة.

وهنا -وفق خبير اقتصادات الطاقة- بدأ الغرب يتحدث عن الاستعداد الحرب، لأن بكين ستغزو تايوان وتضمّها لها مرة أخرى، لأن الأخيرة -قانونيًا حتى الآن، وحسب الأمم المتحدة- ما زالت ضمن الصين وتابعة لها، لكنها دولة مستقلة منذ زمن بعيد، وتدعمها الأمم المتحدة بشكل كبير.

وأضاف: "بدأت الاستعدادات العسكرية للحرب مع الصين إذا قررت غزو تايوان، وبدأ الكلام العسكري وغيره، وبدأت الولايات المتحدة بإرسال قوات البحرية الأمريكية للمنطقة وغيرها".

وأوضح أن الموضوع الآن واضح تمامًا، أن الغرب يحاول السيطرة على التجارة الدولية، ولكنه تفاجأ بأن بكين هي المسيطرة، لا سيما ما يخصّ موضوع تغير المناخ، فحدثت الحرب التجارية وردة الفعل الخاصة بالرسوم الجمركية.

الرئيس ترمب أثناء إعلانه الرسوم الجمركية على دول العالم قبل تعليقها لاحقًا
الرئيس ترمب خلال إعلانه الرسوم الجمركية على دول العالم قبل تعليقها لاحقًا - الصورة من Los Angeles Times

سيطرة غربية على البحر الأحمر

أوضح أنس الحجي أن سيطرة الصين على تجارة وصناعة التغير المناخي قابلتها سيطرة غربية على البحر الأحمر، وهو الطريق الذي تستورد من خلاله بكين المواد الخام والمعادن النادرة من أفريقيا وأميركا الجنوبية.

وأضاف: "تحصل بكين على هذه المعادن عبر البحر الأحمر، ثم تعالجها لتنتج منها الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والعنفات والسيارات الكهربائية والبطاريات، وكذلك بطاريات التخزين، وأشياء كثيرة، ولكن لمن ترسلها؟".

وقال، إن بكين تصدر هذه المنتجات إلى الدول المتقدمة، لأنها هي التي تتبنى سياسات تغير المناخ، فتذهب منتجاتها إلى أوروبا وأميركا عبر البحر الأحمر أيضًا، أي إن المواد تأتيها خامًا عبره، ثم تصدّرها من خلاله مرة أخرى.

تغير المناخ

لذلك، ضمن ردة فعل الغرب على الصين، كان لا بدّ من السيطرة على البحر الأحمر، ومن ثم جاءت البحرية الأميركية والبريطانية، وسيطرت على الممر الملاحي المهم، ولأنها كانت تريد سببًا مباشرًا لوجودها المكثف هناك، ركبت موجة حرب غزة وضرب الحوثيين للسفن.

وأكد الحجي أن موضوع الحوثيين وضرب السفن لا يبرّر -على الإطلاق- ولا يسوّغ ردّة فعل شركات الشحن الأجنبية بالشكل الذي حدث، ولا يسوّغ بأيّ شكل من الأشكال الوجود العسكري المكثف للولايات المتحدة وبريطانيا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق