تتعرض الطاقة النووية في فرنسا لانتكاسة جديدة، بعد اكتشاف تشققات محتملة في أحد مفاعلاتها الرئيسة، ما أثار المخاوف من الاضطرار إلى تخفيض الإنتاج النووي.
وارتفعت أسعار الكهرباء الفرنسية في الأيام الماضية، عقب اكتشاف التشققات في مفاعل الطاقة النووية الفرنسي "سيفو 2" بقدرة 1.5 غيغاواط، وفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ومن ثم يستعد المشاركون في سوق الطاقة الألمانية لتحوّلات محتملة في التجارة عبر الحدود مع فرنسا، نتيجةً لأيّ تمديدات مطولة لانقطاعات مفاعلاتها النووية.
وتسببت الانقطاعات السابقة غير المجدولة والممتدة في عدد من المفاعلات الفرنسية عام 2022 بارتفاع أسعار الكهرباء في أوروبا، ما أثّر بشكل ملحوظ في فروق أسعار الكهرباء بين فرنسا وألمانيا.
مفاعل الطاقة النووية في فرنسا
مفاعل الطاقة النووية "سيفو 2"، المملوك لشركة كهرباء فرنسا "إي دي إف" (EDF)، متوقف حاليًا عن العمل لإجراء الصيانة.
وأفاد مصدر في شركة "إي دي إف" بأن الشركة ستفحص 3 مفاعلات إضافية -"سيفو 1" و"شوز 1" و"شوز 2"- في أعقاب اكتشاف التشققات في "سيفو 2"، يوم الأربعاء (11 يونيو/حزيران 2025).
ووفق قاعدة بيانات محطات الطاقة النووية لدى منصة الطاقة المتخصصة، تمتلك فرنسا 18 محطة نووية تجارية، تُشغّلها جميعها شركة كهرباء فرنسا، بإجمالي 57 مفاعلًا قيد التشغيل.
وتستمد فرنسا 70% من كهربائها من الطاقة النووية بفضل سياستها الراسخة في ترسيخ أمن الطاقة، و17% من كهرباء البلاد تأتي من الوقود النووي المعاد تدويره.
في العام الماضي (2024)، استوردت ألمانيا 23.4 تيراواط/ساعة من الكهرباء، حيث غطّت الواردات من فرنسا 84% منها.
وكانت ألمانيا تُعدّ مُصدّرًا صافيًا لمدة 21 عامًا؛ ثم أصبحت مستوردًا صافيًا للكهرباء بعد إغلاق ما مجموعه نحو 10 غيغاواط من وحدات الفحم الحجري والفحم البني العام الماضي (2024)، وإيقاف توليد الطاقة النووية عام 2023.

تداعيات انخفاض واردات ألمانيا
قال محلل الطاقة في شركة "كبلر" أليساندرو أرمينيا، إنه حال توقُّع السوق انخفاضَ واردات الكهرباء من فرنسا، فقد يضغط ذلك على الأسعار الألمانية صعودًا.
وبلغ سعر عقد الحمل الأساس الألماني المستحق في العام المقبل نحو 92.60 يورو (107 دولارات) لكل ميغاواط/ساعة، أي أعلى بنحو 24 يورو (27.73 دولارًا) من نظيره الفرنسي، وكان فارق الأسعار بين البلدين قد وصل إلى 30 يورو (34.67 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة في مايو/أيار.
(اليورو= 1.16 دولارًا أميركيًا)
وقال أرمينيا: "إذا صحّ ذلك (حدوث تآكل) وتأثَّر المزيد من محطات الطاقة النووية، فسينخفض الفارق، وأتوقع أن يشهد المنتج الفرنسي ارتفاعًا أقوى".
وأضاف: "إذا نفت شركة كهرباء فرنسا، أو برهنت على سيطرتها على الوضع، فستتّسع الفجوة مجددًا إلى المستويات التي شهدتها قبل بضعة أسابيع".
وحذّر كبير المحللين في شركة الاستشارات آي سي آي إس (Icis)، لوكا أوربانوتشي، من أن عقد الكهرباء الفرنسي المستحق في العام المقبل قد يرتفع بنسبة تصل إلى 45% حال تكرار انقطاعات محطات الطاقة النووية لأوقات طويلة، كما حدث في عامي 2022-2023، عندما انخفض الإنتاج إلى أدنى مستوى له في 33 عامًا.
ووفقًا لشركة الاستشارات، من المرجّح أن يؤدي تكرار مشكلات الطاقة النووية في فرنسا إلى تعزيز توليد الكهرباء بالغاز، ما يسبّب ارتفاع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بحسب ما نقلته منصة "مونتل" (Montel).
أسعار الكهرباء في أوروبا
في سياقٍ متصل، ارتفعت عقود الكهرباء في أوروبا، يوم الأربعاء (11 يونيو/حزيران 2025)، على خلفية مخاوف من أن تضطر فرنسا إلى خفض إنتاجها النووي، بعد أن أعلنت الهيئة التنظيمية للقطاع أنها رصدت "تلميحات" لاحتمال وجود تآكل إجهادي في أحد المفاعلات.
وأفادت الهيئة الفرنسية للسلامة النووية والحماية من الإشعاع (ASNR) بأن الاختبارات أظهرت عيوبًا محتملة في مفاعل "سيفو 2"، ولكن لم يُؤكَّد وجود تآكل في هذه المرحلة، وأن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الاختبارات.
وقال محللون في مجموعة الخدمات المالية دي إن بي (DNB)، إن التقارير عن العيوب المحتملة في مفاعل سيفو 2 "تُنذر بتجدُّد التوترات في سوق الكهرباء الأوروبية".
وارتفع سعر عقود الطاقة الأساسية للعام التالي في فرنسا إلى أعلى مستوى له في 4 أشهر في التعاملات المبكرة، قبل أن يتراجع إلى 65.80 يورو (75.38 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة بعد ظهر يوم الأربعاء (11 يونيو/حزيران 2025).
وتعاملت شركة كهرباء فرنسا مع تشققات تآكل إجهادي في المفاعل نفسه قبل أقل من 3 سنوات، عندما أدى التآكل في مفاعلات متعددة إلى انخفاض إنتاج الطاقة النووية في فرنسا لأدنى مستوى له في 34 عامًا، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير.
وقد ارتفعت أيضًا عقود الغاز الأوروبية المرجعية للشهر المقبل بنسبة 2.3% لتصل إلى 35.58 يورو (41.11 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة.
وأوضح أحد المتداولين أن المخاطر التي يتعرض لها أسطول محطات الطاقة النووية في فرنسا كانت المحرك الرئيس للطلب على الغاز يوم الأربعاء (11 يونيو/حزيران 2025)، بحسب ما نقلته وكالة رويترز.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- تضرر ألمانيا من انتكاسة الطاقة النووية في فرنسا من منصة "مونتل"
- ارتفاع أسعار الكهرباء الأوروبية بعد أزمة الطاقة النووية في فرنسا من وكالة رويترز
0 تعليق