بوقنطار يشخّص واقع العزلة الجزائرية أمام الدينامية الدبلوماسية المغربية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تطرق الأكاديمي المغربي الحسن بوقنطار إلى المسار الذي سلكته الدبلوماسية الجزائرية منذ السبعينيات إلى اليوم، خاصة في ما يتعلق بـ”الانتكاسات والإخفاقات التي سجلتها حول ملف الصحراء، في وقت تبدو الدبلوماسية المغربية على النقيض من ذلك، أي في وضعية إيجابية تصاعدية بدأت معالمها تتبلور منذ سنوات”.

وأشار بوقنطار، في مقال له بعنوان “عزلة جزائرية ودينامية مغربية”، إلى أن “المقاربة الجزائرية بقيت متحجرة تقتات من ريع ماضوي وغير قادرة على التكيف مع التحولات الجهوية والدولية”، مؤكدا، في المقابل، أن “المقاربة المغربية التي تبلورت مع الملك محمد السادس لم تقتصر على التشبث بالوحدة الترابية من خلال مشروع تنموي لهذه المنطقة، وتوطيد انخراط المواطنين في الدينامية السياسية والمجتمعية، بل تعدت ذلك إلى العمل على موقعة المغرب كفاعل منصت لهواجس قارته”.

نص المقال:

يتفق أغلب المحللين المتنبهين إلى التطورات المتعاقبة في المنطقة المغاربية على عدد من الاستنتاجات المتعلقة بحالة الصراع والتقاطب الذي باتت تسم المنطقة، من أبرزها وجود اتجاهين واضحين يجسدهما قطبا الرحى في هذه المنطقة، وهما المغرب والجزائر؛ الأول تجسده الجزائر التي تعطي الانطباع على إصرار مسؤوليها على سلوك وحيد يتمثل في معاكسة مصالح المغرب، خاصة في ما يتعلق بقضية الصحراء، دون التفاعل بشكل إيجابي مع التحديات الجيوسياسية التي تعرفها المنطقة، وأما الاتجاه الثاني فيبلوره المغرب، عبر مقاربة دينامية تسعى إلى الدفاع عن الوحدة الترابية بإصرار، لكن مع التفاعل مع الشرعية الدولية، وفي السياق نفسه موقعة المملكة كدولة تسعى إلى مواجهة التهديدات الجيوسياسية المتنوعة بنوع من الواقعية والبرغماتية.

أولا: عزلة الجزائر

في قراءة لتطورات الدبلوماسية الجزائرية لا يمكن إلا أن نقف عند المكانة التي كانت تحتلها طيلة السبعينيات، التي كانت تبوئها موقعا مرموقا ضمن الدول الطامحة إلى بناء نظام اقتصادي عالمي جديد، مستفيدة من رصيدها النضالي ضد الاستعمار، الذي تكرسه باستمرار مقولة المليون شهيد، ومن المناخ السائد آنذاك، الذي كان مثخنا بمناهضة القوى الاستعمارية والإمبريالية، التي كانت تواجه صعوبات في فرض مواقفها في مواجهة المعسكر الاشتراكي، ومن التراكم المالي الناجم عن ارتفاع أسعار النفط في خضم تداعيات حرب أكتوبر 1973 بين إسرائيل والعالم العربي.

قد تكون هذه العوامل ساعدت على إفراز نخبة دبلوماسية جزائرية ساهمت بشكل ملموس في النقاشات والقضايا الدولية، وفي الوقت نفسه تحقيق نتائج واضحة في ما يتعلق بقضية الصحراء، لعل أبرزها تمكين ما تسمى “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” من الانضمام إلى منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1984، ما أفضى إلى انسحاب المغرب، وترك المقعد شاغرا، ومن ثم الفرصة مواتية للجزائر وحلفائها لبسط نفوذهم على المنظمة، وتمرير عدد من القرارات المناهضة لمصالح المغرب.

لكن هذا العصر الذهبي للدبلوماسية الجزائرية لم يستمر طويلا، وقد يعود ذك بالأساس إلى التحولات التي شهدها العالم أواسط الثمانينيات، التي بدأت مع وصول غورباتشف إلى السلطة في الاتحاد السوفياتي، الذي كشف من خلال تحليله واقع بلاده عن وجود هوة عميقة بين المشروع الاشتراكي المأمول والواقع المعاش للمواطنين في كافة المجالات بالمقارنة مع الدولة الغربية. تبعا لذلك سيدخل العالم في سلسلة من الهزات العميقة، لعل أبرزها انهيار المعسكر الاشتراكي برمته، وحصول ما سماها “هانتغتون” الموجة الثالثة للديمقراطية التي ستعصف بعدد من الدول التي كانت تتغنى بنظام الحزب الوحيد، خاصة في إفريقيا.

ولن يسلم النظام الجزائري من تلك التداعيات، إذ بدا واضحا أن نظام الحزب الوحيد الذي سيطرت عليه جبهة التحرير الوطني لم يعد قادرا على الاستجابة لمطالب المواطنين في ظل تراجع المداخيل النفطية، وتنامي البطالة والركود الاقتصادي، وهو الأمر الذي جسدته المظاهرات التي عرفتها الجزائر في نهاية الثمانينيات، وأفضت إلى بروز قوة جديدة متمثلة في جبهة الإنقاذ، ذات المرجعية الإسلامية، التي كانت على وشك السيطرة الانتخابية على السلطة. لكن هذا المبتغى أجهض بفعل تدخل الجيش الذي أدخل البلاد في حرب أهلية مدمرة، ستسم الجزائر طيلة عقد التسعينيات المعروف بالعقد الأسود.

ولم تفض فترة رئاسة الراحل بوتفليقة التي استمرت قرابة عشرين سنة إلى تمكين الدبلوماسية الجزائرية من إعادة اكتساب مجدها السابق؛ فرغم أنه كرس حملته الانتخابية لقضايا السياسة الخارجية، وبصرف النظر عن بعض المبادرات التاي لم تلق الصدى المطلوب، فقد واصلت الدبلوماسية الجزائرية معاكستها المغرب، دون أن يصل الأمر إلى القطيعة الدبلوماسية.

لكن هذا الأمر سرعان ما سيتحقق مع الرئيس الحالي الذي بدا خلال حملته الانتخابية أكثر عدوانية إزاء المغرب، ربما لضمان مساندة الجيش الذي يحتاج إلى إنتاج “عدو موضوعي” لضمان حضوره، وتبرير سياسة التسلح. ورغم سياسة اليد الممدودة التي ما فتئ يذكر بها الملك محمد السادس فقد في قررت القيادة الجزائرية سنة 2021 قطع العلاقات مع المغرب، مبررة ذلك بما وصفتها بالأعمال العدائية لهذا البلد.

لكن، في الواقع، فإن هذا القرار كان يعكس في العمق صعوبة توفيق الجزائر بين خطابها الداعي إلى عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وسلوكها المغاير والمناهض بشكل مستدام للمغرب، خاصة في ما يتعلق بقضية الصحراء.

أزمة الدبلوماسية الجزائرية ستتكرس ليس فقط عبر المحيط المغاربي، بل إنها ستواجه انتكاسة واضحة في منطقة الساحل، حيث كانت تقدم نفسها كوسيط مقبول؛ بيد أن التحولات التي عرفتها مجموعة من الدول، كمالي وبوركينافاسو والنيجر، ستدخل عناصر جديدة في المعادلة الجيوسياسية لهذه المنطقة الحبلى بالتحديات.

أكثر من ذلك بدا فشل الدبلوماسية الجزائرية واضحا من خلال العجز عن الانضمام إلى ما تسمى مجموعة البريكس BRICS التي توسعت لتشمل دولا أخرى، لكنها بالمقابل رفضت ضم الجزائر خلال القمة التي انعقدت في أغسطس 2023، رغم المحاولات اليائسة التي قام بها الرئيس الجزائري، ورغم مساندة دول كجنوب إفريقيا وروسيا.

من المعروف أن الحرب الروسية الأوكرانية مكنت الجزائر من رفع مداخيلها الطاقوية، ما ساعدها على شراء السلم الاجتماعي الذي اهتز بفعل الحراك الشعبي، وامتلاك بعض أوراق الضغط بفعل كونها من الدول المصدرة للغاز. وبدا أن الجزائر تريد اللعب بهذه الورقة في مواجهة الأوربيين، من خلال استخدام خطوط تصدير هذه المادة التي جعلت أوربا في وضعية صعبة؛ لكن ينبغي الإقرار بأن عددا من الدول الأوربية لم تتأثر بهذا المعطى، كما يظهر ذلك من خلال عدد الدول التي تبنت المقاربة المغربية في ما يتعلق بحل مشكلة الصحراء.

بصفة عامة يبدو أن المشروع القاضي بإعادة موقعة الجزائر على المستوى الخارجي بقي متواضعا في نتائجه؛ وقد يعود ذلك إلى عجز الحاكمين على إدراك حجم التغيرات المتسارعة التي يعرفها النظام الدولي.

فمن الظاهر أن الجزائر باتت محاصرة ببيئة جيوسياسية غير مستقرة، وهي تتطلب في العمق حلولا مبتكرة وغير تقليدية ومتشنجة.

في مواجهة الإخفاقات المتتالية تظل السياسة الخارجية الجزائرية مهووسة بالعداء للمغرب، من خلال الإصرار على موقف تؤكد التطورات المختلفة والقرارات الدولية على عدم صوابه.

لقد أكد القرار الأخير لمجلس الأمن رقم 2756 عزلة الدبلوماسية الجزائرية داخل المنتظم الدولي؛ فبوصفها عضوا غير دائم بالمجلس حاولت الجزائر تعديل مشروع القرار الذي تقدم به المندوب الأمريكي بوصفه حامل القلم، لكنها أخفقت، إذ إن التعديلين المقترحين على صيغة المشروع تم استبعادهما من طرف أغلبية أعضاء المجلس وفقا للتصويت الذي تم حولهما، ما دفع الجزائر إلى عدم المشاركة في التصويت، وهي سابقة تبين التناقض القائم في الموقف الجزائري بين التشبت بالشرعية الدولية وعدم الخضوع لها عندما تتعارض ومواقفها.

في مواجهة الإخفاقات التي سجلتها الدبلوماسية الجزائرية في ما يتعلق بملف الصحراء تبدو الدبلوماسية المغربية، على النقيض من ذلك، في وضعية إيجابية تصاعدية بدأت معالمها تتبلور منذ سنوات.

ثانيا: دينامية دبلوماسية مغربية

منذ انضمام ما تسمى “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” إلى منظمة الوحدة الإفريقية، في سياق المناخ الدولي الذي تحدثنا عنه سابقا، تولد اقتناع سيتبلور تدريجيا مضمونه أنه لا يمكن الاستمرار في مقاربة قضية الصحراء بالأسلوب نفسه، وأنه لا مناص من إعادة النظر في بعض المعطيات. وبقدر ما كانت التحولات الدولية وكيفية التفاعل معها تضعف الموقف الجزائري كان المغرب يسعى إلى الاستفادة من تلك الظرفية، ليس فقط من خلال مقاربة دبلوماسية، ولكن أيضا من خلال إصلاحات داخلية تسعى إلى توطيد الخيار الديمقراطي وتحسين شروط التنمية، خاصة في المناطق الجنوبية. ودون الرجوع إلى مختلف التطورات يمكن أن نلاحظ أن التسعينيات التي اتسمت على مستوى هذه القضية بالبحث عن شروط الاستفتاء كانت هي نفسها تؤشر على استحالة تنظيمه، لعدة أسباب أسهبنا في تحليلها في مقالات سابقة.

لقد كانت تجربة التناوب التوافقي لحظة متميزة في نهاية مسار الملك الراحل الحسن الثاني، ودالة بصرف النظر عن مخرجاتها على الرغبة في توسيع المشاركة السياسية لقوى جديدة في تدبير الشأن العام، وعاملا مساعدا على الانتقال السلس للعرش إثر وفاة الملك الراحل الحسن الثاني، وتقلد العرش من طرف الملك محمد السادس.

من الواضح أن السياسة الخارجية المغربية ستعرف تغيرات جوهرية، خاصة في ما يتعلق بالتعامل مع قضية الوحدة الترابية؛ ويمكن القول إنها في وقت ظلت متشبثة وصارمة في ما يتعلق بجوهر القضية الذي يبقى قضية استكمال الوحدة الترابية، وليس تصفية الاستعمار، كما يدعي الخصوم، فإنها بقيت مرنة في ما يتعلق بالسبل التي تفضي إلى إنهاء هذا النزاع.

في هذا السياق فإن استعصاء تنظيم الاستفتاء، كما أشر على ذلك المبعوث الأممي جيمس بيكر، واقتراح ما سماه الحل الثالث الذي لم يلق التجاوب الإيجابي من أطراف النزاع، دفع المغرب إلى بلورة مبادرة الحكم الذاتي، وهي المبادرة التي تمثل عملية تركيبية لمبدأين أساسيين في القانون الدولي، هما حق تقرير المصير والمحافظة على الوحدة الترابية للدول.

ومن نافلة القول إن هذه الخطوة المغربية الجريئة لاقت ترحيبا من طرف مجلس الأمن، وكذا انخراطا متواصلا من طرف الدول، كما سنلاحظه لاحقا.

على خلاف المقاربة الجزائرية التي بقيت متحجرة تقتات من ريع ماضوي، غير قادرة على التكيف مع التحولات الجهوية والدولية، فإن المقاربة المغربية التي تبلورت مع الملك محمد السادس لم تقتصر على التشبث بالوحدة الترابية، من خلال مشروع تنموي لهذه المنطقة، وتوطيد انخراط المواطنين في الدينامية السياسية والمجتمعية، بل إنها تعدت ذلك إلى العمل على موقعة المغرب كفاعل منصت لهواجس قارته، وفي الوقت نفسه تغيير مركزها الدولي من خلال تشجيعها على تحمل مسؤولياتها انطلاقا أولا وقبل كل شيء من حشد إمكانياتها الذاتية.

هذا الانخراط المتواصل عبد الطريق لعودة المغرب إلى فضائه المؤسساتي القاري سنة 2017، واضعا حدا لسنوات من سياسة المقعد الشاغر، وموطدا العزم على تصحيح خطأ ضم ما تسمى الدولة الصحراوية في هذا التنظيم القاري؛ وهو الأمر الذي مازال يتطلب الجهود من أجل تحقيقه، في ظل تزايد الدول الساحبة اعترافها بهذا الكيان المصطنع، ما يطرح علامة استفهام حول شرعية استمراره في هذه المنظمة القارية.

لا تستند مظاهر القوة والنفوذ بالنسبة لأي دولة بالارتكاز فقط على عامل وحيد، بل لا مناص من حشد أقصى ما يمكن من العوامل، سواء منها الداخلية أو الخارجية.

إن تعبئة الجبهة الداخلية وراء أي قضية تتطلب مشروعا تنمويا يتوخى تحقيق العدالة الاجتماعية بكل مكوناتها، وخاصة تقليص الفوارق في أبعادها المختلفة، وتحقيق مشاركة سياسية واعية تسمح بإفراز نخب سياسية قادرة على المساهمة في تحقيق الأهداف المتوخاة. وعلى هذا الصعيد تم فتح عدد من الأوراش، سواء في المجال الاقتصادي أو الاجتماعي أو الرياضي الذي يعرف حيوية واضحة في أفق تنظيم المغرب عددا من التظاهرات الرياضية، أبرزها احتضان كأس العالم إلى جانب إسبانيا والبرتغال سنة 2030؛ وهي في عمقها تنطلق من معاينة مضمونها أنه لا يمكن تحقيق تنمية شاملة ومستدامة دون خلق ثروات جديدة تسهم في توسيع الناتج الخام من خلال الاندماج في سلاسل الإنتاج العالمي، وتحويل المغرب من الدول ذات الدخل المتوسط إلى الدول ذات الدخل المرتفع؛ وفي الوقت نفسه العمل على خلق آليات تمكن من توزيع أكثر عدالة، وأكثر حماية للفئات الهشة والمقصية من الدورة الإنتاجية.

من الواضح أن هذه المقاربة الجديدة التي ميزت حكم الملك محمد السادس، وقامت على نوع من القوة الناعمة، مكنت من تحسين صورة المغرب خارجيا، ودفعت عددا من الدول إلى مراجعة حساباتها في ما يتعلق بالتفاعل مع المملكة، إيمانا منها بأن العرض الذي يقدمه البلد في عدد من المجالات يبرر التعامل معه. ومن ثم فقد تنامى عدد الدول الأوربية التي انخرطت في مقاربة المغرب لحل مشكلة الصحراء على أساس مبادرة الحكم الذاتي كأرضية وحيدة للتفاوض. وكرس الموقف الفرنسي الأخير هذا المنحى، وهو موقف يأتي بعد موقف الولايات المتحدة سنة 2020، عندما اعترف الرئيس الأمريكي الأسبق والمرشح حاليا، ترامب، بمغربية الصحراء، مقابل اعتراف المغرب بإسرائيل.

لا ريب أن هذا الانخراط الدولي في الدينامية المغربية ليس من قبيل الصدفة، فهو يستجيب لإدراك مصلحي متبادل، وهو ما يحرك العلاقات بين الدول. وفي السياق نفسه يبرز أن التشبث بالمواقف المبدئية لا يغني عن المرونة المقبولة لمواجهة التحديات والتغيرات المتسارعة في كافة المجالات.

إن هذه الدينامية متعددة الأبعاد لا تعني الركون إلى نوع من الاكتفاء، بل إن الديناميات المتسارعة والمتناقضة التي يعرفها العالم تفرض الاستمرار في العمل الجدي من أجل جعل أي إنجاز يصبح غير قابل للتراجع. فإذا كان المغرب استكمل وحدته الترابية بشكل لا رجعة فيه فإن المطلوب بالنسبة لنا اليوم هو استمرار السعي الحثيث من أجل اعتراف دولي شامل بهذا الواقع. وقد يتحقق ذلك من خلال:

-إقرار مجلس الأمن، على شاكلة عدد من الدول، بمبادرة الحكم الذاتي كأرضية وحيدة للتفاوض من أجل تسوية نهائية لهذا النزاع المصطنع.

– تعديل ميثاق الاتحاد الإفريقي في اتجاه طرد ما تسمى الجمهورية الصحراوية، التي فقدت شرعيتها بفعل سحب أغلب الدول الإفريقية الاعتراف بها.

– إخراج قضية الصحراء من أشغال اللجنة الرابعة لكونها لم تعد إقليما غير متمتع بالحكم الذاتي؛ فهي باتت تشكل جزءا لا يتجزأ من التراب المغربي. أكثر من ذلك ينبغي خلق التواؤم بين مقاربة مجلس الأمن وتلك المتبناة من طرف الجمعية العامة.

وعلى سبيل الختم يبدو واضحا أننا أمام اتجاهين متعارضين في التعامل مع الديناميات التي يعرفها المحيط، ويظهر واضحا أن استمرار الموقف الجزائري المتكلس لا يمكن أن يساعد على مواجهة التحديات الحقيقية لشعوب المنطقة. إن تسوية قضية الصحراء في إطار الحكم الذاتي الذي قد يتوسع إذا انخرطت فيه الأطراف الأخرى لا يمكن أن ينظر إليه كإضعاف للجزائر، فهي دولة شاسعة، وتدعي باستمرار ألا مطالب ترابية لها في المنطقة. بل على العكس من ذلك بدلا من إذكاء سباق نحو التسلح، مكلف بالنسبة للطرفين، وتعميق التصعيد بينهما، لا يمكن إلا أن يزيد من إهدار فرص التنمية، ومن معاناة اللاجئين الصحراويين الذين يعيشون في مخيمات تندوف، ويضيع إمكانيات بناء فضاء مغاربي موسع، فإن انتصار الحكمة يتطلب، كما تشير إلى ذلك قرارات مجلس الأمن، الانخراط بحسن نية في البحث عن حل سياسي، واقعي، وقابل للتحقق ومستدام، يمكن من تحقيق السلام والتنمية في الفضاء المغاربي، وعمقه الإستراتيجي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق