"مدينة الزهور" تواصل الذبول في صمت .. والبنية التحتية تثير تذمر سكان المحمدية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

“كيف ترى الأوضاع التي تعيشها مدينة المحمدية في الآونة الأخيرة؟ وهل أنت راض على مستوى البنية التحتية والفضاءات الخضراء والطرقات والنظافة والخدمات التي ينشدها السكان والزوار؟ وما الأسباب والعوامل التي تتحكم في تلك الأوضاع؟ وكيف تتصور مستقبل المدينة انطلاقا من حاضرها؟”، أسئلة وجهتها جريدة هسبريس الإلكترونية إلى عدد من متتبعي الشأن المحلي بمدينة الزهور، فسارت الردود والآراء في اتجاه التذمر والاستياء والاستنكار والتعبير عن خيبة الأمل.

وانتظر سكان المحمدية، منذ انتخاب هشام آيت منا رئيسا للمجلس الجماعي، انتقالَ المدينة إلى مصاف المدن المتطورة على مستوى البنية التحتية والخدمات المقدمة للمواطن “الفضالي”؛ غير أن الانشغال الدائم لرئيس المجلس الجماعي بالشأن الكروي، خاصة بعدما تولى رئاسة نادي الوداد الرياضي لكرة القدم، أثار غضب واستياء سكان المدينة وزوارها على حد سواء، بعدما تبين لهم أن أوضاع المدينة تسوء يوما بعد يوم.

مشاكل بعضها فوق بعض

من بين متتبعي الشأن المحلي بالمحمدية الفاعلة الجمعوية والسياسية صوفيا بوستاني، التي قالت إن “هذه المدينة، التي عادت 80 سنة إلى الوراء، افتقدت لكل شيء جميل؛ بدءا بالمساحات الخضراء التي أصبحت كارثية، وفي مقدمتها حديقة البارك التي تعيش الآن حالة مزرية، سواء من حيث لون العشب الذي تحول إلى الأصفر أم من حيث سلامة الزوار التي تهددها الكراسي المهترئة”.

وأضافت الفاعلة الجمعوية والسياسية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المتنفس الأول بمدينة المحمدية هو البارك (حديقة الأمير مولاي الحسن)، وحالته في الأشهر القليلة الماضية لا تسر سكان المدينة والزواء؛ والمتنفس الثاني هو la falaise وقد تم إغلاقها منذ مدة في وجوه الجميع”.

ولفتت المتحدثة إلى أن “الحديث عن مدينة المحمدية في هذا الوقت من السنة يفرض علينا التطرق للإقبال الذي تشهده المدينة في فصل الصيف، خاصة على مستوى الشواطئ؛ وهنا لا بد أن نستنكر غياب المراحيض في الشواطئ، وتلوث رمال ومياه البحر، وغياب حاويات الأزبال”.

وشددت صوفيا بوستاني على أن “التنمية وبرنامج عمل جماعة المحمدية لا أثر لهما على أرض الواقع؛ وهو ما تترجمه كثرة الحفر في الشوارع والأزقة، والإنارة شبه المنعدمة بسبب استعمال مصابيح ذات إضاءة برتقالية اللون.. وبالتالي، فإن المصابيح لا تضيء على نفسها فكيف ستنير طريق الراجلين وباقي مستعملي الطرقات والأزقة؟”.

وتساءلت الفاعلة الجمعوية: “هل القائمون على تدبير الشأن المحلي يعرفون تاريخ مدينة المحمدية من جهة، ولديهم نظرة وتصور دقيق لمستقبلها من جهة ثانية؟ أم أنهم أناس لا يقدرون المسؤولية، ولا هَم لهم سوى قضاء ولايتهم الانتخابية، تاركين وراءهم الكوارث حين يصل موعد رحيلهم”.

وعود وسكوت.. وكَيْلٌ طافح

أبرزت صوفيا بوستاني أن “مدينة المحمدية لم تشهد تدشين أي مشروع جديد.. وحين يُسأل رئيس المجلس الجماعي عن المشاريع الممكن إطلاقها فإنه يضرب للجميع موعد شهر يوليوز لإطلاق مشاريع جديدة؛ لكنه لا يحدد عن أي سنة يتحدث، لأن شهر يوليوز لهذه السنة مر دون أن يظهر لوعوده أي أثر”.

وقالت الفاعلة الجمعوية والسياسية: “اليوم، الكل يتحمل المسؤولية.. كل من منصبه، سواء تعلق الأمر برئيس الجماعة أم المستشارين الذين أجهل دورهم داخل جماعة المحمدية.. وهنا لا بد أن أعيب على المعارضة ‘لَحْنِينَة’ التي تسارع إلى التصويت في الوقت الذي تلعب الأغلبية دور المعارضة بشكل قد يجعل المحمدية مدينة الاستثناء في هذا المجال”.

وأضافت: “لقد طفح الكيل من هذا العبث الذي تعيشه المدينة”، محملة المسؤولية للجميع، بمن فيهم “الفاعلون السياسيون والجمعويون والحقوقيون وباقي المواطنين”، مشيرة إلى أن “المجتمع المدني كان يمارس دوره مع المجالس السابقة بكتابة العرائض وتنظيم الوقفات…، ثم اختفى مع المجلس الجماعي الحالي”.

وبعدما تساءلت المتحدثة عن مدى ارتباط سكوت المجتمع المدني بـ”الخوف من ضياع المنحة”، استدركت وأكدت أن “المنحة حق مشروع شاء من شاء وكره من كره؛ لكن المسؤولية نحو المدينة تبقى على عاتق كل المعنيين بتنميتها، كل من موقعه ومسؤوليته ومنصبه”.

واقع كارثي ومستقبل غامض

وعن الأشهر والسنوات المقبلة، قالت صوفيا بوستاني: “لا مستقبل لمدينة المحمدية إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن؛ لكن رجاءنا الآن في مسؤوليْن اثنيْن فقط، هما والي جهة الدار البيضاء سطات وعامل عمالة المحمدية، من أجل النهوض بهذه المدينة وتعزيزها بمشاريع تليق بقيمتها”.

وفي سياق آخر، أشارت الفاعلة الجمعوية إلى أن “الأوضاع الكارثية بمدينة المحمدية لا تقتصر على المشاريع والبنية التحتية فقط؛ بل تشمل أيضا الوضع الصحي المرزي في المستشفى الإقليمي، والفضيحة الرياضية التي يعيشها النادي العريق ‘شباب المحمدية’ الذي يتخبط في مشاكل عديدة والكل يرتكن إلى الصمت”.

وقالت المتحدثة : “نحن على أبواب كأس العالم 2030، ومن الضروري أن نتساءل ‘ماذا استفادت مدينة المحمدية وهي تمثل صلة وصل بين العاصمتيْن الإدارية والاقتصادية؟'”، مجيبة في الوقت ذاته: “لا شيء الآن، ولن تستفيد شيئا في المستقبل إذا استمرت هذه العشوائية في التسيير”.

وفي رسالتها الأخيرة عبر جريدة هسبريس الإلكترونية، قالت صوفيا بوستاني إن “المحمدية تدق ناقوس الخطر، وستبقى مدينة الزهور خصيمتنا إلى يوم الدين إذا استمر الصمت والعشوائية، وإذا لم يتحمل كل واحد مسؤوليته تجاه هذه المدينة”، مناشِدة والي جهة الدار البيضاء سطات وعامل عمالة المحمدية “التدخل لإنقاذ المدينة وإرجاعها إلى سكتها”.

تصحر الحدائق وتلوث الشواطئ

أما سحيم محمد السحايمي، رئيس جمعة زهور للبيئة والتنمية المستدامة بمدينة المحمدية، فقد قال إن “هذه المدينة تتميز بعدد من الرموز؛ أولها الحدائق العمومية التي منحتها لقب ‘مدينة الزهور’، قبل أن تصاب هذه الحدائق بالتصحر نتيجة تناسي إخضاعها للصيانة، مما يتطلب في الوقت الراهن مضاعفة الجهود لإعادتها إلى وضعها الطبيعي”.

أما الرمز الثاني لمدينة المحمدية، أضاف السحايمي في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، فيتمثل في “شواطئها المعروفة على الصعيد الوطني؛ وعلى رأسها شاطئ المركز الذي يستقطب أعدادا مهمة من المصطافين بسبب الموقع بين مدينتي الرباط والدار البيضاء”.

وقال الفاعل البيئي: “من المؤسف ألا نلمس أية استفادة من موقع شواطئ المحمدية”، مضيفا أن “المسؤولين عن تدبير شؤون المدينة لم يأخذوا بعين الاعتبار أهمية هذا التموقع. لذلك، يعيش الشاطئ والرمال والمياه حالة من التلوث”، لافتا إلى أن “تلوث الرمال تفاقم بسبب الإصلاحات التي شهدها الشاطئ مؤخرا، حيث اختلطت الرمال بالأتربة والأحجار وقطع الحديد الناتجة عن أشغال البناء”.

البيئة.. وعجز المجلس الجماعي

وبخصوص الإصلاحات والمبادرات في المجال البيئي، قال السحايمي: “لم نلمس أية إصلاحات خلال الولاية الحالية للمجلس الجماعي، حيث لم يتم إنشاء أية حديقة جديدة بمدينة الزهور، وفي الوقت ذاته لم يتم إصلاح أي حديقة قديمة؛ وبالتالي أصبح متتبعو الشأن البيئي يحلمون فقط بإصلاح المتوفر من الحدائق، عوض التطلع وانتظار مشاريع جديدة في هذا الباب”.

وأكد المتحدث أن “مبرر الجفاف أصبح متجاوزا، والدليل على ذلك هو نجاح عدد من المدن في معالجة المياه العادمة واستعمالها في سقي المساحات الخضراء، في الوقت الذي تفتقر مدينة المحمدية إلى هذه الحلول رغم أنها تضم حوالي 300 ألف نسمة وتتوفر على شركات كبيرة وتتواجد في موقع استراتيجي”.

وفي ما يتعلق بالنظافة المنشودة من طرف سكان المدينة وزوارها، قال سحيم محمد السحايمي إنها “تتمركز في نقط معينة، ويرجع الأمر ربما إلى الحرص على نظافة الأماكن والفضاءات التي تستقطب الزوار؛ لكن بالنسبة للأحياء الشعبية كالعالية وحي النصر والحسنية… يُسجل الغياب أو شبه الغياب للنظافة”.

تراجع الزهور وزحف المطارح

وفي جانب آخر، كان سكان مدينة المحمدية يفتخرون بلقب “مدينة الزهور” التي أطْلِق عليها منذ سنوات طويلة، وكانوا يستنشقون هواء يحمل في نسماته رائحة الورد؛ لكن عددا منهم صار يعاني مؤخرا من مشاكل انتشار روائح الأزبال التي تتراكم فجأة وسط بعض الأحياء السكنية، محولة المكان إلى مطرح عشوائي تتسع رقعته يوما بعد يوم.

ومن بين المطارح العشوائية التي أثارت استياء متتبعي الشأن المحلي الساحة الواقعة بين شارع مولاي رشيد والإقامات السكنية المطلة على شارع فلسطين، غير بعيد عن المدرسة العمومية الابتدائية البيروني، حيث ساد الاستغراب بين قاطني الحييْن السكنييْن “الرضى” و”الرشيدية ” حول سرعة تحول تلك الساحة إلى مطرح عشوائي وسط المنازل.

وتساءل المتضررون عن كواليس وملابسات تراكم المتلاشيات ومخلفات البناء بتلك الساحة، خاصة أن كمية الأزبال والأتربة والأحجار تزداد باستمرار؛ مما جعل الأزبال ومخلفات البناء تزحف نحو ملعب القرب والإقامات السكنية، وفي اتجاه الطريق السيار أيضا.

أضرار محيطة بالأزبال

أكد يوسف العسولي، وكيل اتحاد الملاك المشتركين بإحدى الإقامات السكنية، أن “هذا المطرح واحد من المطارح التي ظهرت فجأة بالمحمدية وشوهت صورتها، وأصبحت مراعٍ للبهائم وفضاءات مفتوحة لتكاثر الكلاب وانتشار الأزبال، مع ما يرافق ذلك من أضرار صحية ومشاكل اجتماعية”.

وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه المطارح العشوائية تستقطب المتسكعين والمقامرين واللصوص وذوي النوايا السيئة، خاصة في الأوقات المتأخرة من الليل؛ وبالتالي تتسبب في مشاكل للسكان والسلطة والأمن على حد سواء”.

ولفت العسولي إلى أن “عوامل أخرى ترفع من حجم الضرر الناتج عن هذا المطرح العشوائي؛ وتتمثل في ضعف الإنارة وانعدامها أحيانا على طول الشارع الرابط بين مدرسة البيروني والإقامات السكنية، دون الحديث عن حالة الطرقات التي تزيد الطين بلة بعدد من الأزقة والشوارع التي لا تليق بمدينة من حجم وقيمة المحمدية”.

مدارات طرقية قاحلة وبدائية

في الوقت الذي تحرص مجموعة من المدن المغربية على الرفع من جمالية مداراتها الطرقية، وإضفاء لمسة إبداعية على ملتقيات شوارعها الرئيسية، سواء بتزيين المدارات بأضواء مختلفة ألوانها أو بنافورات راقصة مياهها، لا تزال مدينة المحمدية عاجزة عن تغيير الصورة النمطية لمختلف مداراتها الطرقية.

وفي جولة بالشوارع الرئيسية لمدينة الزهور، يتضح أن المدارات الطرقية المنتشرة بمختلف الأحياء السكنية لا تختلف في ما بينها من حيث ضعف الجمالية، حيث أصبح أغلبها عبارة عن مساحة ترابية تتوسط الطرقات، في غياب المساحات الخضراء والورود والنافورات والأضواء.

وتظهر أوضاع المدارات الطرقية على طول الشوارع الرئيسية الرابطة بين المدخليْن الشرقي والغربي للمحمدية من جهة ومن المدخل الجنوبي إلى حدود الشواطئ من جهة ثانية، حيث تختلف من حيث الشكل والقطر والمساحة؛ لكنها تتوحد من حيث سيادة الأتربة، واصفرار ما تبقى من العشب، واحتلالها من طرف الكلاب الضالة.

زهور غائبة وأتربة سائدة

ولا يقتصر الوضع المذكور على مدارة أو اثنتيْن بمدينة الزهور؛ بل يظهر جليا من مدخل المدينة عبر الطريق السيارة ناحية الدار البيضاء، وتحديدا من الحي الصناعي، حيث تتوالى ثمان مدارات طرقية كبيرة بشارع الرياض، تليها ثلاث مدارات بشارع محمد السادس، وست مدارات أخرى بشارع الحسن الثاني، وأربع مدارات مماثلة بشارع المقاومة.

ومع سيادة المدارات الترابية القاحلة بمدينة الزهور، يُسجل السكان والزوار استثناءات في بعض ملتقيات الطرق، حيث ما زالت بعض المدارات محافظة على شيء يسير من الاخضرار بسبب تأثيثها، في سنوات خلت، بنباتات تصنف ضمن “الصباريات” التي تكتفي بأمطار فصل الشتاء لمواصلة الحياة ومقاومة غياب الماء في الفترات الصيفية.

ومن بين المدارات الطرقية التي تثير انتباه زوار مدينة المحمدية، ملتقى طرقي يقع بشارع مولاي رشيد بالحي السكني الرشيدية 3 تحوّلَ إلى فضاء للأطفال، حيث يستغل الصغار ما تبقى من أطلال نافورة قديمة لممارسة هواية التسلق والتزحلق، مع ما يترتب عن ذلك من تهديدات ومخاطر على سلامتهم نتيجة الحركية المرورية التي يشهدها ذلك الشارع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق