في خطوة استثنائية، أصبح السيناتور الشاب جيه دي فانس، البالغ من العمر 40 عاماً، ثالث أصغر نائب رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية. جاء تعيين فانس في هذا المنصب رغم الانتقادات التي وجهها سابقاً لترامب، مما يجعله أحد أكثر الشخصيات المثيرة للاستقطاب في الإدارة الأمريكية الجديدة. ويرى البعض أن اختيار فانس، الذي يتمتع بشعبية في الأوساط اليمينية ويعتبر من أصوات "الطبقة العاملة"، يجسد تطوراً في سياسة الحزب الجمهوري، واستجابة لاحتياجات شريحة كبيرة من الشعب الأمريكي.
جيه دي فانس.. صعود سريع ومثير للجدل في السياسة الأمريكية
بدأت شهرة جيه دي فانس في عام 2016 عندما نشر مذكراته الشهيرة "مرثية ريفية"، والتي سلطت الضوء على حياة الطبقة العاملة البيضاء في أمريكا ومخاوفها وإحباطاتها التي اعتبرها البعض أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت بترامب إلى البيت الأبيض. وقد حقق الكتاب شهرة واسعة، وأصبح من بين الكتب الأكثر مبيعاً، حيث حظي بإشادة واسعة في الأوساط السياسية والأكاديمية، واعتبره الليبراليون دليلاً لفهم أسباب صعود ترامب ونفوذه بين الطبقة العاملة.
من نقد لاذع إلى حليف استراتيجي لترامب
كان فانس في بداية صعوده معارضاً صريحاً لترامب، إذ أطلق تصريحات قوية وصف فيها ترامب بـ"الهيروين الثقافي"، في إشارة إلى تأثيره السلبي على المجتمع. لكن مع مرور الوقت، بدأ فانس بتغيير موقفه، خاصة مع تصاعد طموحاته السياسية. عندما قرر فانس خوض السباق على مقعد مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، أدرك أهمية الحصول على دعم ترامب، الذي كان يتمتع بشعبية هائلة في صفوف الجمهوريين. بفضل هذا الدعم القوي، فاز فانس بمقعده، وأصبح من بين أكثر المدافعين عن سياسات ترامب، محققاً قفزة هائلة في مسيرته السياسية.
تعيين فانس نائباً للرئيس.. خطوة تثير الجدل
يعتبر تعيين فانس في منصب نائب الرئيس تحركاً مفاجئاً، إذ يأتي بعد عامين فقط من انتخابه الأول لمنصب عام. وفي هذا السياق، يرى العديد من المراقبين أن فانس يشكل استثناءً بين نواب الرؤساء الأمريكيين، إذ لم يشغل من قبل أي منصب حكومي كبير ولم يتقلد مسؤوليات تنفيذية طويلة. ومع ذلك، فإن قربه من ترامب ودعمه الكامل له جعلاه مرشحاً مثالياً لشغل هذا المنصب، خاصة في ظل التوجهات الجديدة للحزب الجمهوري التي تركز على الشباب والطبقة العاملة البيضاء، وهي الفئة التي يعتبر فانس من أبرز الأصوات التي تعبر عن قضاياها وتطلعاتها.
دور فانس المنتظر في البيت الأبيض: ولاء مطلق وملفات شائكة
يشير الخبراء إلى أن فانس سيكون نائب رئيس يتمتع بصلات قوية مع ترامب، وربما يكون أكثر ارتباطاً به من أي نائب رئيس آخر في العصر الحديث. ووفقاً لتحليل جويل جولدشتاين، أستاذ القانون الفخري بجامعة سانت لويس، فإن العلاقة بين ترامب وفانس ليست مجرد تحالف سياسي، بل هي نوع من الولاء المطلق، إذ يظل فانس مديناً لترامب بدعمه القوي خلال حملته لمجلس الشيوخ، مما جعله يعتمد على توجيهاته بشكل أكبر من أي نائب رئيس آخر في العقود الأخيرة.
من المتوقع أن يضطلع فانس بعدد من الملفات الحساسة، من بينها السياسات الاقتصادية التي تركز على تعزيز مصالح الطبقة العاملة، وقضايا اجتماعية تهم المحافظين. وبما أنه من المحافظين المتشددين، قد يسهم فانس في تعزيز سياسات ترامب المرتبطة بالقيم العائلية والاقتصادية التقليدية، مما يجعله شخصية محورية في التفاعل مع الكونغرس وصنع السياسات الداخلية.
من الأدب إلى السياسة.. كيف يشكل الكتاب حياة نائب الرئيس؟
حقق فانس شهرة كبيرة بفضل مذكراته "مرثية ريفية"، التي ما زالت تلقى صدى واسعاً في الولايات المتحدة. يعتبر البعض أن هذا الكتاب كان نقطة تحول أساسية، إذ عبر من خلاله عن هموم وشكاوى الطبقة العاملة الأمريكية البيضاء التي شعرت بالتهميش. وقد لعب الكتاب دوراً في تعزيز شرعية فانس بين صفوف الجمهوريين، ليس فقط كسياسي شاب، بل كصوت شعبي قادر على فهم معاناة المواطن الأمريكي البسيط، وهو ما زاد من تأييده بين الناخبين الذين يرون فيه شخصاً يعبر عنهم وعن مشاكلهم بشكل صادق.
0 تعليق