تباينت ردود الفعل في منطقة الشرق الأوسط بعد إعلان فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية وعودته إلى البيت الأبيض لفترة رئاسية جديدة. فعلى الرغم من الانقسام في مواقف الدول، فإن أغلب الدول العربية، لا سيما مصر ودول الخليج، رحبت بفوز ترامب، متطلعةً إلى استعادة الشراكات الاقتصادية والأمنية التي شهدتها المنطقة خلال ولايته الأولى. في المقابل، أبدت إيران تخوفها من عودة سياسة "الضغط الأقصى"، بينما تأمل تركيا بتحسن العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة.
مصر: تهنئة ودعم للشراكة الاستراتيجية
بادر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتهنئة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، مؤكداً على أهمية التعاون الاستراتيجي بين البلدين في مواجهة التحديات الإقليمية. ويعكس هذا الترحيب الدعم المصري لترامب، خاصة وأن مصر تعتمد بشكل كبير على الدعم الأميركي في مجالات الأمن والمساعدات الاقتصادية، إلى جانب التنسيق المشترك في قضايا الشرق الأوسط وأفريقيا. وأكدت مصر حرصها على الاستمرار في تعزيز التعاون بما يخدم مصالح الشعبين ويعزز استقرار المنطقة.
ترحيب خليجي ودعوات لتعزيز الشراكات الاقتصادية
في السعودية، بعث الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان ببرقيتي تهنئة إلى ترامب فور إعلان فوزه، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية (واس). وعبرت القيادة السعودية عن تطلعها لمواصلة الشراكة الوثيقة التي جمعت بين البلدين خلال ولاية ترامب الأولى، حيث شهدت العلاقة بين واشنطن والرياض تعاوناً وثيقاً في مجالات الأمن والاقتصاد، لا سيما في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.
وفي قطر، هنأ أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ترامب على فوزه، معبراً عن تطلعه لاستمرار الشراكة بين البلدين، خاصة في ما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمي. وتعتبر قطر الولايات المتحدة شريكًا أساسيًا في الحفاظ على استقرار المنطقة، في ظل وجود أكبر قاعدة أميركية في الخليج، "قاعدة العديد"، على الأراضي القطرية.
أما في الإمارات، فقد أرسل الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد تهنئة إلى ترامب، مشيراً إلى الشراكة الاستراتيجية بين البلدين التي تمتد لأكثر من خمسة عقود، وتطلعه لتعزيز هذه الشراكة لتحقيق مصالح الشعبين. وشهدت العلاقات الإماراتية الأميركية خلال فترة ترامب السابقة تطوراً ملحوظاً في مجالات الأمن والتكنولوجيا والطاقة، إضافة إلى دعم واشنطن لاتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية.
الأردن والكويت: تهنئة بالتطلع إلى استمرارية الدعم
بدوره، أعرب أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح عن تهنئته لترامب، مشيداً بالعلاقات الراسخة بين الكويت والولايات المتحدة، ومؤكداً تطلعه لتعزيز التعاون في مختلف المجالات، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الكويتية (كونا). ويأتي هذا الدعم في إطار العلاقات القوية التي تجمع الكويت بواشنطن في مجالات الأمن والدفاع.
وفي الأردن، هنأ الملك عبد الله الثاني ترامب بفوزه، مؤكداً على أهمية الشراكة الطويلة بين البلدين والتعاون المشترك لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. ويعتمد الأردن بشكل كبير على المساعدات الأميركية في مجالات التنمية والدفاع، ويعتبر واشنطن حليفًا رئيسيًا في معالجة الأزمات الإقليمية.
فلسطين: تباين بين حماس والسلطة الفلسطينية
على الصعيد الفلسطيني، هنأ الرئيس محمود عباس ترامب بفوزه معرباً عن تطلعه لتحقيق السلام في المنطقة. وأكد عباس في برقية التهنئة على الثقة في دعم الإدارة الأميركية الجديدة لحقوق الشعب الفلسطيني. ويأمل الجانب الفلسطيني في دورٍ أميركيٍ فعّال لتحقيق حل الدولتين.
من جانب آخر، علقت حركة حماس على فوز ترامب بدعوة الإدارة الأميركية الجديدة للالتزام بوعودها حول إنهاء الحروب في المنطقة، مشيرةً إلى أن خسارة الحزب الديمقراطي تعتبر نتيجة طبيعية لسياساتهم المتحيزة تجاه إسرائيل.
إسرائيل: احتفاء كبير بعودة الحليف ترامب
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أوائل المهنئين، واصفاً فوز ترامب بأنه "عودة تاريخية" تجدد التحالف القوي بين البلدين. ويأتي هذا الترحيب في إطار العلاقة الوثيقة التي جمعت نتنياهو وترامب خلال فترة ولايته السابقة، إذ شهدت العلاقة خطوات غير مسبوقة، مثل الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، إلى جانب الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان. كما لعبت إدارة ترامب دوراً حيوياً في تعزيز اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية، مما اعتبره نتنياهو إنجازاً استراتيجياً لأمن إسرائيل.
تخوف إيراني من سياسة "الضغط الأقصى"
على الجانب الآخر، أبدت إيران قلقاً من عودة ترامب وسياساته التي اتسمت بالضغط الأقصى عليها، إذ قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية إن الانتخابات الأميركية لن تؤثر بشكل جوهري على السياسة الإيرانية. ويأتي هذا الموقف على خلفية قلق إيران من عودة العقوبات الاقتصادية الصارمة التي فرضتها إدارة ترامب، واستئناف الجهود الرامية إلى تحجيم نفوذها الإقليمي، خصوصاً في ظل التوترات بشأن الملف النووي.
تركيا: أمل بتحسين العلاقات مع واشنطن
أما تركيا، فقد أعرب الرئيس رجب طيب أردوغان عن أمله في أن يسهم فوز ترامب في إنهاء الحروب والأزمات العالمية، معبراً عن تطلعه لتحسين العلاقات بين البلدين. وتعد العلاقات التركية الأميركية مضطربة منذ سنوات، خاصة فيما يتعلق بدعم واشنطن للأكراد في سوريا وقضايا الدفاع، مما يعزز حاجة تركيا إلى إحياء قنوات الحوار والتفاهم مع الإدارة الأميركية الجديدة.
الشرق الأوسط بين الأمل والتحفظ
بينما ترحب أغلب الدول العربية بعودة ترامب، يبقى السؤال حول تأثير هذه العودة على الأزمات الإقليمية الملحة، سواء في سوريا أو اليمن أو الملف الفلسطيني. وبين آمال تحسين العلاقات والتحفظات الإيرانية، يقف الشرق الأوسط أمام مرحلة جديدة قد تشهد تغيرات جذرية، على أمل أن تحقق استقراراً مستداماً في المنطقة.
0 تعليق