وضعت الذكرى التاسعة والأربعون للمسيرة الخضراء بداية خاتمة معاناة عشرات المرضى من سكان باب الصحراء والجماعات القروية المحيطة، إثر استفادتهم من عمليات جراحة عامة وأخرى في طب العيون، فضلا عن الفحوصات والتحاليل الطبية، أجراها نفر من الأطباء المتخصصين والممرضين، في إطار قافلة طبية متعددة التخصصات، بتمويل من مجلس جهة كلميم-واد نوان، الذي تمسّك على لسان مسؤوليه بأن هذه القافلة “تترجم وعي المجلس بكون تسريع عجلة التنمية في الأقاليم الجنوبية، لا يمكن أن يحدث دون تقريب الخدمات الصحية من ساكنتها”.
هذه القافلة متعددة التخصصات التي يحتضنها المستشفى الجهوي لكلميم، خصصت وحدة متنقلة لفائدة طب العيون لساكنة امتضي بإقليم كلميم، زارها وزير التجهيز والماء، نزار بركة، ووالي جهة كلميم-واد نون، محمد الناجم أبهاي، ونائب رئيس مجلس جهة كلميم-واد نون، أحمد زيدات، على هامش إطلاقهم، أمس الجمعة، عشرات المشاريع التنموية التي تستهدف دفع خطر الفيضانات عن ساكنة هذه الجماعة، وتعافيها من آثار “كارثة شتنبر”، من خلال سدود وعتبات مائية وبناء وصيانة طرق مصنفة ومحاور طرقية قروية.
وكان للتدخلات الطبية والجراحية للقافلة المنبثقة عن اتفاقية شراكة بين مجلس جهة كلميم-واد نون، وولاية الجهة، والمديرية الجهوية للصحة، والمجلس الإقليمي لكلميم، وجمعية ييدي في يدك للتعاون، وفق ما التقطته هسبريس، وقع وأثر إيجابيان على المستفيدين الذين عدّ بعضهم هذه المبادرة بمثابة “مفاجأة كبيرة” لعشرات السكان الذين كان يحول “العوز وضعف البنية التحتية الصحية بينهم وبين إزالة الغشاوة عن أبصارهم، أو إجراء عمليات لاستئصال المرارة أو الفتوق أو الأكياس، أو حتى إجراء فحوصات وتحاليل طبية للاطمئنان على أوضاعهم الصحية”.
تقريب الخدمات
الزهراء العويسي، رئيسة لجنة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية بمجلس جهة كلميم-واد نون، قالت على هامش زيارة المسؤولين سالفي الذكر للقافلة بامتضي إن “القافلة المندرجة ضمن مسيرة التنمية بالأقاليم الجنوبية كانت موضوع اتفاقية صادق عليها مجلس جهة كلميم-واد نون بغلاف مالي قدره 30 مليون درهم”، مردفة: “بموجب هذه الأخيرة، ستنظم سلسلة من القوافل ستستفيد منها جميع ساكنة الجهة، على مدى ثلاث سنوات، من 2024 إلى 2026”.
وأضافت العويسي، متحدثة لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المجلس من خلال هذه القافلة هو بصدد تقريب الخدمات الصحية من مواطني الجهة وفك العزلة عن ساكنة الجماعات القروية، وهي أمور تقع في صلب أولويات المجلس”.
وأكدت رئيسة لجنة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية بمجلس جهة كلميم-واد نون أن “هذه القافلة الطبية اطلع عليها المسؤولون، وباشرت أعمالها لفائدة ساكنة جماعتي أمتضي وكلميم، وأثمرت إجراء عشرات الفحوصات الطبية العامة والمتخصصة، وتحاليل طبية، وعمليات جراحة على العيون والجراحة العامة مجانا لفائدة ساكنة المناطق المستهدفة”.
وهمّت الاستفادة من الفحوصات الطبية العامة جميع “الراغبين من الساكنة من جميع الفئات العمرية، مع تركيز على العنصر النسوي”، وفق علو عبد الخالق، رئيس جمعية إيدي فيدك للتعاون الشريكة في تنظيم القافلة، مفيدا بأن “الفحوصات الطبية المتخصصة، التي شملت أساسا فحوصات طب القلب والشرايين وطب أمراض الروماتيزم وطب الغدد، بلغ عددها 450 فحصا متخصصا، موازاة مع إجراء تحاليل طبية ضرورية، وكذلك تحاليل الإيكو غراف والإيكو دوبلير”.
وأضاف عبد الخالق، في تصريح لهسبريس، أن “الساكنة المعوزة في هذه المنطقة الهامشية نسبيا، المستهدفة من هذه القافلة، استفاد العشرات منها من عمليات جراحة العيون، المرتبطة أساسا بإزالة المياه البيضاء أو الجلالة”، مبرزا أن “عمليات الجراحة العامة التي أجراها الطاقم الطبي المكون للقافلة، وصلت إلى 50 عملية تهم استئصال المرارة والفتق والأكياس على الكلى، وغيرها”.
وأكد المتحدث أنه “إلى حدود الساعة، تخطت الحملة الهدف الذي وضعته، أي استفادة 150 شخصا، والعدد مرشح للارتفاع نظرا لأنه سيتم تمديد خدمات هذه القافلة طيلة اليوم السبت، وخصوصا بالمستشفى الجهوي لكلميم واد نون”.
مبادرة محمودة
الشايب سعيد، أحد المستفيدين من عملية لإزالة المياه البيضاء قال إن “هذه القافلة الطبية شكلت مفاجأة كبيرة بالنسبة لي، خاصة أنه لم يكن بإمكاني إجراء هذه العملية الجراحية لإزالة الجلالة ولم أكن أبصر شيئا بسبب هذا المرض”، مضيفا أن “الساكنة هنا معوزة ولا طاقة لها لإجراء مثل هذه العملية”.
وأثنى الشايب، وهو من ساكنة أمتضي، في تصريح لهسبريس، على “تعامل جميع الأطباء والممرضين في هذه القافلة، حيث كانت هناك معاملة حسنة من لدنهم، سواء خلال فترة الفحوصات أو عند إجراء العملية الجراحية”، مردفا أن “جميع الأمور المرتبطة بهذه العملية مرّت بسلام وعلى خير، فحمدا لله، وشكرا لهؤلاء الأطباء والممرضين الذين أفرحونا”.
من جهته، أكد محمد، مستفيد من خدمات القافلة الطبية، أن “هذه الأخيرة مبادرة مثمّنة ومحمودة، خاصة وأن ساكنة هذه المناطق معوزة وغير قادرة على تأدية تكاليف العمليات الجراحية التي تم إجراؤها”، شاكرا “المجهودات المبذولة من طرف مسؤولي الجهة من أجل تقريب الخدمات الصحية والطبية وإتاحتها مجانا لفائدة ساكنة هذه الأقاليم الجنوبية”.
وسجّل المستفيد من دوار أيت عيسى، جماعة أمتضي، أن “المنطقة تشكو خصاصا في الأطر الصحية وتواضعا للخدمات الصحية المقدمة من طرف المركز الصحي القروي، فضلا عن بعدها عن كلميم حيث المستشفى الجهوي الذي يقدم خدمات أوسع وأكثر جودة. وبالتالي، فإنها تبقى دائما في حاجة ماسة إلى مثل هذه القوافل الطبية التي تفك عزلتها وتخفف من معاناة عدد من المرضى بها”.
0 تعليق