الإثنين 11/نوفمبر/2024 - 02:07 ص
ونحن طلاب فى الثمانينات كنا ننظر الى اساتذتنا نظرة من خلال ما نشاهده عن اساتذة الجامعة فى السينما والتليفزيون، فيلا وعربية، وعند تكليفي معيد عام 88 وبدأت معرفتى بحقيقة عمل الاستاذ الجامعى، فالاستاذ منذ بدايته فى الجامعة لابد وان ينتهى من دراسة الماجستير ثم بعدها الدكتوراه، وفى الفترة دى بيكون عامل زى الواد بليه كده لا هو قادر انه يقول رأي ولا قادر انه يناقش اساتذته هو فقط يسمع الكلام ويجيب الاخبار يقولها لاستاذه، ولا يستطيع الزواج الا بعد الدكتوراه اما قبلها فلابد وان يساعده والده فى تكاليف الزواج، قكان مرتبي يكفينى مواصلات من بيتى الى الكلية وسندوتشين فقط ولا يتحمل اكثر من ذلك، اما اللبس فكان يحتاج الى ميزانية ثانية، وكنا نظن ان مع الحصول على الدكتوراه ستنتهى مرحلة وجع القلب تلك. وعادة ما يحصل المدرس المساعد على الدكتوراه فى الثلاثينات او حتى فى اوائل الاربعينات من عمره، وده على حسب الكليات والتخصصات، وعندئذ تأتى مرحلة الزواج وهى تحتاج الى تكاليف تليق باستاذ الجامعة ولكن الحقيقة ان ضيق اليد يحول دون تحقيق ما نحلم به. وكان زملائنا الاكبر منا دائما يذكروا لنا ان الحسنة الوحيدة فى عمل الاستاذ الجامعى هو السفر للعمل فى دولة خليجية ولاحظنا ان اساتذتنا فى الثمانينات كان الاستاذ يجلس فى الاعارة اربع سنوات ليرجع ويبنى بيتا جميلا عمارة مثلا ويشترى سيارة جميلة مرسيدس مثلا.
ضاع حلم المرسيدس وضاع حلم العمارة فى الإعارة
- ولكننا الأن ونحن فى الإعارة ضاع حلم المرسيدس وضاع حلم العمارة، واخر طموحنا وأحلامنا ان نعيش عيشة كريمة نكفي طلبات المنزل ومصاريف الأولاد من تعليم وملابس وعلاج ومواصلات الخ... حلمنا تقلص الى حد العيش الكريم ولم نعد نطمح فى اكثر من ذلك وبالرغم من قسوة الغربة الى انها تفيد فى معرفة عالم اخر ونظم تعليمية وأكاديمية اخرى ونعمل مقارنات بين ما شاهدناه فى بلدنا وبين ما نشاهده فى الدول الاخرى، قد يظن البعض أن الاستفادة التى تستفيد منها الدولة هى الكام دولار التى يتم تحويلها الى مصر فهذا هو اقل شيء تستفيد منه الدوله، ولكن الاستفادة الحقيقية تكمن فى التعرف على انظمة التعليم العالمية الحديثة والتى تواكب كافة التطورات العالمية بشكل حقيقي، وكذلك التعرف على زملاء من دول مختلفة لمعرفة مستوانا العلمي بالنسبة اليهم والوقوف على الفروق الحقيقية بين اعضاء هيئة التدريس فى دول مختلفة. وبالرغم من انه يتم التجديد لنا سنويا وبالرغم انه اصبح من الصعب ايجاد فرصة عمل لاستاذ جامعي وبالاخص المصريين فى دول الخليج نظرا لعوامل كثيره ومن اهمها السلام النفسى عند أعضاء هيئة التدريس والذى وجدت انه اهم عامل يجعل اعضاء هيئة التدريس تفر من الجامعات المصرية الى الجامعات العربية والتى اصبحت بالفعل جامعات عالمية ناطقة باللغة العربية. فاصبح الحياة الكريمة والسلام النفسى وتكوين اصدقاء من دول مختلفة
فشلت فيها الجامعات المصرية
- ومن اهم العوامل التى نجحت فيها الجامعات العربية وفشلت فيها الجامعات المصرية. في الجامعات العربية المسؤل يعطى توجيهات وفى الجامعات المصرية المسؤل يعطى أوامر وهناك فارق كبير بين الاثنين، الاول بسلام نفسى والاخير بدون سلام نفسي.
- واذا حسبنا ما تم عمله مؤخرا سيؤكد كلامى فى موضوع السلام النفسى عند اعضاء هيئة التدريس، حيث شكلت لجنة من اساتذة جامعة مصرين وهم محترمون بكل تأكيد لكنهم يفتقدوا مثل ذويهم الى السلام النفسى فكانت المصيبة التى لم يشعروا بها انهم طالبوا المعارين للخارج بدفع 5000 دولار والذى يعادل حوالى 19 الف ريال اي مرتب شهرين تقريبا من مرتب الاستاذ دون ان يدروا انه هذا الاستاذ يعيش فقط عيشة كريمة وخصوصا ان التكاليف الحياتية تضاعفت فى العالم كله منذ فترة كورونا. وبدل من التسهيل على هؤلاء المتعاقدين بدأ التضيق من خلال الاقسام والكليات والجامعات فبعض الجامعات تطالب بمبالغ عاليه جدا من المعارين على هيئة تبرعات اجبارية (تخيلوا تبرع اجبارى اه سلام نفسى سعادتك) دون غطاء قانوني او تطبيق لاي شريعة من الشرائع، وهذا كله ليس الا انعكاس لانعدام السلام النفسى عند الزملاء فى مصر وربما سيشعرون بيه عندما يسافرون فترة طويلة ليتعودوا على السلام النفسى وعند عودتهم يشعروا ما نشعر به نحن الأن عندما نلتقى بهم، والله ببقى حامل هم مقابلتهم.
منصة لأعضاء هيئة التدريس العاملين بالخارج
- كنت اتمنى من الوزراة انها تعمل منصة لـ أعضاء هيئة التدريس العاملين بالخارج من خلالها يتم تخليص اجراءات مثل تجديد الإجازات السنوية والتقدم للترقية من خارج مصر ومثل الخدمات المختلفة التى تهم المواطنين. بل اكثر من ذلك كان ممكن يعملوا مشاريع يمكن لاعضاء هيئة التدريس الاستثمار فيها ليعود بالنفع على الامة كلها ولكنه ضعف السلام النفسى الذى يجعل اهدافنا الداخلية تنحرف من كيف ننمى الى كيف نعقد ونزداد تعقيدا فوق التعقيد، وكلما اذادت تعقيدا اطمئن انت استاذ جامعة مصري.
- اسف انى اقول اننى لست فخورا بانى استاذ جامعي فى مصر على الرغم من معرفتى الجيدة بان هناك العديد من الاساتذة الاجلاء المرموقين عالميا ومحاليا الا انهم يعيشوا تحت نفس الظروف من انعدام السلام النفسي فدائما ما يواجهون ويحاربون ويقفون مواقف الدفاع احيانا والهجوم احيانا ويخرجون من سلامهم النفسى الى منطقة العدائية والكره والبغيضه، كيف ارجع لاعيش مع هؤلاء لا ادري؟.
- مصر تحتاج الى تكاتف كافة الجهود وليس لتكتيف كافة الأفكار والمفكرين، تحتاج نظرة إدارية جديده ترى ان مصلحة المواطن مهمة لا تقل اهمية عن مصلحة الدولة نفسها، وعندما يتعزز مكانة المواطن فى بلدة يتعزز معه ثقته فيها وعطاءه لها وحبه واخلاصة لبلاده.
- بحلم اني اشوف هذا اليوم قبل ان افارق هذه الحياه
- بحلم انى اشوف ان تقدير عضو هيئة التدريس هو اهم من تقدير لاعب كرة قدم او رقاصه.
- بحلم ان يكون قرار انهاء خدمة عضو هيئة تدريس او انذاره شيء منكر يجب ان نجتنبه،
- بحلم ان تقوم الجامعات على المحبة والاحترام والسلام النفسى، هذا هو اهم شيء يجعل اعضاء هيئة التدريس تعشف ان تعود الى بلادها.
- بحلم ان القوانين الجامعية تكون رحيمه، فالله هو العدل ورحمته وسعت كل شيء، حتى ونحن نطبق القانون الذى وضعناه نحن منذ اكثر من 50 سنة ويحتاج الى نظرة شاملة بالفعل ان نطبقة برحمه.
- بحلم بدل ما عضو هيئة التدريس يحتاج الى انه يجيب عقد عمل لزوجته حتى يستطيع السفر، ان يسافر وقتما شاء. فاذا كانت المؤسسة التعليمية فاشلة اداريا وتنفر اعضاء هيئة التدريس منها فما ذنب العضو الذى يفر منها انها مشكلة الادارة نفسها، بتلوموني ليه!.
- بحلم بدل ما الوزارة او الجامعة تقول احنا عايزين تبرع (اجبارى)، ان الجامعه نفسها يكون لديها مشاريع ويفكروا خارج الصندوق لعمل مشاريع استثمارية مفيدة تفيد الجامعة وتعود بالنفع المادى على كافة العاملين بالجامعة اعضاء هيئة التدريس وموظفين وفنين وعمال وتشغل شباب وخريجي الجامعة، انها مشكلة الادارة ياسادة.
- بحلم ان استاذ الجامعة مايخفش من الادارة ويقول كلمة الحق بأسلوب راقى وجميل يتعلم منه الاجيال.
- بحلم بكل شيء جميل شوفته فى الخارج أن أجده في بلدي، فى زمن ليس لي فيه غير انى احلم.
*كاتب المقال
ا.د. سعيد محمد عطية
استاذ فيزياء الجوامد
جامعة كفرالشيخ وحاليا جامعة أم القرى
0 تعليق