خبراء يبرزون عوامل محتملة لإقبال قاصرين على محاولات الهجرة غير النظامية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

تتجدد مع كل موجة هجرة جماعية تسجلها سواحل مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين تساؤلات عميقة حول الدوافع التي تدفع قاصرا، في مقتبل العمر، إلى المخاطرة بحياته في محاولة للوصول إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط.

فبعد محاولتي الهجرة الجماعية اللتين شهدتهما سبتة في ماي 2021 وشتنبر 2024، تعود الأنظار مجددا إلى هذه الظاهرة المعقدة، والتي تتطلب تحليلا دقيقا لفهم أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، والبحث في ما يمكن أن يدفع هؤلاء الشباب إلى اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية، وإن كانت عوامل اقتصادية بحتة أم أن هناك أسبابا أخرى أكثر عمقا.

وسجل مهتمون بقضايا الهجرة أن البحث عن إجابات لهذه التساؤلات “يفرض علينا أن نتجاوز الأرقام والإحصائيات، وأن نغوص في أعماق المجتمع الذي ينتمي إليها هؤلاء المرشحون للهجرة غير النظامية من فئة القاصرين، لفهم خصوصياتهم انطلاقا من الواقع الذي يعيشونه والأحلام التي يحملونها والخيارات التي يرونها أمامهم.

شكيب الخياري، رئيس جمعية الريف لحقوق الإنسان، قال إن تنامي عدد القاصرين غير المرافقين المرشحين للهجرة “يكشف ضعف السياسات الأمنية البحتة في معالجة هذا الملف”، معتبرا أن “التعامل الأمني وحده دون إدماج الأبعاد الاجتماعية والإنسانية يثبت فشله في تقديم حلول مستدامة”.

وأضاف الخياري، ضمن تصريح لهسبريس، أن ما يحدث من تدفقات القاصرين “يمكن تفسيره كنوع من الاحتجاج الواقعي ضد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشونها وأسرهم”، مشيرا إلى أن هؤلاء القاصرين “أظهروا استعدادهم لتحمل مخاطر الهجرة غير النظامية بحثا عن حياة كريمة”، مذكرا بأن “وضع سبتة كمدينة محتلة خاضعة لإسبانيا يجعل منها بؤرة جذب للهجرة غير النظامية، خاصة من لدن القاصرين غير المرافقين الذين يرون في العبور إلى أوروبا فرصة لتحقيق حياة أفضل، واستمرار وضع الاحتلال يعني استمرار هذه البؤرة”.

وبالنسبة للفاعل الحقوقي ذاته فإن “هذه الظاهرة تتحدى الخطابات التقليدية التي ترى أن مكان القاصرين هو المدرسة فقط، وتعتمد على افتراضات قديمة حول ضعف إدراكهم وقدرتهم على اتخاذ القرارات وبضرورة منع تشغيلهم بالرغم من أن الاتفاقيات الدولية للعمل وحقوق الطفل تسمح بذلك إلى جانب واقع الممارسة على مستوى بلدان الاتحاد الأوروبي نفسه”.

وشدد المتحدث على أن هؤلاء القاصرين “يعبرون بهذه التحركات عن وعي بتعقيدات وضعهم الاجتماعي والاقتصادي، ويقومون باختيارات صعبة تنم عن رغبتهم في تحمل المسؤولية”، معتبرا أن إعادة النظر في مفهوم القاصر “ليست فقط مسألة قانونية؛ بل هي مسألة تتعلق بإدراك الواقع الجديد”.

وخلص رئيس جمعية الريف لحقوق الإنسان إلى التذكير بأن ما يجري في الفنيدق “له علاقة بشكل مباشر بأحداث ماي 2021، حين تمكن حوالي 10.000 شخص، من ضمنهم 1.500 قاصر غير مرافق، من العبور إلى مدينة سبتة المحتلة، وما رافقه من جدل حول انتهاك الحكومة المحلية للقانونين الإسباني والأوروبي بترحيل 700 قاصر إلى الحدود المغربية”.

من جانبه، ذكر سعيد مشاك، الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، بأن الهجرة كقاعدة عامة “خاضعة لقانون الدفع والجذب؛ بيد أن هذه القاعدة بالنسبة للقاصرين قد تعرف بعض الاستثناءات، فعلاوة على العوامل التي قد تكون دافعة هناك عوامل أخرى بالنسبة للقاصرين دفعتهم إلى المشاركة في هذه الدينامية الجديدة للهجرة، لعل أهمها الانجرار دون وعي مع التعبئة المسبقة لهذه العملية دون أي إدراك للعواقب”.

ونبه المتهم بقضايا الهجرة، في حديث لهسبريس، إلى أن عملية الهجرة نحو سبتة المحتلة “تبدو في نظر فئة كبيرة من المرشحين للهجرة من فئة القاصرين فعلا بسيطا، خاصة عند ربطه بوضعية الهشاشة القاتلة التي يعيشونها والتي لا تقل خطورة عن مآلات المغامرة حسب اعتقادهم”.

عامل آخر قد يكون مشجعا للقاصرين غير المصحوبين بذويهم إلى اتخاذ هذا القرار، وفق الأستاذ بجامعة فاس، يتعلق بـ”اعتقادهم بالمعاملة الرحيمة التي سيتلقونها في حال ضبطهم، سواء من الجانب المغربي أو الجانب الإسباني”، قبل أن يعود ليذكر بأن عوامل هذه الظاهرة مركبة، اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا”، مشددا في المقابل على أن “المدرسة قد تلعب أدوارا حاسمة في هذا الجانب”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق