الموت مصير حتمي.. لماذا لا يعيش البشر إلى الأبد؟

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام
2

أظهرت الأبحاث الحديثة في العوامل الجينية والبيئية جانبًا جديدًا في فهم الشيخوخة والحدود القصوى لعمر الإنسان، وأسباب عدم قدرة البشر على العيش إلى الأبد.

وتوصل العلماء في معهد “ويلكوم سانجر” إلى أن سرعة تراكم الطفرات في الحمض النووي تلعب دورًا رئيسًا في تحديد طول العمر، وفق ما ذكر موقع “ذا هيرتي سول” المعني بتحسين الصحة العامة.

عدد الطفرات الجينية في السنة

وجد العلماء الكائنات التي تتعرض لتراكم الطفرات ببطء تميل إلى أن تعيش لفترة أطول، في حين أن الأنواع التي تواجه طفرات جينية بسرعة تميل إلى أن تكون أعمارها أقصر.

على سبيل المثال، البشر يراكمون حوالي 47 طفرة جينية سنويًّا، بينما الفئران التي تعيش بضع سنوات فقط تتعرض لـ 796 طفرة في السنة.

ومع ذلك، أظهرت الدراسات أن العدد الإجمالي للطفرات التي تراكمت بحلول نهاية حياة الكائن الحي يكون متشابهًا إلى حد كبير بين الأنواع، سواء في حالة الفأر أو الإنسان، هذه النتيجة تشير إلى وجود حد معين من الطفرات، يتجاوزه الكائن الحي يصبح غير قادر على الاستمرار في الحياة، ما يعني أن هناك حدًا طبيعيًا للحياة يحدده تراكم الطفرات.

الطفرات الجسدية والشيخوخة

دراسة معدلات الطفرات تقدم نظرة جديدة حول السبب وراء وفاة معظم البشر في حدود سن 80، فمع تراكم الطفرات الجينية على مر السنين، يصل الجسم إلى نقطة تفقد فيها الخلايا قدرتها على القيام بوظائفها بشكل طبيعي، ما يؤدي إلى ظهور أمراض الشيخوخة مثل السرطان وفشل القلب.

على المستوى الخلوي، تلعب الطفرات الجسدية (التي تحدث في الحمض النووي للخلايا مع تقدم العمر) دورًا حاسمًا في عملية الشيخوخة، وتحدث هذه الطفرات بشكل طبيعي مع انقسام الخلايا، لكنها تساهم في تدهور الأنسجة والأعضاء مع مرور الوقت.

مفارقة بيتو

الأبحاث تشير إلى أن الأنواع المختلفة تراكم عدد مماثل من الطفرات الجسدية عند نهاية حياتها، ما يتحدى النظريات القديمة التي تقول إن الحيوانات الكبيرة تواجه معدلات أعلى من السرطان نظرًا لامتلاكها عددًا أكبر من الخلايا.

لكن الدراسات أظهرت أن الأنواع الكبيرة مثل الحيتان، التي تحتوي على عدد كبير من الخلايا مقارنة بالبشر، لا تواجه معدلات سرطان أعلى.

هذه الظاهرة تُعرف بـ”مفارقة بيتو”، والتي تشير إلى أن الأنواع الكبيرة قد تطورت بطرق تحافظ على معدلات الطفرات تحت السيطرة، ما يتيح لها العيش لفترة أطول على الرغم من امتلاكها عددًا أكبر من الخلايا.

تقصير التيلوميرات والشيخوخة

عامل آخر يساهم في تحديد عمر الإنسان هو تراجع طول التيلوميرات أو القسيم الطرفي وهي أجزاء تقع في نهاية الكروموسومات تعمل كأغطية واقية.

مع كل انقسام خلوي، يتم فقدان جزء صغير من طول التيلوميرات، بمرور الوقت، يصبح طول التيلوميرات قصيرًا جدًا بحيث لا يمكنها حماية الحمض النووي بشكل كافٍ، ما يؤدي إلى موت الخلايا أو تعطلها.

هذا التراجع في طول في التيلوميرات يعتبر أحد الأسباب الرئيسية للشيخوخة الخلوية، وهو ما يفسر لماذا يعاني البشر من علامات التقدم في العمر مثل ظهور الشعر الأبيض، ضعف العظام، وانخفاض وظائف الدماغ.

العوامل البيئية وتراكم الأضرار

إلى جانب العوامل الجينية، تواجه أجسام البشر عوامل بيئية مستمرة تؤدي إلى تلف الحمض النووي والبروتينات والدهون.

الجذور الحرة، وهي جزيئات تفاعلية تتولد خلال عمليات الأيض الخلوي، تسبب أضرارًا مستمرة للخلايا؛ هذا التلف المتراكم يسهم في الانهيار الجسدي والخلوي المرتبط بالشيخوخة.

فعلى سبيل المثال، التعرض المفرط لأشعة الشمس يمكن أن يسرع شيخوخة الجلد عن طريق تدمير الكولاجين، وهو ما يمكن ملاحظته في حالات مثل سائق شاحنة تعرض وجهه لأشعة الشمس لفترة طويلة عبر نافذة السيارة، ما أدى إلى تلف الجانب المكشوف من وجهه.

لماذا لا يعيش البشر إلى الأبد؟

بعض الكائنات، مثل “الهيدرا”، لا تظهر علامات بيولوجية واضحة على الشيخوخة، لكن بالنسبة للبشر فالأمر مختلف؛ والسبب في ذلك يعود إلى التفاعل المعقد بين البرمجة الجينية، والعوامل البيئية، والتطور، وفي حين تطورت بعض الأنواع لتجنب الشيخوخة، فإن أجسام البشر مبرمجة للتكاثر، وبعد تحقيق هذا الهدف، يبدأ الانحدار التدريجي نحو الموت.

الشيخوخة ليست فقط نتيجة أو استجابة للعوامل البيئية هناك عوامل، مثل تراجع طول التيلوميرات، وتباطؤ الانقسام الخلوي، وتراكم الطفرات الجينية، تساهم جميعها في عملية الشيخوخة.

ويعتقد العلماء أن هذه الحدود البيولوجية تمثل نوعًا من “المقايضة التطورية” حيث تركز أجسامنا على التكاثر أكثر من البقاء على قيد الحياة لفترات طويلة، ومع استمرار الأبحاث في هذا المجال، يأمل العلماء في اكتشاف علاجات قد تساعد في إبطاء عملية الشيخوخة أو حتى تمديد فترة الحياة.

اقرأ أيضًا

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق