تشهد الحملة الدعائية الجزائرية ضد المملكة المغربية تصعيدا غير مسبوق، إذ أصبحت أكثر عنفا وحدة، سواء على مستوى الخطاب أو الأساليب. ولم تعد تقتصر فقط على الهجوم على مواقف المغرب السياسية أو توجهاته الدبلوماسية؛ بل امتدت أيضا لتشمل الهجوم واختلاق أخبار زائفة حول رموزه السيادية ومؤسساته الدستورية. وقد استُغلت في هذه الحملة الهوية البصرية لجريدة “هسبريس” الإلكترونية، المعروفة بمصداقيتها، للترويج لخبر زائف حول المؤسسة الملكية.
هذا السعار الدعائي العدائي، الذي يظهر جليا في منشورات وسائل الإعلام والمنصات الرقمية في الجزائر، تزداد حدته كلما زاد إشعاع المغرب على المستوى الدولي، في مقابل مراكمة الجزائر للإخفاقات على مختلف الأصعدة. ويعكس لجوء النظام الجزائري إلى أساليب مفضوحة حالة اليأس والإفلاس السياسي التي يعيشها، إذ يبدد طاقته وجهوده في محاولة تشويه صورة المغرب وضرب استقراره الداخلي، بدل التحلي بالشجاعة السياسية لمواجهة القضايا والأزمات الداخلية التي تعاني منها واحدة من كبريات الدول النفطية في شمال إفريقيا.
مؤشر الانهيار
قال وليد كبير، الصحافي الجزائري المعارض، إن “الهجمة الإعلامية التي يقودها النظام الجزائري ضد المملكة المغربية تعبر بوضوح عن درجة اليأس التي بلغها هذا النظام، الذي يطلق أبواقه الإعلامية وذبابه الإلكتروني لاستهداف المغرب ورموزه السيادية بأخبار لا أساس لها من الصحة”، مضيفا أن “النظام يسعى إلى كسب جولات بأي ثمن في صراعه ضد المغرب، الذي أثبت أنه لا يسعى إلى مراكمة المناصب على مستوى الاتحاد الإفريقي بقدر ما يسعى إلى تحقيق التكامل القاري وخدمة قضايا القارة الإفريقية”.
وتابع كبير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الإعلام الرسمي والخاص في الجزائر وصل إلى مستوى الحضيض في ظل حكم الثنائي عبد المجيد تبون والسعيد شنقريحة، حيث لجأ إلى استعمال مفردات مشينة في الحديث عن المغرب، ووصف المغاربة بأوصاف مخجلة تجاوزت كل الخطوط الحمراء وضربت في العمق مبادئ حسن الجوار”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “هذه التصرفات الجزائرية باتت تستوجب على المغرب رفع شكوى لدى الهيئات الدولية والإقليمية المختصة، خاصة هيئة الإذاعات العربية المنضوية تحت جامعة الدول العربية، لإظهار حقيقة هذا النظام. فالرباط يجب ألا تسكت عن هذه التصرفات؛ بل عليها أن ترد في إطار مؤسساتي على هذه الأفعال الصبيانية”.
وأكد الصحافي الجزائري ذاته أن “النظام الجزائري انزعج كثيرا من الإنجازات التي حققتها المملكة المغربية في عهد جلالة الملك محمد السادس، الذي يقود البلاد منذ أكثر من ربع قرن ونجح في تحقيق العديد من الإنجازات التي رسخت مكانة المغرب كدولة حديثة تسير بثبات نحو المستقبل”، مشيرا إلى أن “محاولة استهداف المؤسسة الملكية بأخبار زائفة وبأساليب خسيسة، ومحاولة النيل من عقيدة المغاربة ومن تشبثهم برموز بلادهم السيادية تصرف لا يليق بالدول، وهو مؤشر ينذر بتفكك وانهيار الدولة الجزائرية”.
شلل جزائري
اعتبر محمد الغيث ماء العينين، عضو المركز الدولي للدبلوماسية وحوار الحضارات، أن “النظام الجزائري عوّدنا منذ سنوات على إطلاق حملات دعائية تضليلية موجهة ضد المغرب، الذي اتهمه وزير الإعلام الجزائري نفسه بتعبئة آلاف الصحافيين عبر العالم للنيل من الجزائر”، مبرزا أن “الأخبار الزائفة والشائعات أصبحت رصيد النظام الجزائري وإعلامه لاستهداف المملكة ومحاولة تقزيم النجاحات التي حققتها على جميع المستويات”.
وأوضح ماء العينين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “وسائل الإعلام الرسمية في الجزائر تخلت عن كل المبادئ المهنية والأخلاقية المقرونة بالعمل الإعلامي المتعارف عليها دوليا، وانخرطت في حملات دعائية تعبر في الحقيقة عن الصورة الحقيقية للنظام الجزائري، الذي بدل أن يركز على التنمية الداخلية يخصص الأموال لتشويه صورة المغرب واستهداف مؤسساته الدستورية”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “الجزائر متخوفة من قدوم الجماهير الجزائرية عبر فرنسا لتشجيع منتخب بلادها في إطار نهائيات كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم التي ستقام هذا العام في المغرب، إذ ستتمكن هذه الجماهير من معاينة مستوى البنيات التحتية المغربية وأسلوب عيش الشعب المغربي، الذي لا يمكن مقارنته بما يعيشه الشعب الجزائري، رغم الثروات النفطية الهائلة التي لا يستفيد منها شيئا”.
وخلص عضو المركز الدولي للدبلوماسية وحوار الحضارات إلى أن “كل الحملات الدعائية الجزائرية الموجهة ضد المغرب لا تؤدي سوى إلى نتائج عكسية؛ لأن المغرب نجح في تربية أجيال من المغاربة على حب وطنهم والتعلق به، عكس الجزائر التي ربت عنصرها البشري على الكراهية والتمييز ومحاربة نجاحات الآخرين”.
وأبرز ماء العينين أن “النظام الحاكم في هذا البلد المغاربي يخشى دائما أن تسلط الأضواء على المغرب. ولذلك، يحاول بكل الأساليب والطرق، بما في ذلك الحملات الإعلامية الممنهجة، النيل من صورة المملكة والترويج لمزاعم مضللة بشأن قضاياها الداخلية والخارجية”، لافتا إلى أن “هذا ما يعكس عجزه عن مجاراة السرعة التي يسير بها المغرب لترسيخ نفسه كقوة إقليمية، على عكس الجزائر التي أصبحت دولة يتمنى الجميع، بما في ذلك دول الجوار، ألا يطالهم شرها”.
0 تعليق