تنديد الجزائر بمناورات "شرقي" .. نظام العسكر يغرق في الخطاب العدائي

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

وسط دوامة من العجز والخناق الدبلوماسيَّين، يواصل النظام الجزائري عزفه على وتر العداء للمملكة المغربية واعتبارها “أصل كل الشرور” في المنطقة، إذ لا تتوانى الجزائر في استغلال أي تحرك مغربي، سواء في إطار أحادي أو ثنائي أو متعدد الأطراف، من أجل استعراض بياناتها وخطاباتها العدائية، التي لم تخرج يومًا عن رواية “العدو الخارجي”، التي اختلقتها للتغطية على الواقع الداخلي المضطرب، بشهادة الجزائريين أنفسهم.

في آخر فصول هذا التصعيد، أصدرت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية بيانًا ذكرت فيه أن الأمين العام للوزارة استقبل، أمس الجمعة، سفير فرنسا المعتمد لدى الجزائر، وكان الغرض من هذا اللقاء هو “لفت انتباه الدبلوماسي الفرنسي إلى خطورة مشروع المناورات العسكرية الفرنسية المغربية المزمع إجراؤها في شهر شتنبر المقبل في الرشيدية، بالقرب من الحدود مع الجزائر، وذلك تحت مسمى ‘شرقي 2025’، الذي يحمل الكثير من الدلالات”، وفق ما جاء في البيان.

وأضاف المصدر ذاته أن “الطرف الجزائري ينظر إلى هذا التمرين على أنه عمل استفزازي ضد الجزائر”، معتبرا أن “تصرفا من هذا القبيل سوف يسهم في تأجيج الأزمة التي تميز العلاقات الجزائرية-الفرنسية في المرحلة الراهنة، ويرفع من حدة التوتر بين البلدين إلى مستوى جديد من الخطورة”.

ورغم أن تمرين “شرقي” العسكري المشترك بين جيشي البلدين، قد دأب الجانبان على تنظيمه في المناطق نفسها تقريبا وتحت المسمى ذاته، إلا أن التنديد الجزائري حمل هذه المرة نبرة قوية، إذ شهد الخطاب السياسي تجاه كل من باريس والرباط تصعيدا غير مسبوق، خاصة بعد الموقف الفرنسي الأخير الداعم للوحدة الترابية للمغرب.

ويعتبر قصر المرادية أن أي تقارب مغربي-فرنسي موجه ضده وضد أمنه، ولا يتوانى في اتهام الجميع، خاصة الداعمين لعدالة قضية الصحراء المغربية، بالخيانة والتخلي عن الالتزامات، إضافة إلى الدخول في معارك دبلوماسية خاسرة لا تؤدي إلا إلى تعميق عزلة الجزائر.

في هذا الصدد، قال محمد الغيث ماء العينين، عضو المركز الدولي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، إن “محاولة فهم قرارات وخطوات وردود أفعال الجانب الجزائري، أمر صعب على المستوى الاستراتيجي”، مضيفا: “هذه ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي تقام فيها مناورات مغربية أو مناورات مشتركة على الحدود أو في الأقاليم الجنوبية للمغرب، على غرار مناورات الأسد الإفريقي، الأضخم من نوعها على المستوى القاري”.

وتابع ماء العينين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الجزائر يمكن أن تتقبل الإهانة من فرنسا والانبطاح لها، بل حتى إهانة رعاياها في الخارج، لكنها لا يمكن أن تقبل أبدا أن تطور باريس أو تحسن علاقاتها مع الرباط أو تحقق تقاربا مع هذه الأخيرة”، مبرزا أن “النظام الجزائري ما زال يؤمن، بشكل غير عقلاني، بمبدأ حصرية العلاقات مع فرنسا وبقدسية الحدود الموروثة عن الاستعمار الأجنبي”.

وشدد المتحدث على أن “هدف الجزائر من شيطنة التقارب العسكري بين المغرب وفرنسا هو داخلي بحت، إذ يحاول النظام الحاكم في هذا البلد إعادة إنتاج ظروف ومتغيرات متجاوزة في القانون الدولي”، مبرزا أن “الجزائر ليست سوى مجرد دولة أنشأها الاستعمار الفرنسي من خلال اقتطاع أراضٍ مغربية وتونسية وليبية، وهذا تدركه الجزائر جيدا وتخشى أن يُفتح ملف الحدود، خاصة الحدود الشرقية، ولذلك فهي تحاول تعويم النقاش حول هذا الموضوع وإخفاءه وسط نقاشات أخرى أقل أهمية”.

من جانبه، قال محمد نشطاوي، محلل سياسي باحث في الشؤون السياسية والدولية، إن “تنديد الجزائر بالمناورات المزمع تنظيمها في شتنبر المقبل على الحدود، بتنسيق مغربي-فرنسي، يأتي في سياق خاص يتسم بتصاعد التوتر في العلاقات بين الجزائر وباريس، والقطيعة الجزائرية-المغربية، واستمرار العداء الجزائري لكل ما هو مغربي”.

واعتبر نشطاوي، في حديث لهسبريس، أن “رد الفعل الجزائري حيال هذه المناورات العادية، التي سبقتها مناورات أخرى، يندرج في إطار سياسة الإلهاء التي تنتهجها الجزائر، حيث تحاول من خلالها إعطاء انطباع للداخل بأن المحيط الإقليمي مشتعل، وأن أعداء الجزائر يتربصون بها، وهو ما يفرض تقوية الجبهة الداخلية ومؤسسة الجيش، وبالتالي تبرير نفقات التسلح الضخمة وتعزيز مركزية الجيش في النظام السياسي الجزائري وتكريس دوره في رسم اللعبة السياسية في البلاد”.

وأشار المحلل السياسي ذاته إلى أن “الحدود المغربية-الجزائرية شهدت مناورات عسكرية عدة على امتداد السنوات الماضية، لكن لم يكن هناك أي رد فعل من النظام الجزائري. غير أن تصاعد حدة ردود الفعل الجزائرية هذه يكشف في الحقيقة عن رغبة جامحة في عزل المغرب عن محيطه الإقليمي والدولي، وشيطنته في عيون الشعوب المغاربية”، مشددا على أن “الشعب الجزائري والنخب الجزائرية لديهما ما يكفي من الوعي لفهم أبعاد وحقيقة هذا الخطاب الموجه ضد المملكة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق