الهيدروجين الأخضر في أفريقيا.. 4 عقبات تعرقل انتشاره (تقرير)

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يُبشّر إنتاج الهيدروجين الأخضر في أفريقيا بآفاق واعدة، من شأنها أن تضع القارة في مقدمة المُصدّرين إلى مختلف دول العالم؛ إلا أن هذا السباق تشوبه العديد من العقبات.

ووفق التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أكد الباحث والأستاذ في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P)، عبدالصمد فايق، أن التحدي ما يزال قائمًا في سد "فجوة التكلفة" الحالية.

وقال فايق -في مقابلة مع منصة "موروكو وورلد نيوز" (Morocco World News)-: "المشكلة الكبرى التي نعاني منها هي فجوة التكلفة بين هذه الجزيئات الخضراء والجزيئات العادية، ونحن بحاجة إلى مشترٍ".

ولكنه شدد على أن العقبة الرئيسة أمام النشر السريع للهيدروجين الأخضر هي "عدم اليقين" بشأن طلب السوق.

تكاليف إنتاج الهيدروجين الأخضر

يُعد الهيدروجين الأخضر حاليًا أغلى بمرتَيْن إلى 3 مرات من الهيدروجين المُنتج من الوقود الأحفوري، نظرًا إلى ارتفاع تكاليف أجهزة التحليل الكهربائي وسعر الطاقة المتجددة.

ومع ذلك، ومع توسع الإنتاج ودفع التطورات التكنولوجية لتحسين الكفاءة، يتوقع الخبراء انخفاضات كبيرة في التكلفة، كما كشف الأستاذ في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، عبدالصمد فايق.

يظل الهيدروجين الرمادي حاليًا الأرخص، إذ يتراوح سعره بين 1 و2 يورو (1.09-2.18 دولارًا) للكيلوغرام، في حين يتراوح سعر الهيدروجين الأزرق بين 1.50 و3 يورو (1.64-3.28 دولارًا) للكيلوغرام.

أما الهيدروجين الأخضر فهو الأغلى، إذ يتراوح سعره بين 3 و7 يورو (3.28-7.64 دولارًا) للكيلوغرام، وفق الأرقام التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

(اليورو= 1.09 دولارًا أميركيًا)

ومع ذلك، من المتوقع أن تنخفض التكاليف، لا سيما للهيدروجين الأخضر، مدفوعةً بالتحسينات في تكنولوجيا التحليل الكهربائي، وتوسيع نطاق الإنتاج، وانخفاض أسعار الطاقة المتجددة.

وأشار فايق إلى عدة اتجاهات تشير إلى انخفاضات كبيرة في التكاليف مستقبلًا؛ فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي توسيع نطاق الإنتاج باستعمال مصانع تعمل بقدرة غيغاواط إلى تحقيق وفورات الحجم، على غرار ما لُوحظ في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تحسين مزيج الطاقة من خلال الجمع بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من شأنه أن يقلّل من تكاليف الكهرباء المحلية، ويضمن تشغيلًا أكثر اتساقًا لجهاز التحليل الكهربائي، بحسب المقابلة التي نشرتها "موروكو وورلد نيوز".

كما يتوقع فايق أن تؤدي التطورات في كفاءة التحليل الكهربائي من خلال التحسين المعتمد على الذكاء الاصطناعي والمحفزات الجديدة، إلى جانب التدابير الداعمة مثل تسعير الكربون والحوافز الحكومية، إلى خفض التكاليف بمرور الوقت.

تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر

الطلب على الهيدروجين الأخضر

العقبة الرئيسة أمام النشر السريع للهيدروجين الأخضر هي "عدم اليقين" بشأن طلب السوق، بحسب الأستاذ في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P)، عبدالصمد فايق.

فتكاليف الإنتاج المرتفعة تخلق فجوةً مقارنةً بالهيدروجين التقليدي، كما أن عدم وجود مشترين واضحين لمنتجات الهيدروجين الأخضر يُعقّد تمويل المشروعات.

وفي أفريقيا، ما يزال الطلب المحلي على الهيدروجين الأخضر ومشتقاته محدودًا، ويعزى ذلك أساسًا إلى عوامل التكلفة، ما يعني أن جزءًا كبيرًا من زخم المشروعات الواسعة النطاق يعتمد على أسواق التصدير، خاصةً في أوروبا، بحسب ما أكده فايق.

وتحدّث فايق -أيضًا- عن غياب تعرفات ومعايير واضحة في أطر السياسات، خاصةً تلك التي تُميّز بين الهيدروجين "الأخضر" و"النظيف" والهيدروجين القائم على الوقود الأحفوري؛ وتُعدّ هذه السياسات الواضحة ضرورية لبناء الثقة بين المستثمرين والمشترين.

وقال: "نشهد حالة من عدم اليقين في السوق العالمية، وإذا كان لدينا تعريف جيد للهيدروجين الأخضر، فإن ذلك يعني أن جميع الطاقة المتجددة المستعملة لإنتاج هذه الجزيئات يجب أن تأتي من مصدر أخضر، ولكن يجب أيضًا أن تكون الكهرباء أو محطة الكهرباء التي سنستعملها، متصلة بهذه البنية التحتية لإنتاج الهيدروجين الأخضر".

وأكد أن وضع أطر تنظيمية قوية، إلى جانب حوافز مثل المزايا الضريبية والإعانات، يمكن أن يُقلل من مخاطر المشروعات، ويجذب رأس المال الخاص.

بالإضافة إلى ذلك، تُعد الاستثمارات في البنية التحتية، بما في ذلك خطوط الأنابيب ومرافق التخزين ومحطات التصدير، أمرًا بالغ الأهمية.

وقال فايق إن تعاون المغرب في مشروع أنبوب الغاز من نيجيريا إلى أوروبا، الذي يُمكن تكييفه لاحقًا لنقل الهيدروجين، يُعد مثالًا بارزًا على كيفية إسهام المبادرات متعددة البلدان في تمهيد الطريق لاقتصاد الهيدروجين.

الهيدروجين الأخضر في أفريقيا

لا يُعدّ الانتقال إلى الهيدروجين الأخضر في أفريقيا مجرد تحدٍّ تقني وبنيوي، بل هو أيضًا تحدٍّ يتعلّق برأس المال البشري؛ وإدراكًا منها لذلك، طوّرت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، برامج تدريبية متخصصة في تكنولوجيا الهيدروجين الأخضر.

ففي عام 2023، أطلقت الجامعة برنامج ماجستير تنفيذي في الهيدروجين الأخضر وتطبيقاته، وهو برنامج مكثف مُصمّم لبناء الخبرات في مجموعة من المجالات الحيوية.

وأضاف فايق: "أُطلق البرنامج في عام 2023 لتأهيل مديري هذه التقنية اليوم بالمهارات المناسبة التي ستساعدهم على نشر هذا النوع من التكنولوجيا بكفاءة".

وأوضح أن البرنامج يجمع بين المحاضرات النظرية والعمل المخبري العملي وتجارب "التعلم بالممارسة"، لتكوين جيل جديد من الخبراء المستعدين لقيادة التحول نحو الطاقة الخضراء في أفريقيا.

ويجري العمل على خطط لتوسيع نطاق هذه المبادرات التدريبية، لتشمل جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بالعيون، لضمان وصول هذه المهارات إلى المزيد من الطلاب والمهنيين.

ولكن إلى جانب تطوير المهارات، أكد فايق أهمية الشراكات الدولية لتحقيق الهيدروجين الأخضر كامل إمكاناته؛ إذ تُعد المشروعات التعاونية التي تشمل الاتحاد الأوروبي والأسواق الآسيوية وبنوك التنمية ومؤسسات البحث بالغة الأهمية للتمويل ونقل التكنولوجيا.

وقال: "من خلال مواءمة السياسات الوطنية مع طلب السوق الدولية، يمكن للدول الأفريقية تعزيز ثقة المستثمرين وترسيخ مكانتها بصفتها قادة في اقتصاد الهيدروجين العالمي".

كما أشار فايق إلى أهمية وجود إستراتيجية متماسكة تُعالج التحديات المحلية، مثل عجز البنية التحتية ومحدودية الطلب المحلي، مع الاستفادة من الأسواق العالمية لضمان استمرار الفوائد الاقتصادية للهيدروجين الأخضر في أفريقيا.

وأشار إلى أن إعطاء الأولوية للتطبيقات المحلية، مثل توليد الكهرباء والنقل الثقيل والعمليات الصناعية، قبل التوسع في الصادرات، يُمكن الدول الأفريقية من ضمان استقلالها في مجال الطاقة وتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة.

واختتم فايق قائلًا: "باستغلال مواردها الوفيرة والمتجددة، وتشجيع الشراكات الدولية، وتطبيق سياسات داعمة، يُمكن لأفريقيا تحقيق فوائد اقتصادية وبيئية كبيرة".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق