أعلنت إسرائيل مؤخرًا عن مشروع لبناء مطار مدني دولي جديد جنوب البلاد، وتحديدًا في بلدة "نيفاتيم"، الواقعة على مسافة لا تزيد عن 65 كيلومترًا من قطاع غزة، ما أثار جدلًا سياسيًا وعسكريًا حول الجدوى الحقيقية للمشروع.
المطار، الذي وافقت عليه لجنة الشؤون الاقتصادية في الكنيست، سيُشيّد بجوار قاعدة جوية عسكرية حساسة تضم مقاتلات "إف-35"، ويُتوقع أن يستغرق بناؤه سبع سنوات، ليستوعب لاحقًا نحو 15 مليون مسافر سنويًا، حسبما أفادت وكالة "رويترز".
أهداف اقتصادية واضحة.. ولكن التحفظات العسكرية حاضرة بقوة
تدّعي الحكومة الإسرائيلية أن المشروع يهدف إلى تخفيف الضغط عن مطار "بن غوريون"، الذي يقترب من الوصول إلى طاقته القصوى، مع توقعات أن يبلغ عدد المسافرين فيه 80 مليونًا سنويًا بحلول 2050. كما من المتوقع أن يوفّر المشروع قرابة 50,000 فرصة عمل في منطقة النقب.
لكن في المقابل، تُبدي المؤسسة العسكرية والأمنية معارضة حادة للموقع المقترح، نظرًا لقربه الشديد من القاعدة الجوية نيفاتيم التي تعرضت لهجوم صاروخي إيراني في أكتوبر الماضي، ما يجعلها هدفًا حساسًا يصعب الجمع بينه وبين منشأة مدنية.
خطة المطار تتقاطع مع "المغادرة الطوعية" لسكان غزة
المفارقة أن الإعلان عن مشروع المطار جاء متزامنًا مع إطلاق خطة إسرائيلية جديدة لتسهيل "المغادرة الطوعية" للفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول ثالثة، وفقًا لما صرّحت به متحدثة باسم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وأوضحت المتحدثة أن مجلس الوزراء الأمني المصغر وافق على إنشاء هيئة تابعة لوزارة الدفاع تتولى الإشراف على تنفيذ هذه المغادرة "بطريقة آمنة وخاضعة للمراقبة"، بحسب البيان.
هذا التقاطع الزمني والمكاني بين المشروعين يثير تساؤلات خطيرة:
هل سيكون المطار المدني الجديد جزءًا من البنية التحتية التي تسهّل عمليات التهجير من غزة؟
وهل يتحوّل المشروع من "تطوير اقتصادي" إلى "أداة سياسية" بامتياز؟
هل تتحوّل "نيفاتيم" إلى محور للصراع القادم؟
بلدة نيفاتيم ليست مكانًا عشوائيًا. فإلى جانب كونها قريبة من غزة، فهي نقطة استراتيجية وسط صحراء النقب، وتجاورها قاعدة جوية تُعد من الأكثر تطورًا في إسرائيل. وقد سبق أن تعرّضت لهجمات صاروخية إيرانية، مما يضع أي مشروع مدني مجاور في مرمى الخطر الأمني الدائم.
كما أن موقع المطار المحتمل يُتيح سهولة الربط الجوي مع دول شرق إفريقيا، وأوروبا، ووجهات شرق المتوسط، ما يعزز فرضية استخدامه مستقبلًا لأغراض غير معلنة، أو ضمن خطط إعادة تنظيم سكانية أو أمنية في جنوب إسرائيل وغزة.
المجتمع الدولي في مرمى التساؤلات
رغم تأكيدات الحكومة بأن المشروع يراعي القوانين الدولية، إلا أن ربط إنشاء المطار مع خطة "المغادرة الطوعية" يطرح تحديًا أخلاقيًا وقانونيًا. فهل تواطئ بعض الدول "الآمنة" في استقبال فلسطينيي غزة لاحقًا هو أمر محتمل؟ وهل ستُستخدم البنية التحتية المدنية في تنفيذ رؤية "السلام الاقتصادي" على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية؟
0 تعليق