على الرغم من أنها تظل “أخف حدة” من مفعول الأنفلونزا الموسمية وباقي الأمراض التنفسية المعروفة، فإن حساسية الربيع بطابعها الموسمي تؤثر على حياة عدد من المغاربة وفئات مجتمعية هشة صحيا أو تعاني أمراضا تنفسية مزمنة أخرى؛ خاصة في ظل تداعيات التغير المناخي وتداخل فصول السنة.
ويرى خبراء الصحة وأخصائيو الجهاز التنفسي أن استخدام أدوية الزكام لعلاج “حساسية الربيع” من الأخطاء الشائعة، التي وجب تجنبها، موصين في السياق ذاته الذي تشخصت حالة إصابتهم بها بالابتعاد عن أماكن ومناطق انتشار “حبوب اللقاح” التي تبدأ معها هذه الحساسية مستهل كل فصل ربيع (عادة في شهر مارس)؛ فيما قد تُطيل فترة استمرار إزهار بعض أنواع الأشجار والنباتات (حتى شهر يونيو) أو لفترات أطول تمتد إلى أكتوبر بسبب تقلبات وتغير الظروف المناخية معاناة هذه الفئة وتُفاقمها، خاصة بالنسبة للأشخاص المصابين بالربو أو ضيق حاد في التنفس.
حدة متباينة
سعيد عفيف، رئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية واختصاصي طب الأطفال، قال إن “عملية تفتح الأزهار وانتشار حبوب اللقاح في الهواء الذي يستنشقه من يعاني من الحساسية في أشهر الربيع تزيد من حدة أعراض العطس والرشح والحكة على مستوى الأنف والحلق، يرافقها غالبا حالات “احمرار شديد في العينين”.
وأوضح عفيف، في حديث لجريدة هسبريس، أن “الحساسية الموسمية متعددة الأنواع وتختلف حدتها وخطورتها حسب نوعية المصاب وحالات تشخيص الأعراض من طبيب مختص”، مسجلا أنها تكون عادة “متركزة الأعراض في الأنف والجهاز التنفسي العلوي ضمن حالات تستدعي أخذ “مضاد الهيستامين” Antihistaminique”؛ وهو دواء يُستخدم كمضاد تنافسي لمُستقبِلات الهيستامين، والذي يقلل أو يزيل آثار هذا الوسيط الكيميائي داخلي المنشأ الذي يتم إفرازه، من بين أشياء أخرى، أثناء تفاعلات الحساسية”.
كما نبه المتحدث إلى “تداخل بين الحساسية الموسمية الربيعية وأعراض حالات الإصابة بـ”الفيروس التنفسي المِخلوي (Virus respiratoire syncytial VRS)”، مؤكدا أنه “في حالة الإصابة بضيق التنفس ينصح بأخذ “Salbutamol وهو يساهم في توسيع القصبات الهوائية ويزيد من حجم أنابيب الشعب الهوائية للمساعدة على التنفس بسهولة أكبر”.
كما أثار رئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية واختصاصي طب الأطفال إشكالية “حساسية الغبار” التي تستدعي “تهوية منتظمة للمنازل وأماكن العمل”، موصيا بضرورة الابتعاد عن مسببات الحساسية والتوجه إلى الطبيب لوصف الدواء المناسب حسب أعراض الحالات وتشخيصها”.
تُفاقم الخطر
أكدت صباح المشيشي العلمي، اختصاصية في الأمراض الصدرية والتنفسية والحساسية، أن “الحساسية الموسمية قد تكون بدأت عند بعض الأشخاص في شهري فبراير ومارس، وبعضهم تستمر معه لأشهر؛ بينما في حالات علاج مبكر تتراجع حدتها”، لافتة الانتباه إلى “قوتها بحكم أن شهر مارس هو ذروة فترة الإزهار لدى الأشجار والنوار، خاصة بالذكر شجر الزيتون”.
وأضافت المشيشي العلمي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الأعراض تتمثل أساسا في “سيلان واحتقان الأنف، فضلا عن الحكة في الأنف والعينين والعطس لفترة مطولة، قبل أن تتطور في حالات حادة شديدة إلى “ضيق في التنفس والحساسية الأنف الحنجرة والعينين”؛ فضلا عن “صفير في الصدر وسعال جاف، بسبب الانسدادات في الجهاز التنفسي”، موردة أنها تختلف عن “الأنفلونزا المسببة للألم في المفاصل والتعب أساسا”.
ويتم تشخيص الحساسية الموسمية للربيع، وفق ما أفادت به طبيبة الأمراض الصدرية سابقا بالمستشفى الإقليمي ابن باجة-تازة، بـ”اختبار الحساسية الجلدية” قبل تحديد البروتوكول العلاجي المناسب لكل حالة، خاصة أن عوامل الوراثة والتعرض للتلوث والتدخين تزيد من مفاقمة احتمال الإصابة أو كونها مزمنة”.
ودعت أخصائية الأمراض التنفسية إلى “تفادي استنشاق هواء الأماكن القريبة من الأزهار والنباتات والأشجار المزهرة”، مع “تشخيص مبكر والعلاج حسب نوع الحساسية كي لا تقع مضاعفات خطيرة غير محمودة العواقب”، لافتة إلى أن “فئات الأطفال وكبار السن معرضة بدورها لمخاطر الحساسية وآثارها على الجهاز التنفسي ومناعته؛ ما يستدعي استشارات طبية خاصة”.
جدير بالذكر أن “25 في المائة من المجتمع يعانون من حساسية الأنف خلال فصل الربيع بدرجات متفاوتة، بمعنى واحد من أصل كل 5 أشخاص مصاب بهذه الحساسية الموسمية”، حسب معطيات خبراء طبيين يوصون بالمسارعة إلى العلاج وضرورة استعمال المصابين “رشاشات في الأنف أو عقاقير في بعض الحالات”، مع “تجنب المواد التي تتسبب في تهييج هذه المشكلة الصحية التي تظل عموما قابلة للضبط”.
0 تعليق