ابتكر باحثون تقنيةً جديدةً لتصنيع وقود الطائرات المستدام تعتمد على ضوء الشمس في توليد طاقة حرارية يمكنها أن تحفّز تفاعلات كيميائية لإنتاج الوقود الإستراتيجي الذي يُعوَّل عليه في تسريع جهود تحول الطاقة.

ووفق دراسة بحثية طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تعتمد التقنية على مفاعل ضوئي حراري يعمل بالطاقة الشمسية بشكل كامل، ويحوي جهازًا لامتصاص أشعة الشمس بهدف تحقيق أقصى قدر من توليد الطاقة الشمسية الحرارية.

ويحقق جهاز الامتصاص الشمسي درجة حرارة قصوى تصل إلى 249 درجة مئوية تحت إضاءة شمس واحدة، و130 درجة مئوية في ظل ظروف التشغيل المحيطة.

ولا يتطلب المفاعل المذكور نظام تتبُّع شمسي؛ إذ يسمح هذا النظام للمجمع الشمسي، أو العاكس، أو اللوح الشمسي بتتبُّع ضوء الشمس خلال مدة النهار لتعظيم امتصاص ضوء الشمس إلى أقصى حدّ.

ويُعرف وقود الطائرات المستدام بأنه نوع من الوقود الحيوي المصنّع من مواد نباتية، مثل الذرة وزيت الطهي والدهون الحيوانية والنفايات الزراعية، ويُراهَن عليه بوصفه مصدرًا منخفض الانبعاثات في تسريع جهود الحياد الكربوني.

الطيران المستدام

ظلَّ الطيران المستدام، على مدى عقود طويلة حلمًا مشتركًا يراود خيال العلماء والمدافعين عن البيئة وقادة الصناعة.

لكن هذا الحلم يقترب حاليًا -على ما يبدو- من أن يصبح واقعًا بفضل جهود كوكبة من الباحثين في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا "كالتيك" (Caltec)، الذين نجحوا في تطوير نظام يعمل بالطاقة الشمسية لديه القدرة على تغيير مستقبل رحلات الطيران المستدامة.

ولتحقيق هذا الهدف، بنى الباحثون مفاعلًا ضوئيًا حراريًا صغير الحجم يعمل بالطاقة الشمسية بشكل كامل، دون الاعتماد على الكهرباء أو مصادر الوقود الأحفوري.

ولدى المفاعل الجديد القدرة على التقاط الحرارة المولّدة من الشمس، واستغلالها في تحفيز تفاعلات كيميائية لازمة لتصنيع وقود الطائرات؛ ما يقرِّب العالم خطوة من الطيران حيادي الكربون.

امتصاص الشمس

يتفرد المفاعل الضوئي الحراري بكونه مزودًا بجهاز امتصاص طاقة شمسية متطور للغاية مصمَّم على نحو يتيح له الاحتفاظ بأكبر قدر من الحرارة قدر المستطاع، مع خفض الهدر من تلك الحرارة إلى الوسط الخارجي.

ويتألف جهاز الامتصاص الشمسي المذكور من هيكل ذي طبقات من معادن السيليكون والغرامانيوم والذهب، كلّها مترسبة في قاعدة من الفضة.

وفوق هذا التجمع المتنوع من العناصر، تستقر نافذة من الكوارتز؛ ما يتيح لضوء الشمس الدخول بسلاسة، إلى جانب طبقة فراغية تساعد في تحفيز النظام.

وقالت المؤلفة المشاركة للدراسة والباحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في معهد كافلي لعلوم النانو في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا أيسولو أيتبيكوفا: "كان من الصعب تحقيق ذلك الهدف باستعمال مادة واحدة، لذلك استعنّا بمجموعة متعددة الطبقات".

وأوضحت أيتبيكوفا: "لكل طبقة دور محدد، ولكن عند دمجها معًا، فإنها تُعطي النتيجة المرجوّة"، مضيفةً: "نحن لا نتنافس مع تقنية الطاقة الشمسية المركزة، حيث يكون بمقدورك الوصول إلى درجة حرارة تعادل تلك الناتجة عن 2700 شمس".

وتابعت: "نحن نبحث عن تقنية تكاملية يمكن استعمالها في المناطق التي لا تكون فيها الطاقة الشمسية المركزة متاحة"، وفق تصريحات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ومن هذا المنطلق، توصَّل الباحثون في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا إلى ابتكار مفاعل لديه القدرة على الوصول بدرجات الحرارة إلى 249 درجة مئوية تحت ضوء الشمس المباشر، والمحافظة على نحو 130 درجة مئوية في أثناء التشغيل الطبيعي.

وتُعدّ تلك الظروف المذكورة كافية لتحريك عملية تكوين جزيئات الإيثيلين، وهي عملية تحول جزيئات الهيدروكربون البسيطة إلى سلاسل أطول، والتي تُعدّ المكونات الرئيسة لوقود الطائرات.

قدرات المفاعل

أثبت فريق البحث في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا "كالتيك" قدرة المفاعل الذي يعمل بالطاقة الشمسية على أخذ الإيثيلين، وهو جزيء ثنائي الكربون، وتحويله إلى ألكينات تحتوي على ما بين 7 و26 ذرة كربون، وهو النطاق الدقيق الموجود في وقود الطائرات التقليدي.

وحقَّق الباحثون هذا الإنجاز دون الاعتماد على حرق الوقود الأحفوري، أو حتى استعمال كهرباء خارجية، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وقال مدير مختبر ليزا وأستاذ الفيزياء التطبيقية وعلوم المواد في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا هاري أتووتر: "يُظهِر جهاز الامتصاص الشمسي المذكور أن الحرارة المتولدة عن الطاقة الشمسية الوفيرة يمكن استعمالها لتحريك العمليات التحفيزية مباشرةً، وهو الأمر الذي كان يُنجَز عادةً باستعمال الكهرباء أو الوقود الأحفوري".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

1.تقنية تعتمد على ضوء الشمس في إنتاج وقود الطائرات المستدام من دراسة منشورة في موقع معهد "كالتيك"