لا حديث داخل أسوار الوكالة الوطنية للمياه والغابات خلال الفترة الحالية إلا عن التغييرات التي تعرفها النصوص القانونية المحدثة لها، إذ حرّكت جزءًا مهما من أطرها وموظفيها ممن عبروا عن رفضهم “الإدماج القسري”، مع مطالبتهم بـ”المحافظة على صفة الموظف العمومي والإبقاء على الحق في تجديد طلبات الإلحاق”.
ويأتي ذلك بعد مصادقة المجلس الحكومي، الخميس الماضي، على مشروع المرسوم بقانون رقم 2.25.302 الخاص بتغيير القانون رقم 52.20 المتعلق بإحداث الوكالة ذاتها، مع إحالته على البرلمان الذي تدارسه بدوره وصوت بمجلسيه لصالحه، خلال اليوم الموالي.
وفي هذا الإطار قالت جمعية خريجي المدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين إنها “تتابع بقلق واندهاش بالغين التعديلات المقدمة على القانون رقم 52.20 المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للمياه والغابات عبر مشروع المرسوم بقانون رقم 2.25.302، التي تمس بشكل جوهري الوضعية القانونية والاجتماعية لموظفي قطاع المياه والغابات الملحقين تلقائيا لدى الوكالة، وفقا لأحكام المادة 18 من القانون المذكور”.
وأوضحت الجمعية ذاتها، ضمن بلاغ لها، أن “مشروع التعديل غير متوازن وغير منصف، ويهدد الحقوق المكتسبة للموظفين الملحقين بالوكالة، ويحمل العديد من الأمور المقلقة، إذ ستترتب عليه مصادرة الحق في العودة إلى القطاع العام الأصلي (وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات)، ما يعد تهميشا لإرادة ما يقارب 2000 موظف (54 في المائة من الملحقين) الذين أعلنوا تمسّكهم بصفة الموظف العمومي”.
وبحسب المصدر ذاته فإن الأمر سيترتب عليه كذلك “تجريد الموظفين من حقهم في تجديد الإلحاق تلقائيا، وهو ما يعد خرقا لمقتضيات النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، ويؤسس لوضعية قانونية وإدارية هشّة”، فضلا عن “فرض تعديل بشكل استعجالي غير مبرر قبل انتهاء الأجل القانوني (5 أبريل 2025) دون ضمانات كافية للحقوق المكتسبة”، بحسبه.
كما أشار البلاغ إلى أن “المشروع المقدم للمصادقة عليه يشكل مساسا بالاستقرار الوظيفي، إذ يجبر الموظفين على قبول نظام وظيفي جديد دون ضمان معادلة الحقوق، خاصة في ظل نظام أساسي لا يحترم مقتضيات القانون المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للمياه والغابات وقانون الوظيفة العمومية والمرسوم رقم 2.93.844، الذي يشكل الإطار المرجعي للنظام الأساسي للموظفين التقنيين والعلميين العاملين بالمياه والغابات”.
وطالبت جمعية خريجي المدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين (الممثلة أساسا للمهندسين الغابويين داخل المؤسسة المذكورة) بـ”إلغاء الإدماج الإجباري الذي جاء به التعديل، والحفاظ على حق العودة إلى القطاع العام، حماية للحقوق المكتسبة للموظفين، وتماشيا مع روح القانون الأصلي المحدث للوكالة وقانون الوظيفة العمومية”.
كما تمسّكت الهيئة ذاتها بمطلب “تجديد الإلحاق لثلاث سنوات إضافية، مع تركه اختياريا، لدراسة البدائل المقترحة من طرف الشركاء الاجتماعيين وممثلي الموظفين، إلى جانب الاحتفاظ بصفة الموظف العمومي وضرورة استعمال هذا المصطلح بدل المستخدم أو المورد البشري، ترسيخا للمكانة الإدارية والقانونية لهذه الفئة”.
وطالبت الجمعية في السياق نفسه بـ”فتح حوار عاجل مع وزارتي الفلاحة والصيد البحري والاقتصاد والمالية، والوكالة الوطنية والمياه والغابات، والشركاء الاجتماعيين وممثلي الموظفين، لتقديم حلول عادلة ومستدامة ترضي جميع الأطراف”.
تجدر الإشارة إلى أن المعارضة بالبرلمان كانت انتقدت، الجمعة، “إعمال الحكومة السرعة في طرح المرسوم بقانون المذكور للتداول والتصويت وعدم انتظار حلول الدورة الربيعية التي تُفتتح بعد أسبوع تقريبا”، رافضة في السياق نفسه ما اعتبرته “إدماجا قسريا لموظفي الوكالة الوطنية للمياه والغابات”.
وكان الفريق الحركي بمجلس النواب، ضمن اجتماع لجنة القطاعات الإنتاجية، سجّل أن “الفقرة الثانية من المادة 18، في صيغتها الحالية، تجرد الموظفين من حقهم في تجديد الإلحاق تلقائيا، ما يعد خرقا لمقتضيات النظام الأساسي العام للوظيفة العام العمومية”، مشددا على “ضرورة استعمال مصطلح الموظف العمومي بدل ‘المستخدم’ أو ‘المورد البشري’ ترسيخا للمكانة الإدارية أو القانونية لهذه الفئة”.
واعتبرت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية داخل المجلس ذاته أن “مشروع المرسوم المذكور يهدف إلى إرغام موظفي المياه والغابات على الإلحاق القسري، بعد رفض نسبة كبيرة من الموظفين عملية الإدماج، إذ ترك قانون الإحداث الباب مفتوحا لهم للإدماج بشكل طوعي”؛ كما أكدت “ضرورة جعل الإدماج طوعيا وفتح المجال لتجديد الإلحاق أمام الموظفين واستبدال عبارة ‘المستخدمين’ بـعبارة ‘الموظفين’، ومراجعة النظام الأساسي لموظفي الوكالة، بما يضمن الاستقرار الوظيفي للموظفين الغابويين ويحفظ حقوقهم المهنية (..)”، وهي المواقف التي عبر مستشارون برلمانيون كذلك لدى وصول مشروع المرسوم بقانون إلى الغرفة الثانية من البرلمان.
0 تعليق