احتجاز الكربون وتخزينه.. لماذا تغيّر الشركات الداعمة له موقفها؟ (تقرير)

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دفعت التكلفة المرتفعة لاحتجاز الكربون وتخزينه الشركات المدافعة عنه لمدة طويلة إلى تغيير موقفها منه بعد تنفيذ مشروعات عديدة.

في هذا الإطار، صرّحت الرئيسة التنفيذية لشركة وودسايد (Woodside)، أكبر منتج للغاز الأحفوري في أستراليا، ميغ أونيل، لصحيفة "أستراليان فايننشال ريفيو"، بأن إجراء تخفيضات جذرية في انبعاثات شركتها سيكون مكلفًا للغاية.

وبعد سنوات من الترويج وخطط الحياد الكربوني التي ركزت على احتجاز الكربون وتخزينه بصفته حلًا سحريًا، أقرت الرئيسة التنفيذية لإحدى أكبر الشركات المُصدرة للانبعاثات في أستراليا بما يعرفه المطلعون منذ عقود، بأن "هذا حل صعب المنال"، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وتُعد هذه أوضح إشارة حتى الآن إلى أن حتى الشركات التي روّجت لاحتجاز الكربون وتخزينه بصفته حلًا سحريًا لم تعد تثق بجدواه الاقتصادية.

تكلفة احتجاز الكربون وتخزينه

قدّرت الرئيسة التنفيذية لشركة وودسايد الأسترالية، ميغ أونيل، تكلفة احتجاز الكربون وتخزينه بما بين 200 و500 دولار للطن، وقالت: "هذا ليس خطأ تقريبيًا، بل إنذار كبير يفيد بأنه لا جدوى من هذا".

وتُبدّد هذه التكلفة وهم أن احتجاز الكربون يُمكن أن يُحسّن عمليات الغاز المُسال أو يُوفر جسرًا موثوقًا لمستقبل أقل انبعاثات.

من ناحية ثانية، لا تُعد شركة وودسايد وحدها في هذا التراجع البطيء.

محطة لالتقاط الكربون من الهواء في سويسرا
محطة لالتقاط الكربون من الهواء في سويسرا - الصورة من الموقع الرسمي لشركة كلايمووركس

فقد صرّح الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل الأميركية (ExxonMobil)، دارين وودز، مؤخرًا، بأن احتجاز الهواء المباشر -ذلك الجهاز الجديد اللامع الذي كان من المفترض أن يلتقط الكربون من الهواء ويُحسّن كل شيء- يُكلّف ما بين 600 و1000 دولار للطن.

للمقارنة، يدور سعر الكربون في الاتحاد الأوروبي حول 65 يورو (71.03 دولارًا)، وما تزال أستراليا تتلاعب في الغالب بالائتمانات والخطط الطوعية.

وحتى وقت قريب، كان يُروّج لجهاز احتجاز الهواء المباشر على أنه المستقبل، ويعود الفضل إلى دارين وودز، الذي يعترف الآن بأنه بحاجة إلى أن يكون أرخص بـ5 مرات قبل أن يكون قابلًا للتوسع عن بُعد.

اعتماد صناعة الوقود الأحفوري على احتجاز الكربون وتخزينه

لأكثر من عقدَيْن من الزمن، اعتمدت صناعة الوقود الأحفوري بشدة على احتجاز الكربون وتخزينه للحفاظ على استمراريتها.

في أوائل العقد الأول من القرن الـ21، روّجت شركات شل، وبي بي، وشيفرون، ووودسايد، لاحتجاز الكربون بوصفه تقنية مؤكدة تحتاج فقط إلى القليل من التمويل العام والإرادة السياسية.

وقالت هذه الشركات إن التقنية سليمة، وستنخفض التكاليف، وبدلًا من ذلك، ظهرت بعض المشروعات التجريبية باهظة الثمن، وانبعاثات استمرت في الارتفاع.

وكانت شركة شل (Shell) الأنغلوهولندية من بين أكثر المُشجعين صخبًا، بحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتحديثات القطاع.

في عام 2008، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة شل آنذاك، جيروين فان دير فير، أن احتجاز الكربون "تقنية أساسية للتخفيف من تغير المناخ"، مدعيًا أنه "بفضل السياسات الصحيحة، يمكن نشر احتجاز الكربون وتخزينه على نطاق واسع بحلول عام 2020".

محطة نورث وست شلف للغاز المسال التابعة لشركة وودسايد
محطة نورث وست شلف للغاز المسال التابعة لشركة وودسايد - الصورة من صحيفة ذا سيدني مورنينغ هيرالد

وموّلت الشركة مشروع كويست لاحتجاز الكربون وتخزينه في مقاطعة ألبرتا الكندية، الذي بدأ العمل عام 2015.

ووصفت شل المشروع بأنه ناجح، لكنها لم تذكر أن أكثر من 865 مليون دولار كندي (611.04 دولارًا أميركيًا) من إجمالي تكلفة رأس المال البالغة 1.3 مليار دولار جاءت من الدعم الحكومي.

تجدر الإشارة إلى أن المشروع التقط كمية من ثاني أكسيد الكربون أقل بنحو الثلث مما وُعد به في البداية خلال سنواته التشغيلية الأولى.

تحقيق رقابي

في غضون ذلك، أظهرت وثائق داخلية كشف عنها تحقيقٌ رقابيٌّ أجراه مجلس النواب الأمريكي بعد سنوات، أن محللي شركة شل اعترفوا في عام 2017 بأن تقنية احتجاز الكربون وتخزينه "بعيدة كل البعد عن التنافسية أو الفعالية من حيث التكلفة"، محذرين من أن هذه التقنية لن تتطور في الوقت المناسب لتكون مفيدة.

وجاء في الوثيقة: "إن فرصة بقاء تقنية احتجاز الكربون وتخزينه ذات صلة بالحكومات والمجتمع تضيق بسرعة"، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

منشأة شل كويست لاحتجاز الكربون بالقرب من مدينة إدمونتون في كندا
منشأة شل كويست لاحتجاز الكربون بالقرب من مدينة إدمونتون في كندا - الصورة من بلومبرغ

من جهتها، أدت شركة النفط البريطانية العملاقة بي بي (BP) دورًا مماثلًا، إذ شاركت في تأسيس مبادرة التخفيف من انبعاثات الكربون في جامعة برينستون عام 2000، مؤيدةً بذلك فكرة أن تقنية احتجاز الكربون وتخزينه يمكن أن تُحقق التوازن بين الوقود الأحفوري والعمل المناخي.

في مرحلةٍ ما، شاركت بي بي في مشروعات متعددة، بما في ذلك محطة مقترحة لاحتجاز الكربون وتخزينه في كاليفورنيا، وتحديثٌ في حقل غاز عين صالح التابع لها في الجزائر.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق