التحويلات المالية للجالية .. رافعة اقتصادية تخفف أوجاع "هجرة الأدمغة"

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أكدت دراسة بحثية أن “الهجرة الدولية تظل ذات انعكاسات مزدوجة على الاستثمار في المغرب، حيث تسهم في تحفيز الاقتصاد من خلال تحويلات المهاجرين واستثماراتهم في قطاعات إستراتيجية، ما يخلق دينامية اقتصادية تدعم المشاريع التنموية، كما تؤدي من جهة أخرى إلى تحديات بنيوية على رأسها استقطاب الكفاءات”.

وأوضحت الدراسة المنشورة في عدد أبريل من “مجلة الباحث للدراسات والأبحاث العلمية” أن “المعطيات الإحصائية في هذا الجانب تشير إلى نمو تحويلات مغاربة الخارج بحوالي 2,8 في المائة ما بين نونبر 2023 والفترة نفسها من سنة 2024″، وزادت: “هذه التحويلات تعتبر ركيزة أساسية لدعم ميزان المدفوعات وتوفير السيولة اللازمة للاستثمار في قطاعات مختلفة”.

كما شددت الورقة على “أهمية تخصيص 15 في المائة من هذه التحويلات للاستثمارات، لاسيما في مجال العقار (40 في المائة من الاستثمارات)، والخدمات والتجارة والصناعة، في وقت تتركز غالبية هذه العمليات بأوروبا التي تضم أعدادا كبيرة من المغاربة، بما يوفّر دعما أكيدا للاقتصاد المغربي في هذا الباب”.

وأشار المصدر ذاته إلى أن “مغاربة فرنسا يساهمون بما يصل إلى 36 في المائة من إجمالي التحويلات، بالنظر إلى أن البلاد تضم حوالي 1,3 ملايين مغربي، في حين يساهم مغاربة إسبانيا كذلك بما يصل إلى 23 في المائة من إجمالي هذه التحويلات، التي يتم استثمارها أجزاء منها في مجالات الفلاحة والتجارة”.

كما لفتت الوثيقة إلى أن “مغاربة بلجيكا وهولندا وألمانيا والمملكة المتحدة يلعبون دورا مهما في هذا الباب، إذ تساهم التحويلات المالية التي يقفون وراءها في تحسين مستوى عيش أسر مغربية وتلبية احتياجاتها الأساسية ودعم القطاعات الاقتصادية المنتجة، وذلك من خلال ضخ سيولة جديدة وتمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة”.

وبحسب الدراسة المذكورة فإن هذه العمليات التي تنشأ في هذا الجانب “تجسّد مفهوم الإتيقا الاقتصادية المهاجرة التي تقوم على الروابط العائلية والمسؤولية الجماعية، مع كون آثارها في هذا الجانب لا تقتصر على الجوانب الديمغرافية والاجتماعية، وإنما تمتد إلى الديناميات الاستثمارية”.

وأوضح سعيد عزوزي، مؤلف الدراسة باحث في علم الاجتماع، أن “تحولات الهجرة تفرض تحديات استثمارية تستدعي سياسات أكثر تكيّفا لضمان الاستفادة المثلى من الإمكانات التي توفرها هذه الظاهرة”، معتبرا أن التحويلات المالية للمهاجرين تعتبر “رافدا اقتصاديا مهما”.

ولم تتوقف الدراسة المذكورة عند هذا الجانب، بل انتقلت إلى مناقشة مستوى ثان يهم الموضوع ذاته، لاسيما في ما يخص الانعكاسات السلبية للهجرة الدولية على المغرب، إذا استحضرت أرقاما وإحصائيات تشير إلى “فقدان البلد ما يصل إلى 600 طبيب و1200 مهندس سنويا بسبب الهجرة الدولية، ما يؤدي إلى تفاقم العجز في قطاعات حيوية بعينها”.

ونبّهت الوثيقة كذلك إلى “استحواذ الشباب على نسبة مهمة من إجمالي المهاجرين سنويا، ما يكون وراء ارتفاع معدل الشيخوخة بعدد من المناطق بالمغرب، لاسيما الأرياف”، متابعة: “رغم أهمية التحويلات المالية في هذا الجانب إلا أن جزءا مهما منها يتم استهلاكه”.

وأكدت الدراسة في السياق نفسه أنه “أصبح من الضروري تطوير سياسات حكومية تستند إلى تثمين الرأسمال البشري للمهاجرين عبر توفير بيئة استثمارية جاذبة، وإطلاق برامج لدعم ريادة الأعمال للمغاربة العائدين، وخلق جسور التعاون بين الكفاءات المغربية بالخارج والقطاعات الإنتاجية الوطنية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق