في ظل الجمود السياسي والتصعيد الميداني المتواصل، طرحت المقاومة الفلسطينية مبادرتها المعروفة بـ"الرزمة" أو "الكل مقابل الكل" كمحاولة جدية لاختراق جدار الاستعصاء السياسي الإسرائيلي.
وتأتي مبادرة الرزمة في وقت تواصل فيه حكومة نتنياهو التلويح بعملية عسكرية شاملة ضد غزة، في محاولة واضحة للضغط على المقاومة للقبول بشروطها، بينما تُظهر التقديرات العسكرية والمعطيات الميدانية أن الجيش الإسرائيلي ربما لا يملك القدرة الحقيقية على تنفيذ مثل هذا السيناريو المكلف.
الرزمة.. مبادرة لاختراق الجمود
قال الخبير العسكري والاستراتيجي الأردني نضال أبو زيد في تصريحات خاصة لموقع تحيا مصر إن المبادرة التي طرحتها المقاومة تحت اسم الرزمة تمثل جهدًا تفاوضيًا جديدًا، وهي محاولة لخلق ثغرة في جدار الصمت الإسرائيلي.
وأضاف الخبير العسكري، أن الاحتلال يحاول استخدام ورقة التفاوض لتحقيق مكاسب سياسية بعدما فشل في تحقيق أهدافه ميدانيًا.
الرزمة وتوازن القوى: الحسابات لا تخدم الاحتلال
كشف أبو زيد عن أن تقديرات إسرائيلية، منها ما ورد في موقع "واللا" العبري، تشير إلى أن المقاومة تمكنت من إعادة بناء قواتها البشرية لتضم نحو 20 ألف عنصر، بينما قدر معهد دراسات الحرب الأمريكي العدد بنحو 25 ألف عنصر.
وأضاف: "حتى لو افترضنا صحة الرقم الأقل، أي 20 ألف مقاتل، فإن المعايير العسكرية تؤكد أن القوات المهاجمة يجب أن تكون أكبر بثلاثة أضعاف من القوات المدافعة، أي أن الاحتلال بحاجة إلى 60 ألف جندي على الأقل لشن عملية شاملة".
عقبات ميدانية وأزمات داخلية
أوضح أبو زيد أن جيش الاحتلال لا يمتلك هذه الأعداد حاليًا، إذ لا يضم سوى 11 فرقة، منها ثلاث فقط نظامية. في المقابل، هناك فرق منتشرة في الضفة الغربية ولبنان، وفرقة أخرى تنفذ عمليات في سوريا، ما يجعل تنفيذ عملية شاملة ضربًا من المغامرة.
ولفت إلى أن الجيش الإسرائيلي يعاني من مشاكل في القوى البشرية، حيث يتم الدفع بمجندين لم يكملوا تدريباتهم، إضافة إلى اتساع دائرة رافضي المشاركة في العمليات من داخل صفوف الجيش والقطاعات المدنية، في تطور غير مسبوق.
سباق مع الزمن قبل زيارة ترامب
بحسب أبو زيد، فإن التلويح بالعملية العسكرية يأتي في سياق الضغط على المقاومة للقبول بشروط المبادرة الإسرائيلية.
وأشار إلى أن هناك حالة استعجال واضحة في الخطاب الإسرائيلي، ما يعكس قلقًا من تورط الاحتلال في معركة طويلة الأمد قد تتزامن مع زيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي السابق *دونالد ترامب* إلى المنطقة في بداية مايو المقبل.
خلاصة المشهد:
ما بين العجز الميداني وورقة التهديد، تبدو إسرائيل عاجزة فعليًا عن تنفيذ تهديداتها على الأرض. في المقابل، تُواصل المقاومة طرح بدائل تفاوضية تضع الكرة في الملعب السياسي.
وفي ظل هذه التفاعلات، قد لا يكون التصعيد هو الخيار المطروح، بل اتفاق محتمل يُطبخ على نار هادئة قبل أن يحل أيار.
0 تعليق