يشكّل الهيدروجين المسال حلًا سحريًا لعقبات نقل الوقود النظيف وتخزينه، ما يعزّز توسّع تطبيقاته الصناعية والتجارية.
ويشجع داعمو تحول الطاقة، سواء الحكومات وصناع السياسات أو نشطاء البيئة والمناخ، على استعمال الهيدروجين في محاولة لتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ووفق دليل تقنيات الهيدروجين العالمية المتاحة لدى منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن)، برزت سلطنة عمان بصفتها دولة شرق أوسطية رائدة في تصدير الهيدروجين عبر أول ممر عالمي بعد إسالته.
ومثل بقية التقنيات، قد تواجه عمليات إسالة الهيدروجين تحديات تعطّل استمرارها وانتشارها، لكن التغلب على هذه القيود يفتح مسارًا جديدًا للطاقة المستدامة.
ما الهيدروجين المسال؟
يُثير تساؤل ما الهيدروجين المسال؟ علامات استفهام عدة، إذ ارتبطت عمليات الإسالة بالغاز فقط لسنوات طويلة.
ويُستخلص غاز الهيدروجين التقليدي من الماء، ويُستعمل في الصورة الغازية أو السائلة، وتُستعمل الأنواع المسالة في بعض القطاعات الرئيسة، مثل: النقل (سواء البري أو الطيران)، بالإضافة إلى القطاع الصناعي والكهرباء، طبقًا لموقع ديماكو.
ويتطلّب تخزين الهيدروجين بعد إسالته استمرار حفظه في درجات حرارة منخفضة، إذ تكتسب أنواع الوقود المسالة أفضلية عن نظيرتها الغازية نظرًا إلى كثافتها، حسب معلومات منشورة بالموقع الإلكتروني لوزارة الطاقة الأميركية.

ولتأمين كثافة أعلى مقارنة بالهيدروجين الغاز، تُخزّن الصورة المسالة عادة عند مستوى تبريد يُقدّر بـ20.28 كلفن.
ولتوضيح الفارق بين كفاءة نقل الهيدروجين وتخزينه في صورة مسالة، يمكن لخزان شاحنة نقل ما يزيد على 4 آلاف كيلوغرام هيدروجين مسال، مقارنة بنقل 686 كيلوغرامًا فقط بالطرق المضغوطة.
وبذلك، توفر عمليات الإسالة قدرة نقل أعلى بنحو 6 أضعاف، مقارنة بالضغط سواء في خطوط أو صهاريج.
ويتوافق ذلك مع الدور المنوط بالهيدروجين في مسار الحياد الكربوني العالمي، وفق ما نشره موقع إنرجي نيوز.
ويصب تنوّع التقنيات وطرق النقل والتخزين في صالح تعزيز صناعة الهيدروجين، بالتغلّب على التحديات اللوجستية ومواصلة البحث والتطوير للتغلب على تحديات إسالته.
تحديات إسالة الهيدروجين
يقف ضبط درجات الحرارة حائلًا أمام تخزين الهيدروجين عبر تبريده، إذ يتطلّب ذلك إبقاء الإمدادات في درجات حرارة منخفضة جدًا.
ويعكف المطورون حاليًا على تنويع موارد العزل الرئيسة، مثل: استعمال البيرلايت (حبوب زجاجية تكتسي باللون الأبيض المائل إلى الرمادي)، أو حفظ الهيدروجين في فقاعات زجاجية، أو تخزينه في مواد ذات طبقات متعددة.
ولم تثبت الصور الـ3 السابق ذكرها لحفظ الهيدروجين وتبريده جدوى كاملة، وتواجه تحديات مثل: الضخامة وكبر الحجم، أو مخاوف السلامة، أو إمكان التعرض لـ"التثقيب" أو التمزق.
وحاليًا، يركز الباحثون على تطوير عملية تخزين الهيدروجين عبر "الامتزاز"، أي تخزينه عند درجات منخفضة للغاية عبر لصقه بسطح مواد نانوية، ما يُسهم في تباطؤ خسارة الوقود مع ارتفاع درجات الحرارة.
ولا يزال الأمر قاصرًا -حتى الآن- على تطبيق تخزين الهيدروجين بالامتزاز في المختبرات، ولم يتوسع على الصعيد الصناعي في ظل التحديات المالية والتقنية.
ويُظهر الهيدروجين المسال توافقًا أكبر مع قطاع النقل، في ظل استفادة خلايا الوقود من التخزين في درجات حرارة منخفضة.
ويبرز ذلك بصورة أكبر في مجال الطيران الذي يحتاج إلى خزان وقود خفيف الوزن، ما يضمن حلولًا آمنة للوقود البديل يمكنها المنافسة من حيث التكلفة.
الهيدروجين في سلطنة عمان
زادت فرص إسالة الهيدروجين في سلطنة عمان، ما يمهد الطريق للدولة الشرق أوسطية لتزويد السوق الأوروبية والآسيوية بالوقود النظيف بدءًا من النصف الأول للعام المقبل 2026 بعد اتخاذ قرار الاستثمار النهائي.
وكشفت شركة "إيكولوغ" العالمية أنها بصدد إنشاء مصنع للإسالة في السلطنة، بطاقة تصل إلى 200 ألف طن متري سنويًا.
وأرجع مسؤولو الشركة ذلك إلى انخفاض تكلفة إنتاج الهيدروجين وإسالته وتحميله في السلطنة مقارنة بأوروبا.
وتستهدف السلطنة إنتاج ما يتراوح بين 1.25 و1.4 مليون طن متري سنويًا من الهيدروجين الأخضر بحلول 2030، وخصصت مساحات تصل إلى 50 ألف كيلومتر لمشروعات في: الدقم، والجازر، وظفار.
وفي فبراير/شباط الماضي، حدّدت شركة هيدروجين عمان "هايدروم" خططًا زمنية لطرح جولتها الثالثة لمزايدات الهيدروجين الأخضر، لجذب المستثمرين ودعم أهدافها الإنتاجية.
وفي منتصف أبريل/نيسان الجاري، وقّعت السلطنة (ممثلة في هايدروم) اتفاقية لتصدير الهيدروجين العماني بعد إسالته إلى شركاء في هولندا وميناء أمستردام، بدءًا من عام 2030.
واقترن توقيع الاتفاقية بتدشين أول ممر تجاري عالمي لتصدير الوقود المسال، بانطلاق شراكة دولية تشمل (3 دول، و11 شركة).
ويربط الممر ميناءي "الدقم العُماني، وأمستردام الهولندي" حتى مراكز صناعية في ألمانيا، عقب التأسيس لبنية تحتية شاملة من قِبل شركة "أوكيو" العمانية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
0 تعليق