فرنسيس , تابع العالم باهتمام بالغ مراسم نقل نعش البابا إلى كاتدرائية القديس بطرس صباح الأربعاء، حيث سيسجى هناك حتى مساء الجمعة. في مشهد مؤثر، وُضع نعشه أمام المذبح الرئيسي محاطًا بعشرات الكرادلة وأفراد الحرس السويسري، وسط حضور شعبي وإعلامي كبير.
توديع البابا الراحل
ويُسمح للجمهور بتوديع البابا الراحل حتى مساء الجمعة، قبيل الجنازة الرسمية التي ستُقام في ساحة القديس بطرس بحضور عشرات الآلاف من المشيعين، ولكن البابا لم يكن مجرد بابا عادي، بل كان رمزًا لتغيير جذري داخل الفاتيكان، كسر من خلاله تقاليد متوارثة لقرون، وترك إرثًا روحيًا وإنسانيًا عميقًا.
السكن المتواضع: البابا فرنسيس رفض القصر واختار بيت الضيافة
منذ الأيام الأولى لحبرية البابا في عام 2013، اتخذ قرارًا غير مسبوق برفض الإقامة في الشقق البابوية داخل القصر الرسولي، والتي يسكنها الباباوات منذ أكثر من قرن. وبدلاً من ذلك، اختار السكن في “كازا سانتا مارتا”، دار الضيافة البسيطة التي يقيم فيها الكرادلة خلال المجامع الانتخابية.
قال البابا في أحد تصريحاته الشهيرة: “أنا لا أستطيع أن أعيش من دون الناس. أحتاج لأن أعيش حياتي مع الآخرين”. هذا القرار الصادم للبعض داخل الفاتيكان، أصبح فيما بعد رمزًا لشخصيته المتواضعة ونمطه المختلف في القيادة، حيث فضّل البقاء وسط الكهنة والزوار بدلًا من العيش في عزلة القصور.
داخل كازا سانتا مارتا: حياة بسيطة بلمسة إنسانية
كازا سانتا مارتا، المبنى الذي شُيّد عام 1996، لا يشبه بأي شكل المقرات البابوية السابقة. أقام فيه البابا أولاً في الغرفة 207 خلال المجمع المغلق، ثم انتقل إلى الجناح 201، المكون من غرفة نوم متواضعة ومنطقة جلوس صغيرة، مؤثثة بأسلوب بسيط وعملي. كان يعيش في بيئة أقرب إلى النُزل منها إلى القصر، حيث يشارك في الوجبات مع باقي المقيمين، ويلقي عظاته اليومية في كنيسة دار الضيافة.
بعيدًا عن الزينة والتكلف، احتفظ البابا بتمثال صغير للسيدة العذراء، وصليب خشبي قائم، كما كان يضع طلبات الصلاة تحت تمثال للقديس يوسف. ورغم تواضع المكان، فقد كان مشبعًا بالرمزية والقرب من الناس.
فلسفة البابا فرنسيس : كنيسة منفتحة متجذرة في التواضع
اختيار البابا للحياة البسيطة لم يكن مجرّد قرار شخصي، بل كان انعكاسًا لفلسفة كنسية كاملة. فقد كرّس سنوات بابويته لدعوة الكنيسة إلى الانفتاح، والتواصل مع الفقراء، ونبذ الامتيازات. رفضه للقصور ومظاهر الفخامة جاء متسقًا مع دعوته إلى “كنيسة فقيرة من أجل الفقراء”، وانتقاده الدائم للبيروقراطية والفصل بين القيادة والشعب.
وحتى في وفاته، ظل فرنسيس وفيًا لمبادئه، حيث نُقل نعشه من المكان الذي اختاره بنفسه للحياة، " target="_blank"> “بيت القديسة مارتا“، إلى كاتدرائية القديس بطرس، في وداع أخير لبابا عاش متواضعًا ورحل محبوبًا.
0 تعليق