فتح الموقف البريطاني الجديد شهية النقاش السياسي والدبلوماسي في الأقاليم الجنوبية للمملكة، بعدما عبّرت لندن بشكل واضح عن دعمها للمقترح المغربي بالحكم الذاتي كحل جاد وواقعي للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، وهو ما اعتبره متتبعون “نقلة نوعية” في تموقع القوى الغربية حيال هذا الملف، وانخراطا متناميا في منطق الشرعية والمشروعية الذي تبنته الرباط منذ عقود.
يأتي هذا التطور في سياق التحولات المتسارعة التي يشهدها الملف على المستوى الدولي؛ إذ أكدت المملكة المتحدة، في تصريح رسمي، أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تمثل خيارا “ذا مصداقية” يستجيب لمعايير التسوية السياسية المتعارف عليها دوليا، في توافق تام مع المرجعيات الأممية.
حلقة مفصلية
قال سيداتي بنمسعود، رئيس جماعة الدشيرة، إن إعلان المملكة المتحدة دعمها لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يشكل خطوة بالغة الأهمية في مسار النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، ويمثل انتصارا جديدا للدبلوماسية الملكية الرصينة التي نجحت في مراكمة الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، مؤكدا أن “هذا الموقف البريطاني لم يأتِ من فراغ، بل هو تتويج لرؤية واضحة وواعية ترتكز على الواقعية السياسية والتقدير العميق للمبادرة المغربية كحل عملي وفعّال”.
وأوضح رئيس جماعة الدشيرة، في حديث لهسبريس، أن من يعرف طبيعة القرار السياسي البريطاني، المبني على الدراسة والرصانة، يُدرك أن هذا الإقرار لم يكن مجرد مجاملة دبلوماسية، بل نتيجة اقتناع تام بأن مقترح الحكم الذاتي هو السبيل الوحيد لإنهاء النزاع، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية البريطاني عندما وصفه بـ “الحل البراغماتي”، لافتا إلى أن “هذا النوع من المواقف، عندما يصدر عن قوة وازنة في مجلس الأمن، فإنه يعزز حتمية الانتقال من منطق المقترحات المتعددة إلى منطق الحل الأوحد”.
وسجل بنمسعود أن هذا الموقف الجديد يؤشر على بداية تشكّل إجماع دولي واضح حول الطرح المغربي، ويجعل من مبادرة الحكم الذاتي أساسا وحيدا لأي تسوية واقعية. كما عبّر عن أمله في أن تدفع هذه المواقف المتقدمة باقي العواصم المؤثرة إلى مجاراة منطق الشرعية والالتحاق بمسار الاعتراف بمغربية الصحراء، بما يخدم الأمن الإقليمي ويُرسخ الوحدة الترابية للمملكة.
السياسة الأنجلوسكسونية
آبا الشيخ أبا علي، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، قال إن الموقف البريطاني الأخير يجسد تحولا عميقا في تموضع الدول المؤثرة داخل مجلس الأمن، وأكد أن “تبني لندن مقترح الحكم الذاتي يعكس اقتناعا متقدما بجدية هذا الطرح وواقعيته وكونه الحل الأمثل لتسوية النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية”.
وأوضح المهتم بخبايا هذا النزاع، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن من يعرف طبيعة التفكير السياسي البريطاني، القائم على الحذر والدقة والدراسة المتأنية قبل اتخاذ أي قرار، يُدرك تماما أن هذا الدعم لم يأت من فراغ، بل كان ثمرة رؤية استراتيجية واضحة واقتناع راسخ بوجاهة المقترح المغربي، لافتا إلى أن وصف وزير الخارجية البريطاني مقترح الحكم الذاتي بـ “البراغماتي والفعال” يؤشر إلى أن المملكة المتحدة ترى فيه خيارا يضمن حقوق جميع الأطراف ويحقق الاستقرار في المنطقة.
واسترسل آبا الشيخ أبا علي بأن منطق السياسة الأنجلوسكسونية لا يستند إلى العواطف أو الشعارات، بل يقوم على تحليل معمق لمجمل الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ودراسة دقيقة لمخرجات أي موقف دبلوماسي، مشيرا إلى أن “هذا التموقع البريطاني سيساهم في تحويل المقترح المغربي من مجرد حل محتمل إلى الحل الوحيد والأمثل الذي يحظى بإجماع القوى الدولية المؤثرة داخل الأمم المتحدة”.
إجماع دولي
اعتبر عبد اللطيف بيرا، أحد شيوخ القبائل الصحراوية، الإقرار البريطاني موقفا استراتيجيا جديدا في المعادلة السياسية الدولية الخاصة بالنزاع حول الصحراء المغربية، مشيرا إلى أن هذا الدعم يضع حدا للشكوك التي رافقت سنوات طويلة من الجمود في مجلس الأمن الدولي، مؤكدا أن تصنيف الحكم الذاتي كخيار “جدي وواقعي” من قبل لندن يمنح المبادرة المغربية زخما إضافيا يعزز فرص التوصل إلى حل دائم وشامل للنزاع.
وأضاف عضو “الكوركاس” ضمن إفادة لهسبريس أن الإدراك البريطاني لطبيعة النزاع ينبع من فهم معمق لمتطلبات الاستقرار والتنمية في المنطقة، وهو ما يجعل دعمهم للمقترح المغربي لا يخضع فقط للمصالح السياسية، بل يرتبط أيضا برؤية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر على حياة الساكنة المحلية، لافتا إلى أن “هذا التوجه يتسق مع المنطق الدبلوماسي الحديث، القائم على الحلول البراغماتية التي تضمن حقوق جميع الأطراف وتحافظ على مصالح المنطقة بأسرها”.
وفي الختام، وجد عبد اللطيف بيرا أن الموقف البريطاني قد يكون نقطة تحول في الدينامية الإقليمية والدولية؛ إذ يمهد، بحسبه، “الطريق لتكوين إجماع أوسع داخل مجلس الأمن والمجتمع الدولي ككل”، مشددا على أن “الدعم المتزايد لمقترح الحكم الذاتي يعكس اعترافا متزايدا بالجهود المغربية الرامية إلى إيجاد تسوية سلمية ومستدامة للنزاع المفتعل، بما يعزز وحدة التراب الوطني ويؤمن مستقبل الأجيال القادمة”.
رهان تنموي
الطالب بوي أباحازم، أحد شيوخ قبائل الصحراء المغربية، أكد أن موقف لندن من نزاع الصحراء المغربية المفتعل يمثل “تحولا استراتيجيا” له أبعاد دبلوماسية وتاريخية، وذلك لما تحمله بريطانيا من ثقل سياسي ووزن دولي داخل مجلس الأمن، مضيفا أن “هذا الدعم البريطاني لمبادرة الحكم الذاتي المغربية لا يمكن فهمه إلا باعتباره إقرارا ضمنيا بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وانخراطا مباشرا في منطق الشرعية الدولية الذي ما فتئت المملكة تؤكد عليه في مختلف المحافل”.
وأوضح أباحازم، في تصريح لهسبريس، أن هذا التحول النوعي يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى تزايد عدد الدول المؤثرة التي أضحت ترى في الحكم الذاتي إطارا واقعيا وعمليا لإنهاء النزاع، مشيرا إلى أن “انضمام بريطانيا إلى صف الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في دعم المبادرة المغربية، يعزز زخم الإجماع الدولي داخل مجلس الأمن، ويقوي المسار الأممي في اتجاه اعتماد المبادرة كأساس أوحد للتسوية”. وقال: “الدبلوماسية الملكية، بما تتميز به من حكمة وبعد نظر، نجحت في ترسيخ هذا المنظور الواقعي، وتوسيع دائرة الاعترافات الجادة بمغربية الصحراء”.
“الرهان على التعاون البريطاني الاستثماري في الأقاليم الجنوبية سيفتح آفاقا واعدة لتعزيز البنية الاقتصادية وتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة، وهو ما يعكس ثقة الشركاء الدوليين في الاستقرار والأمن اللذين تنعم بهما الصحراء المغربية”، يسجل نائب رئيس الاتحاد الدولي لدعم الحكم الذاتي، قبل أن يضيف: “هذه الدينامية الجديدة، في بعدها الاقتصادي والسياسي، تحمل إشارات قوية إلى أن نهاية هذا النزاع الإقليمي باتت أقرب من أي وقت مضى، في ظل ما يفرضه الواقع الإقليمي والدولي من متغيرات وتحولات”.
ونبه الدكتور أباحازم في معرض حديثه إلى أن هذه المكاسب المتتالية تحمّل مختلف الفاعلين الوطنيين، من أحزاب سياسية ومجتمع مدني ونخب ووجهاء القبائل الصحراوية، مسؤولية مضاعفة لتكثيف التعبئة وتوحيد الصفوف من أجل الدفع بمسار الحل النهائي، وتحصين المكتسبات التي راكمتها القضية الوطنية تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس.
حل النزاع
قال سيدي محمد صالح الإدريسي، أحد شيوخ القبائل الصحراوية، إن الدعم البريطاني لمقترح الحكم الذاتي يجسد حقيقة الاعتراف الدولي المتزايد بشرعية الخيار المغربي، وأن هذا الموقف يبعث برسالة قوية حول قوة ومتانة الروابط التاريخية والسياسية التي تجمع المغرب بأقاليمه الجنوبية.
وأوضح شيخ القبيلة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذا الاعتراف لا يقتصر على البعد السياسي فقط، بل يشمل أيضا أبعادا اجتماعية واقتصادية تؤكد أهمية استقرار المنطقة كجزء لا يتجزأ من النسيج الوطني، لافتا إلى أن “دعم المملكة المتحدة يعزز فرص التنمية الشاملة وتحسين مستوى حياة الساكنة الصحراوية، ويثري الدينامية الإيجابية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية على جميع الأصعدة، كما يعكس رؤية متوازنة تراعي مصالح الجميع”.
ولفت الإدريسي إلى أن الموقف البريطاني يشكل دفعة قوية لمسار التسوية السياسية، معربا عن أمله في أن يسهم هذا الدعم في تحقيق حل نهائي ومستدام للنزاع المفتعل، ويعزز وحدة المملكة بما يضمن مستقبلا أفضل للأجيال الحالية والقادمة في المنطقة.
انتصار دبلوماسي
سيدي علال بوسعيد، رئيس جماعة حوزة الحدودية، وصف الموقف البريطاني الجديد بـ”التطور المهم” في الملف السياسي المتعلق بالصحراء المغربية، مشيرا إلى أن الدعم المعلن للحكم الذاتي يؤكد توجها دبلوماسيا واعيا يراعي مصالح المغرب والمنطقة. وأكد أن “هذه الخطوة تُرسخ مكانة المغرب في المحافل الدولية وتفتح آفاقا أوسع لحل النزاع على أساس التفاوض والشرعية الدولية”.
وأوضح بوسعيد، في تصريح لهسبريس، أن الدعم البريطاني يأتي في وقت حساس، حيث تتعاظم الحاجة إلى حلول عملية وقابلة للتطبيق، مبرزا أن “إقرار لندن بالحكم الذاتي يعكس تقديرا متزايدا للجهود المغربية الرامية إلى التنمية والاستقرار في الأقاليم الجنوبية”، قبل أن يضيف أن “هذا الموقف يعزز الثقة في القدرة المغربية على إدارة ملفها الوطني بنجاح، ويحفز المزيد من التعاون الدولي لدعم هذه الرؤية”.
وشدد رئيس جماعة حوزة على أن هذا الموقف يعد دعامة قوية للخيارات السياسية المغربية، ويشكل رافعة لتعزيز الوحدة الوطنية، معربا عن تفاؤله بمستقبل أكثر إشراقا للمنطقة بفضل التوافقات الدولية المتنامية التي تدعم الحل المغربي.
مسلسل الاعترافات
سيدي صالح الإدريسي، النائب البرلماني عن إقليم السمارة، أكد من جهته أن الموقف البريطاني يمثل نضجا دبلوماسيا ورسالة واضحة إلى جميع الأطراف المعنية بأن الحل السياسي المغربي هو الخيار المعتمد دوليا. وبيّن أن “هذا الدعم يشكل انتصارا دبلوماسيا للمغرب، ويعزز مصداقية مقترح الحكم الذاتي على الساحة الدولية”.
وأورد الإدريسي، ضمن تصريح لهسبريس، أن تبني لندن للحكم الذاتي لا يعد فقط اعترافا بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، بل هو تعبير عن فهم معمق للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها المنطقة، مما يجعل من هذا الدعم جزءا من رؤية شاملة تحقق التنمية المستدامة والرفاه للساكنة المحلية. وأضاف أن “هذا الموقف يعزز مكانة المغرب البرلمانية والدبلوماسية، ويدعم الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي وواقعي للنزاع”.
وأكمل البرلماني تصريحه بالتأكيد أن الموقف البريطاني سيشجع مزيدا من الدول على مراجعة مواقفها والانضمام إلى جبهة الاعتراف بمغربية الصحراء، مؤكدا أن “المغرب يسير بثبات نحو تحقيق إجماع دولي يدعم وحدته الترابية ويكرس استقراره السياسي”.
0 تعليق