أساتذة يطلبون احتساب "الأقدمية العامة"

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

خاض العشرات من المنتمين للتنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم العالي المتضررين من الأقدمية العامة، الثلاثاء، وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، للمطالبة بالإنصاف واحتساب الأقدمية العامة المكتسبة في الوظيفة العمومية.

جاءت هذه الخطوة، وفق الغاضبين، في ظل استمرار تماطل ولا مبالاة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في التعامل مع ملف الأقدمية العامة المكتسبة في الوظيفة العمومية، رغم انطلاق الحوار بشأن هذا الملف.

وفي هذا الصدد، قال محمد زيطان، المنسق الوطني للتنسيقية الوطنية سالفة الذكر عضو اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي، إن ملف عدم احتساب الأقدمية العامة في الوظيفة العمومية يعد من أبرز مظاهر الحيف الإداري الذي يطال فئة عريضة من الأساتذة الباحثين الذين التحقوا بالتعليم العالي بعد مسار مهني طويل داخل إدارات الوظيفة العمومية.

وأضاف المتحدث لهسبريس أنه عقب نجاح هذه الفئة في مباريات أستاذ التعليم العالي مساعد والتحاقهم بالجامعة، يعاد ترتيبهم استنادا فقط إلى الأرقام الاستدلالية، مما يجعلهم أمام وضعيتين غير متكافئتين؛ فإذا كانوا في وضعية خارج السلم، يُحتسب جزء من أقدميتهم العامة، أما إذا لم يكونوا خارج السلم، فيجردون تماما من كل أقدميتهم الإدارية المكتسبة خلال سنوات خدمتهم السابقة، معتبرا الأمر إجحافا حقيقيا.

وأشار النقابي ذاته إلى أن هذا الملف تمت المصادقة عليه ضمن الملف المطلبي العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي في المؤتمر الحادي عشر بمراكش سنة 2018، وتم تبنيه لاحقا ضمن الملف المطلبي للنقابة الوطنية للتعليم العالي خلال مؤتمرها الأخير ببوزنيقة سنة 2024، مما يؤكد الاعتراف بمشروعيته ومركزيته في المطالب النقابية.

وذكر المصدر عينه أنه ينبغي التمييز بين هذا الملف وملف “الأقدمية الدستورية، أي ملف التسع سنوات اعتبارية أسوة بأساتذة كليات الطب؛ إذ لا علاقة له به من حيث الطبيعة أو المرجعية”، موردا: “فبينما يُعد ملف الأقدمية الدستورية مطلبا حديث النشأة ووليد سياق خاص، فإن ملف الأقدمية العامة هو قضية هيكلية مزمنة، ما لم يتم حلها ضمن النظام الأساسي، وذات بعد مبدئي، لم يتم الترافع بشأنها بالجدية الكافية خلال الست سنوات الماضية رغم عدالتها ووجاهتها”.

وأضاف زيطان، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن مظاهر الحيف والاختلالات تتمثل في غياب المساواة بين موظفين لهم المسار المهني نفسه باختلاف بسيط في توقيت النجاح في المباراة وإلغاء سنوات من المسار المهني الفعلي، حتى لو كانت في مناصب ذات مسؤولية أو رتبة متقدمة، وكذا حرمان غير مبرر من الترقية طيلة فترة الإلحاق بالتعليم العالي، مع تكرار الرقم الاستدلالي نفسه في إطارين مختلفين دون احتساب الزمن الإداري الممضى فيه، إلى جانب فقدان الحق في خارج السلم رغم ظهور الأسماء في اللوائح الوطنية قبل أيام فقط من التوقيع على محضر الالتحاق.

كما أشار المنسق الوطني للتنسيقية الوطنية للأساتذة الباحثين المتضررين من عدم احتساب الأقدمية العامة في الوظيفة العمومية إلى السياق التاريخي وسابقة 2011، بالقول: “قبل النظام الأساسي لسنة 1997، كانت فئة الأساتذة المساعدين تشكل مكونا من مكونات هيئة التدريس الجامعي، وبعد إفراغ هذه الفئة في نظام 1997 عبر إعادة الترتيب وفق الأرقام الاستدلالية، تم حرمانهم من أقدميتهم، مما أدى إلى موجة احتجاجات واسعة انتهت بتوقيع اتفاق أبريل 2011 الذي بموجبه تم احتساب سنوات اعتبارية تتراوح بين سنة و9 سنوات بناء على المرسوم رقم 2.11.328 الصادر في 28 رجب 1432 (01/07/2011)”.

وشدد عضو اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي على أن هذا الاتفاق يمثل اعترافا رسميا من الوزارة والنقابة بأن القاعدة القانونية المستندة فقط إلى الترتيب وفق الأرقام الاستدلالية تُفضي إلى حيف إداري يجب تصحيحه.

واستحضر زيطان في تصريحه المرجعية المقارنة-تجربة فرنسا، مبرزا أنه “في فرنسا، يعتمد مبدأ احتساب الأقدمية السابقة جزئيا عند انتقال الموظف من قطاع إلى آخر داخل الوظيفة العمومية”، مضيفا أن “هذا المبدأ منصوص عليه في عدد من النصوص القانونية، منها (الفئة – س- الوظيفة العمومية للدولة): وفقا للمادة 5 من المرسوم رقم 2016-580 بتاريخ 11 ماي 2016، يُعاد تصنيف الموظفين الذين لديهم خبرة سابقة كموظفين عموميين أو كمتعاقدين أو كموظفين في منظمات دولية حكومية، مع احتساب ثلاثة أرباع من الأقدمية السابقة بعد تحويلها إلى ما يعادل الوقت الكامل”.

وبخصوص المستجدات، أشار زيطان إلى طرح الملف بصفة رسمية على الوزارة الوصية من طرف النقابة الوطنية للتعليم العالي، وتم تداوله في اجتماعين خلال شهر ماي المنصرم في انتظار أن تقترح الوزارة تصورا لحل الملف خلال الاجتماع المقبل.

في سياق متصل، أوضحت السكرتارية الوطنية لأساتذة التعليم العالي المتضررين من الأقدمية العامة، ضمن بلاغ تتوفر هسبريس على نسخة منه، أن نجاح الوقفة الاحتجاجية يعد دليلا على وحدة الصف والإصرار الجماعي على انتزاع الحقوق المهضومة، رغم كل محاولات التشويش التي باءت بالفشل، مؤكدة أن هذا النجاح ما هو إلا خطوة من خطوات مسار نضالي مستمر ومتصاعد حتى الطي النهائي لهذا الملف العادل والمشروع.

وذكّرت السكرتارية كافة الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة التعليم العالي والوزارة المكلفة بالوظيفة العمومية، بأن الأساتذة الباحثين المتضررين لن يقبلوا بالمماطلة أو التجاهل، وأن باب الحوار الجاد والمسؤول ما زال مفتوحا، ولكنهم في المقابل مستعدون لكافة الخيارات النضالية المشروعة في حال استمرار التلكؤ في معالجة هذا الحيف الوظيفي والإداري الذي طال أكثر من اللازم.

كما جددت تأكيد التزامها الكامل بالدفاع عن هذا الملف بكل الوسائل القانونية والنضالية، داعية جميع المتضررات والمتضررين إلى المزيد من التعبئة ورص الصفوف لمواجهة سياسة التسويف.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق