شدد مجلس الكنائس العالمي على أهمية إشراك الحركات الشعبية والعدالة المائية في صياغة سياسات المياه العالمية، وذلك خلال ورشة عمل رفيعة المستوى استضافتها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) في العاصمة الإيطالية روما، في تأكيد واضح على أن المياه حق إنساني لا ينبغي تحويله إلى سلعة.
وقال دينيش سونا، مسؤول برنامج الأرض والمياه والغذاء في مجلس الكنائس العالمي، وممثل المجلس كونه الجهة الدينية العالمية الوحيدة ضمن مجموعة الخبراء الأممية:
"المياه حق إنساني، وليست سلعة، وعلى المجتمع الدولي ضمان سماع صوت حركات العدالة المائية الشعبية في هذه النقاشات المصيرية".
- مناقشة مبادئ "حيازة المياه" بمشاركة خبراء دوليين
شهدت الورشة، التي امتدت على مدار يومين، مشاركة أكثر من 50 خبيرًا من الحكومات والجامعات والمجتمع المدني، بهدف مراجعة واعتماد مبادئ لحوار عالمي حول مفهوم "حيازة المياه" — أي مجموعة الحقوق والمسؤوليات التي تحدد كيفية الوصول إلى الموارد المائية واستخدامها وإدارتها وتداولها بين المستخدمين.
تزداد أهمية هذه الأطر في ظل تزايد الطلب على المياه وتفاقم آثار تغير المناخ، ما يهدد بإضعاف فرص المجتمعات الهشة في الحصول على مياه نظيفة وآمنة.
- أولوية للحقوق الإنسانية قبل المصالح الاقتصادية
سونا شارك في تسهيل النقاشات إلى جانب الدكتورة باربرا فان كوبن من المعهد الدولي لإدارة المياه، داعيًا إلى مواءمة أولويات حوكمة المياه مع التوصيات الأممية التي تضع الاستخدام الشخصي والمنزلي على رأس الأولويات، تليها المياه للمنفعة العامة، ثم التنمية الاقتصادية، وأخيرًا حماية النظام البيئي.
وأشار إلى أن مجلس الكنائس العالمي دعا منذ البداية إلى إشراك الحركات الشعبية ومنظمات الإيمان في صياغة المبادئ، وليس بعد الانتهاء منها، وهو النهج الذي رحبت به مجموعة الخبراء، معتبرة المجلس صوتًا أساسيًا في حركة العدالة المائية ضمن حوكمة المياه العالمية.
- مشروع "ScaleWat": خطوة نحو حوكمة مائية عادلة
تأتي هذه المبادرة في إطار توصية صدرت عن لجنة الزراعة التابعة للأمم المتحدة عام 2022، طلبت فيها من منظمة الفاو تقييم أنظمة إدارة المياه القائمة عالميًا. ويُنفذ المشروع تحت اسم "ScaleWat"، بدعم من وزارة الأغذية والزراعة الألمانية، بهدف وضع مبادئ حوكمة مسؤولة تحمي المجتمعات الضعيفة وتضمن عدالة توزيع المياه.
- خارطة طريق حتى 2027: توصيات فنية واعتماد سياسي
من المقرر أن تنتهي مجموعة الخبراء من إعداد المبادئ والتوصيات الفنية الأولية بحلول مؤتمر الأمم المتحدة للمياه في ديسمبر 2026، على أن يُعرض النص النهائي لاعتماد سياسي من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 2027.
وسط تفاقم أزمة شح المياه التي تمس مليارات البشر، يُنظر إلى هذا الحوار باعتباره محطة مفصلية لضمان حق الأجيال القادمة في المياه العادلة والآمنة.
0 تعليق