وجهت حركة “صحراويون من أجل السلام”، المنشقة عن البوليساريو، رسالة مفتوحة إلى النخبة الصحراوية، دعت من خلالها إلى إطلاق حوار داخلي شامل، يجمع مختلف التيارات والمكونات السياسية والفكرية والمدنية، لبحث سبل الخروج من حالة الانسداد التي تعيشها القضية.
وجاء في الرسالة، التي تتوفر هسبريس على نسخة منها، أن قرار جبهة البوليساريو الانفصالية القاضي بإعادة إطلاق الحرب في نوفمبر 2020 كان خيارا مكلفا تم اتخاذه دون تقدير سياسي وإستراتيجي كاف، ما قاد إلى واقع يشبه الهزيمة غير المعلنة، مبرزة أن “التفوق العسكري المغربي من خلال الطائرات المسيرة أنهى عمليا الوضع القائم منذ 1991، وأضعف تموقعات الجبهة على الأرض”.
وعلى الصعيد الإقليمي انتقدت الحركة تراجع الدعم الجزائري في ما يتعلق بالتسليح، وتزايد مظاهر التوجس الموريتاني، مشيرة إلى تفكير نواكشوط في تقييد عبور الموارد العسكرية عبر أراضيها. أما دوليا فلفتت الرسالة إلى تعاظم عزلة “الجمهورية الصحراوية”، مقابل اتساع رقعة الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها حلا جديا وأكثر واقعية.
كما توقفت الحركة عند ما وصفته بـ”الوضع الإنساني المتدهور” في مخيمات تندوف، حيث تتفاقم مظاهر العجز واليأس، داعية إلى الاعتراف بفشل الخيار المسلح، والتحلي بالشجاعة الأخلاقية والتواضع السياسي من أجل استشراف مخرج مشرف بضمانات دولية، يضمن للصحراويين الكرامة والعدالة والتطلعات المشروعة.
واستحضر النداء الموجه للنخبة الصحراوية السياسية والقبلية والفكرية في الشتات “مصائر حركات مسلحة في مناطق مختلفة من العالم، على غرار حزب العمال الكردستاني، ومجاهدي خلق أو ما يعرف بمنظمة (MEK) الإيرانية، والانفصاليين في بيافرا، ممن انتهى بهم المطاف إلى العزلة أو الانهيار”، مؤكدا أن “الصحراويين لا يجب أن يكونوا ضحية أخرى في هذا المسار التاريخي”.
وفي ختام الرسالة دعت حركة “صحراويون من أجل السلام” إلى لقاء جامع وعاجل، يعقد في أي مكان من العالم، تشارك فيه قيادة البوليساريو –جماعية أو فردية، وأعيان القبائل، والمثقفون، وممثلو الجاليات، والمجتمع المدني، من أجل التفكير الجماعي في بدائل واقعية، وتشكيل مسار سياسي سلمي يحول دون تكرار الأخطاء أو تفويت الفرصة الأخيرة، مذكرا بأن “الوقت يداهمنا”، وبأن “التاريخ لن يرحم الصامتين” في لحظة مفصلية كهذه.
التحرك عاجل
للتعقيب على فحوى وأهداف الرسالة قال الحاج أحمد باريكلى، السكرتير الأول لحركة “صحراويون من أجل السلام”، إن الرسالة المفتوحة الموجهة إلى النخبة الصحراوية تشكل نداء صريحا وعاجلا لضمير كل الفاعلين الصحراويين، داعيا إياهم إلى التحرك العاجل من أجل تفادي نهاية مأساوية لمسار باتت تتحكم فيه قيادة “البوليساريو” التي وصفها بغير الكفؤة وغير المسؤولة.
وأوضح باريكلى، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الرسالة تندرج ضمن جهود الحركة لتسليط الضوء على حالة الطوارئ التي تمر بها القضية الصحراوية، والإنذار من مغبة استمرار الرهان على مشروع وصفه بـ”الفاشل”، دفع الصحراويون ثمنه غاليا من التضحيات والمعاناة، بسبب العمى السياسي، على حد تعبيره.
وحمّل المتحدث قيادة “البوليساريو” مسؤولية إدخال القضية في نفق مسدود، مشيرا إلى أن “الإصرار على حرب خاسرة ميدانيا لن يؤدي إلا إلى فقدان المجتمع الدولي اهتمامه بعملية السلام، وترك الصحراويين يواجهون مصيرهم بمفردهم”، ولفت إلى أن تفادي هذا السيناريو مازال ممكنا، شريطة أن تتحرك النخبة الصحراوية بكل أطيافها، سواء مع أو بدون قيادة “البوليساريو”، للدخول في نقاش صريح ومسؤول حول بدائل واقعية، يكون مدخلها اتفاق سياسي وتعايش مشرف مع المملكة المغربية.
وسجل المصرح لهسبريس أن الخيار الوحيد القابل للحياة هو الحوار السياسي، مستشهدا بتجارب قوميات معتدلة اختارت نهج الواقعية وحققت مكاسب مشرفة لشعوبها، في مقابل حركات متطرفة انتهت إلى الفشل والنسيان.
0 تعليق