أكد البشير الدخيل، أحد القياديين المؤسسين المنشقين عن جبهة “البوليساريو” الانفصالية رئيس منتدى البدائل للدراسات الصحراوية، أن اعتماد الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية المغربية يعد الحل الأنجع للقضية الوطنية، مشددا على أن من يعتقد أن هذا الحل المقترح موجه للجبهة وحدها، “يرتكب خطأ فادحا؛ إذ هو لكافة الصحروايين، بمن فيهم الموجودون بالداخل، وهم الأكثرية”.
الدخيل الذي كان يتحدّث ضمن مائدة مستديرة نظمتها مؤسسة علي يعتة بمقر حزب التقدم والاشتراكية، قاربت موضوع “الوحدة الترابية المغربية ومقترح الحكم الذاتي كآلية للحل النهائي”، أصرّ على أن “الحكم الذاتي يمثل الحل الأنجع لملف الصحراء”، مشيرا إلى أن “أي دولة ديمقراطية في العالم بها منطقة ما تتمتع بالحكم الذاتي، وإن بصيغ مختلفة” كما هو الحال بالنسبة لكل من فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وعدّ المتحدّث الذي يعد من بين المنشقين الأوائل عن جبهة “البوليساريو”، أن “الخطأ الكبير الذي اقترفته البوليساريو هو جمعها عددا من الأفراد من مالي وموريتانيا وأماكن مختلفة، ثم اعتبرت (هؤلاء شعبا) جمهورية ديمقراطية”، مؤكدا مرة أخرى أن “إقامة دولة ليس هو ما يشغل الجزائر، وإنما هي تريد صراعا جيو-استراتجيا مع المغرب، مستخدمة ما يسمى الصحراويين وقوده”، بتعبيره.
“خطأ فادح”
نبّه الدخيل إلى أن “أغلبية الصحراويين متواجدون في الأقاليم الجنوبية المغربية”، معرّجا على أن “المغرب قدّم في هذا الصدد مقترحا للنقاش، عبارة عن أرضية للحكم الذاتي تتكون من عدة نقاط، ثالثتها تؤكد أنه يتوجه إلى كافة الصحراويين، الموجودين بالداخل (المغرب) وكذا الخارج”. وعدّ أن “من يعتقد أنه يتوجه للبوليساريو حصرا، فهو يرتكب خطا فادحا”.
“يجب أن نشرع أولا في الاستثمار في البشر، فما الغاية من الحكم الذاتي إذا لم يوجد من يسيره (ينزله)؟”، يتساءل رئيس منتدى البدائل للدراسات الصحراوية، مشددا على “ضرورة وجود مغرب موحد تسود فيه المساواة، وتمنح المواطنة للجميع، بما في ذلك في الأقاليم الجنوبية”.
وذكر القيادي السابق في “البوليساريو” أن الحكم الذاتي الذي يمكن تطبيقه بالأغلبية المستقرة في جهات الصحراء، يجب أن “يخدم الداخل”، لافتا إلى “ضرورة التساؤل حول مستفاد الصحراويين من ثروات السردين والفوسفات وغيرها”، وأن “ذلك لا يلغي مناصرة الملكية والمواطنة”.
“الخليط” عثرة
عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، نبّه إلى أن “الخليط غير المتجانس (من الأجانب) في مخيمات تندوف، قد يكون عثرة أو ربما ظالما لصحراويي الداخل إذا قبلت جهبة البوليساريو بمبادرة الحكم الذاتي كحل للنزاع المفتعل”.
وأوضح البلعمشي، في مداخلته ضمن المائدة المستديرة ذاتها، أن من بين الأسئلة التي يطرحها تنزيل الحكم الذاتي: “ما موقف صحراويي الداخل فيما يتصل بقضايا المنافسة السياسية والتمثيلية؟ كيف يمكن أن يتم تدبير القطاعات الحكومية الموجودة؟ أفي إطار لجان مشتركة أم إننا سنكون أمام تصورات للدولة على الأخر أن يقبل بها أو يرفضها؟”.
كما نبّه المتحدّث إلى ضرورة التساؤل “حول مدى امتلاك كل النخب في الأقاليم الجنوبية التصور نفسه حول المبادرة؛ إذ ثمّة نخب ربما مستفيدة من الواقع الحالي أو هي من ساهمت فيه”، مشددا على أنه في كل الأحوال، “يبقى هذا تدافعا مرتبطا بالمسار الداخلي للملف”.
“التنازل ممكن”
الأستاذ الجامعي، وهو كذلك رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، شدد على أنه “لا يمكن تنزيل مبادرة الحكم الذاتي من طرف واحد كما هو تصور نخب علمية وسياسية بالبلد”، موضحا أن المبادرة “في حد ذاتها تنازل من طرف المملكة، يهدف إلى مساعدة الأمم المتحدة في حل هذا النزاع، فإذا لم تقبل بها الأطراف الأخرى، يمكن أن يتنازل عنها المغرب”.
ووضّح المتحدّث أن “الأقاليم الجنويبة تدار اليوم أساسا في إطار من الجهوية المتقدمة”، متسائلا كذلك: “ما هو موقف الجزائر إذا قبلت البوليساريو بالمبادرة؟”، و”هل ستقبل كامل الجبهة بالحل المقترح أم إنه سيحدث انشقاقات في صفوفها؟”، داعيا إلى “إعداد طرق للتعامل مع كافة السيناريوهات”.
ولفت أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية إلى “شبه الاجماع على أن الحل يتمثل في مقترح الحكم الذاتي، وأن البدائل الأخرى لم تعد محط نقاش، خصوصا على المستوى السياسي الأممي”.
" frameborder="0">
0 تعليق