حملات التبرع بالدم تُسابق فصل الصيف وتستنهض وعي المترددين بالمغرب

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كلما اقترب فصل الصيف من كل سنة، يُسجل نشاط مكثف للجمعيات المهتمة بالتبرع بالدم، التي تسارع إلى تنظيم حملات ميدانية تهدف إلى جمع أكبر عدد ممكن من أكياس هذه المادة الحيوية، في إطار تدابير استباقية تفرضها تجارب السنوات السابقة التي تُظهر ارتفاعا ملحوظا في الطلب على الدم خلال موسم التخييم والاصطياف.

وأعلنت الوكالة المغربية للدم ومشتقاته عن إطلاق برنامج من حملات وطنية للتبرع بالدم في مختلف جهات المملكة، بمناسبة اليوم الوطني للتبرع بالدم الذي يخلد في 14 يونيو من كل سنة.

وأوضح بلاغ للوكالة أن هذا البرنامج، الذي سيتم إطلاقه بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني، يهدف إلى توسيع قاعدة المتبرعين وتقريب خدمات التبرع من المواطنات والمواطنين في جميع الأقاليم.

في هذا السياق، تُثار تساؤلات عديدة حول مدى استعداد المواطنين للاستجابة لهذه الحملات وحول الوعي الجماعي بأهمية التبرع بالدم باعتباره فعلا إنسانيا يُسهم في إنقاذ الأرواح، كما تُثار تساؤلات أخرى بشأن طبيعة التخوفات التي تمنع البعض من الإقبال على التبرع، فضلا عن التساؤل حول أنجع السبل لإقناع المترددين وتحفيزهم على المشاركة في هذه المبادرات.

تبديد أفكار مغلوطة

محمد بحو، رئيس جمعية عطاء، باعتبارها جمعية نشيطة في تنظيم حملات التبرع بالدم، قال إن “الرسائل التوعوية حول التبرع بالدم يجب أن تكون متنوعة وتراعي اختلاف دوافع الناس”.

وأوضح بحو، في تصريح لهسبريس، أن “هناك من يتحرك بدافع ديني، وآخرين يتجاوبون مع البعد الإنساني، خصوصا حين يُذكرون بأن قطرة دم قد تنقذ قريبا لهم. كما أن الحس الوطني يجعل التبرع واجبا يعكس روح المواطنة والوحدة”.

وأضاف المتحدث ذاته أن من بين أبرز الإشكالات المرتبطة بالتبرع بالدم “سوء الفهم المنتشر حول مجانية الدم، حيث يعتقد البعض أن الدم يُباع، والحقيقة أن ما يُدفع هو مقابل الفحوصات والتحاليل المكلفة، والتي تصل إلى ألفي درهم أحيانا لضمان سلامة الدم”، مشيرا إلى أن “المرضى في القطاع العمومي يستفيدون مجانا بفضل نظام التغطية الصحية”.

وأكد رئيس جمعية عطاء أن “قصور الحملات التوعوية يشكل عائقا حقيقيا أمام رفع نسبة المتبرعين، إذ إن الرسائل التحسيسية لا تصل إلى جميع شرائح المجتمع، والإعلانات لا تغطي كافة المناطق؛ ما يترك فئة كبيرة في حالة لا مبالاة أو جهل بأهمية هذه المبادرة الإنسانية”، داعيا إلى تعزيز حضور التواصل المباشر والندوات المحلية.

وأشار الفاعل الجمعوي إلى أن “فصل الصيف يشهد تزايدا في عدد الحوادث؛ ما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على الدم، وهو ما يتطلب تفعيلا عاجلا لحملات التوعية والتبرع، حتى تظل المستشفيات مزودة بمخزون كافٍ، خصوصا في الفترات التي تعرف ضغطا كبيرا على الموارد الصحية”.

إكراهات ومقترحات

وحول توقيت فتح مراكز التبرع، أوضح محمد بحو أن “غالبية المواطنين لا يجدون الوقت المناسب خلال أيام الأسبوع، ويُعتبر السبت والأحد الأنسب لديهم، إلا أن هذه المراكز تغلق غالبا في عطلة نهاية الأسبوع؛ وهو ما يُفقدنا فرصة ذهبية لرفع عدد المتبرعين”، مطالبا بإطلاق وحدات متنقلة خلال هذه الفترات.

وسجل رئيس جمعية عطاء أن “ساعات عمل مراكز التبرع لا تراعي ظروف الناس، فأغلبهم يعمل من السابعة صباحا إلى الرابعة مساء، بينما بعض المراكز تُغلق بين الواحدة والثالثة ظهرا؛ ما يجعل من الصعب التبرع خارج أوقات العمل الرسمية”، معتبرا أن “إعادة النظر في جداول العمل أمر ملح لتيسير العملية”.

وأفاد بحو بأن “الجمعية تفكر في تطوير تطبيق إلكتروني يتيح للمتبرع اختيار المركز والموعد الذي يناسبه؛ وهذا سيساعد على تنظيم العملية وتفادي الازدحام، كما حدث خلال جائحة كورونا”، مؤكدا أن “مثل هذه الحلول التقنية أصبحت ضرورية في سياق رقمنة الخدمات الصحية والاجتماعية”.

وختم المتحدث ذاته تصريحه بالتأكيد على أهمية الاستفادة من تجارب دولية ناجحة في المجال، قائلا: “في فرنسا، أثبتت المنصات الرقمية فعاليتها في تنظيم عملية التبرع بالدم. ونتمنى أن تسرع الوزارة الوصية تفعيل منصة إلكترونية محلية، لأنها ستكون خطوة نوعية في تشجيع ثقافة التبرع وتحقيق الاكتفاء الذاتي”.

منافع صحية وأهداف إنسانية

حكيم شميش، طبيب بمركز تحاقن الدم بالمركز الاستشفائي الإقليمي الحسن الثاني بخريبكة، صرح بأن “الهدف من الحملات الاستباقية للتبرع بالدم قبل فصل الصيف هو مواجهة تراجع عدد المتبرعين بسبب العطل الصيفية، والاستعداد لحوادث السير، وتوفير الاحتياطي اللازم للنساء الحوامل ومرضى السرطان والقصور الكلوي والمقبلين على عمليات جراحية”.

وأكد شميش، في تصريح لهسبريس، أن “التبرع بالدم مسؤولية جماعية وواجب إنساني لا يحتمل التأجيل”، موضحا أن “نزيف الولادة يُعد السبب الرئيسي لوفاة النساء الحوامل، ويمكن للتبرع أن ينقذ حياتهن. كما يُسهم في تلبية حاجيات المرضى المزمنين، خاصة الأطفال ومرضى السرطان والقصور الكلوي، ويخفف من معاناتهم اليومية ويحسن جودة عيشهم”.

وأشار الطبيب ذاته إلى أن للتبرع بالدم فوائد صحية عديدة تعود بالنفع على المتبرع نفسه، حيث قال إن “هذه العملية تُسهم في تقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية، وتساعد على تعزيز المناعة، وتحفز الجسم على تجديد خلايا الدم. كما تمكن المتبرع من الاستفادة من تحاليل طبية دورية تتيح له تتبع حالته الصحية”.

وفي ما يتعلق بالمخاوف المرتبطة بصحة المتبرع، طمأن حكيم شميش الجميع بقوله: “التبرع بالدم لا يشكل أي خطر على صحة الإنسان؛ بل يتم في ظروف آمنة تراعي جميع شروط التعقيم، وتحت إشراف طبي دائم. كما أن التبرع يُعد من منظور ديني صدقة جارية تعود على صاحبها بالأجر والثواب”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق