«الميليشيات داء الدول العربية».. ماذا نعرف عن هيئة تحرير الشام التي اشعلت فتيل الأزمة السورية؟

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تطورات مفاجأة وصادمة تشهدها الساحة السورية منذ الأربعاء الماضي، وذلك بعد أن شنت هيئة تحرير الشام وفصائل مسلحة أخرى متحالفة معها ضربات على مواقع تابعة للجيش السوري، استطاعت خلالها السيطرة على عدد من المناطق من بينها مدينة حلب، إلى جانب مقتل نحو 328 شخص في صفوف الجانبين بينهم مدنيين سقطوا خلال هذه التوترات العسكرية. 

داء المليشيات 

المشهد بشكل عام على المستوى الميداني في سوريا متشابك حيث تلعب قوي دولية أخرى في أطراف هذا الصراع الذي اشتعل خلال الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد عام 2011 وبعدها تحول المشهد السياسي في سوريا رأساً على عقباً وبدأت الجماعات الإرهابية من خلال دعم خارجي تثبيت قدامها على الساحة السورية، ولعل الصراع الأخير واندلاع اشتباكات بين الجيش السوري والفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام أظهر مدى انغماس بعض القوى الخارجية سواء روسيا أو تركيا وإيران والولايات المتحدة وإسرائيل أيضاً في وحل الأزمة السورية التي بالطبع يدفع فاتورتها المواطن السوري. وتحولت دمشق إلى ساحة لصراع دولي وحرب بالوكالة يتم تحريك فصيل (مليشيا) كالجندي على رقعة شطرنج لتحقيق أهداف خارجية، وما سوريا إلا نموذج مصغر من الصورة الأكبر التي نشهدها في الميدان العربي ومعاناة دول عربية من “داء المليشيات” التي أصبحت كالطاعون تصيب دولة ما فتحولها إلى جثة هامدة، لا علاج لهذا المرض اللعين الذي يصيب بعض البلدان العربية. 

825.jpg

من منحة زلزال سوريا إلى محنة لبنان وغزة

في سوريا، أصبح الأسم أكثر تداولاً خلال هذه الأيام هو هيئة تحرير الشام، فبعد أن هدأت الأوضاع وأن كان بشكل حذر في الميدان السوري، منذ فبراير عام 2023 خاصة بعد زلزال المدمر الذي شهدته سوريا وتركيا وتحولت المحنة السورية إلى منحة لمحاولة ترتيب البيت السوري وضمها من جديد إلى الجسم العربي ومشاركة الرئيس بشار الأسد في المحافل العربية، إلى جانب الحديث الدائر مؤخراً عن تقريب المسافات بين الأسد وأردوغان حيث تلعب تركيا دوراً آخر في النزاع التي تشهده سوريا ودعم أنقرة الفصائل المسلحة، ثم هدنة مؤقتة في لبنان بعد الحرب الدامية التي شهدتها خلال الآونة الأخيرة تضامناً مع غزة وإن كان هذا الاتفاق هش ويتخلله الانتهاكات، فسرعان ما تم إشعال جبهة الصراع في سوريا وتزاعمتها هيئة تحرير الشام.

مراحل تأسيس هيئة تحرير الشام 

ومرت هيئة تحرير الشام بأربع مراحل خلال فترة تأسيسها والتي تشكلت كالآتي:

المرحلة الأولى (2012-2013) وفيها نشطت تحت اسم جبهة النصرة، وجرى تشكيلها وتمويلها من جانب تنظيم الدولة الإسلامية.

المرحلة الثانية (2013-2016) وفيها انفصلت جبهة النصرة عن تنظيم الدولة الإسلامية وأعلن زعيمها الولاء لتنظيم القاعدة.

المرحلة الثالثة (2016-2017) وفيها قطعت جبهة النصرة علاقاتها مع تنظيم القاعدة ظاهريا ثم شكلت تحالفاً عسكرياً مع فصائل محلية أخرى، واتخذت لها اسم جبهة فتح الشام.

المرحلة الرابعة (2017 حتى الآن) وفيها انفصلت جبهة فتح الشام عن تنظيم القاعدة واندمجت مع فصائل محلية أخرى تحت اسم هيئة تحرير الشام.

في عام 2017 تأسست هيئة تحرير الشام باسمها المعروف حالياً، في محاولة ثانية من جانب زعيمها أبو محمد الجولاني، بعدما فشلت جهوده الأولى خلال إعلان انفصاله عن القاعدة عام 2016.

شهد تأسيس هيئة تحرير الشام اندماج خمس جماعات مسلحة هي جبهة فتح الشام وحركة نور الدين الزنكي ولواء الحق وجبهة أنصار الدين وجيش السنة، بيد أن الكيان سرعان ما شهد انشقاق فصائله عن بعضها، لتبقى هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني نفسه.

منذ انفصالها أيدولوجياً وتنظيمياً عن القاعدة عام 2017، حصرت هيئة تحرير الشام نفسها في تنفيذ عمليات داخل حدود سوريا. 

واتبعت هيئة تحرير الشام استراتيجية عسكرية اعتمدت على هزيمة بعض الجماعات الإسلامية المسلحة في إدلب وشرق حلب وفرض سيطرتها على فصائل أخرى، بما في ذلك أحرار الشام وصقور الشام ولواء التوحيد بهدف المحافظة على نفوذها وسيادتها على الفصائل المحلية.

ونجحت هيئة تحرير الشام في السيطرة على معظم مناطق محافظة إدلب شمال غرب البلاد، وتديرها من خلال جبهة إدارية أطلقت عليها اسم "حكومة الإنقاذ السورية"، أما هدف الهيئة العام، فهو تحرير سوريا من القوات الحكومية.

ايدلوجية هيئة تحرير الشام 

أما عن ايدلوجية المليشيا فهي تتبني فكر جهادي رغم  سعيها إلى تقديم نفسها بملامح أقل تطرفاً مقارنة بتنظيمات أخرى مثل تنظيم الدولة الإسلامية، مع تركيز نشاطها على السيطرة المحلية والحكم. وتهيمن  على أغلب محافظة إدلب ومناطق من الساحل والمناطق الشمالية المحاذية لإدلب، ويقع ضمن المنطقة التي تسيطر عليها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، فضلاً عن التماس الجغرافي مع تركيا.

أما عن علاقتها مع تركيا فهي جيدة، حيث استعانه أنقرة على مدار سنوات بالجولاني وتنظيمه في ضبط انفلات فصائل المعارضة السورية الموالية لها، فضلاً عن كون تركيا الداعم الأساسي للهيئة وقائدها الجولاني.

وتم تصنيفها من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة وتركيا على أنها جماعة على صلة بتنظيم القاعدة، كما تدرجها على قوائم المنظمات الإرهابية.

ووفقاً لتقرير صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2022، فعدد عناصر هيئة تحرير الشام يقدر بنحو 10 آلاف مقاتل. 

مصادر تمويلها وقدراتها العسكرية 

وفيما يتعلق بمصادر تمويل هيئة تحرير الشام، فيكون من خلال إيرادات رسوم المعابر، حيث تسيطر حالياً على معبرين رئيسيين هما "باب الهوى" الحدودي مع تركيا، الذي تدخل الأمم المتحدة عبره مساعدات إلى شمال سوريا، ومعبر "الغزاوية" الفاصل بين ريف عفرين ومناطق ريف حلب الغربي، كما تحتكر الهيئة قطاعات تجارية محددة مثل المحروقات، إلى جانب اعتماد تمويلها أيضا على تبرعات.

أما فيما يتعلق بقدراتها العسكرية، تمتلك هيئة تحرير الشام أسلحة لاسيما مضادات الدبابات، كما استخدمت تكتيكات التفجيرات الانتحارية باستخدام سيارات مفخخة، والذي ساعدها على السيطرة على مساحات من الأراضي، لاسيما في بدايات الصراع السوري.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق