فاتورة الحياد الكربوني الباهظة تثير دعوات لتغيير سياسة الطاقة في بريطانيا

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اقرأ في هذا المقال

  • بدأ الساسة يدركون حجم الكارثة التي قد تسببها سياسات تحقيق الحياد الكربون.
  • المفاعلات الصغيرة المعيارية أصبحت حقيقة واقعة في بعض أجزاء من العالم.
  • إغلاق أساطيل الطاقة المتجددة شرط أساسي لنهضة الطاقة النووية.

تشهد بريطانيا نقاشات مكثفة حول معقولية هدف الحياد الكربوني الذي تتبناه الحكومة، خلال وقت تتزايد فيه المخاوف من التأثيرات الكارثية لهذه السياسات على الاقتصاد الوطني والصناعة.

ووفقًا لمقال طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أثار الإنفاق المفرط لوزير الطاقة والحياد الكربوني البريطاني إد ميليباند، الوارد بإعلان الموازنة، موجة قلق بشأن أسعار الطاقة المرتفعة وتداعياتها على الصناعة، إذ يشكك الساسة في قدرة هذه السياسات أحادية الجانب غير التنافسية على تحقيق الحياد الكربون.

ويرى كاتب المقال مدير حملة "نت زيرو ووتش" (Net Zero Watch) المعنية بشؤون الاحتباس الحراري وتغير المناخ أندرو مونتفورد، أن التوجه نحو تحقيق الحياد الكربوني بصيغته الحالية يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالكفاءة والتكاليف وتأثيراتها بعيدة المدى، ويُشكّل تهديدًا للاستقرار الاقتصادي في البلاد.

ويؤكد التقرير أن إصلاح منظومة الطاقة البريطانية يتطلّب تحولًا شاملًا يركز على التخلي عن التقنيات غير الموثوقة والمكلفة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، ويُحذّر من أن بريطانيا قد لا تمتلك فرصة ثانية لتصحيح نظامها الطاقوي، وأن أي تأخير أو استثمار في تقنيات غير مثبتة قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي لا رجعة فيه.

خطط حزب العمال وموقف المعارضة

يرصد المقال خلافات الرؤى واتساعها بين خطط حزب العمال وموقف المعارضة بشأن سياسات تحقيق الحياد الكربوني في بريطانيا.

ويبرز قلق واسع من حجم الإنفاق المخصص لهذا التوجه؛ إذ تعهد ميليباند، الذي يقود هذه الجهود، بضخ نحو نصف مليار جنيه إسترليني (637 ألف دولار أميركي) يوميًا، خلال الأشهر الـ3 الأولى من ولايته.

(من اليمين) وزيرة الخزانة ووزير الطاقة والحياد الكربوني بالمملكة المتحدة
(من اليمين) وزيرة الخزانة ووزير الطاقة والحياد الكربوني بالمملكة المتحدة - الصورة من صحيفة ذا ديلي تيليغراف

وأثار هذا الإعلان انتقادات حادة بشأن تأثير هذه السياسات في الاقتصاد البريطاني؛ إذ يرى مونتفورد أن هذه السياسات قد تؤدي إلى انهيار اقتصادي إذا استمرت على هذا النحو لمدة 5 سنوات.

في المقابل، تظهر، مؤخرًا، بوادر لتلاشي التوافق السياسي بين الأحزاب حول قضايا المناخ والطاقة، الذي سيطر على مدى العقدين الماضيين، وهو ما أقرّ به وزير الدولة اللورد هانت، خلال مناقشة برلمانية، مشيرًا إلى تصاعد القلق بشأن ما وصفها بـ"السياسات غير التنافسية المرتبطة بالحياد الكربوني"، التي تُلقي بأعباء كبيرة على الصناعة البريطانية.

حتى المحافظين، الذين تبنوا سياسات مشابهة في الماضي، يعيدون النظر في مواقفهم، على سبيل المثال، واجهت وزيرة الدولة لشؤون أمن الطاقة كلير كوتينيو، توبيخًا وانتقادات لعدم ذكر جزء صافي الصفر في مسمى وظيفتها عندما أعيد تعيينها في منصب وزيرة الطاقة والموارد الطبيعية في نيوزيلندا.

كما بدأ سياسيون بارزون في التنصل من هذا التوجه، مثل عضو البرلمان نيك تيموثي، الذي كان مستشارًا لرئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، والذي حرص، مؤخرًا، على النأي بنفسه عن القرار الذي اتخذته رئيسته السابقة بتبني هدف الحياد الكربوني.

*الجنيه الإسترليني = 1.27 دولارًا أميركيًا.

سياسات تحقيق الحياد الكربوني

مع تصاعد الانتقادات لسياسات تحقيق الحياد الكربوني، بدأ البعض البحث عن بدائل للطاقة المتجددة. ومع ذلك، تبدو الخيارات المطروحة مثل "الاندماج النووي" و"الطاقة الشمسية الفضائية" غير واقعية في الأجل القصير، كما أثارت الدعوات لاستغلال الطاقة الحرارية من مناجم الفحم القديمة وسدود المد والجزر انتقادات باعتبارها حلولًا مكلفة وغير مجدية.

ويقول مونتفورد: ما زال المحافظون يخشون كتلة الخضر؛ لذا فهم يحتفظون بميل محرج إلى الرغبة في الظهور بمظهر المدافعين عن البيئة، ويقولون: "سنعمل على تحقيق الحياد الكربوني، ولكننا سنفعل ذلك على نحو أفضل"، وهو الخط الذي تبناه المحافظون قبل الانتخابات الأخيرة.

ويرى مدير حملة "نت زيرو ووتش" أن إيجاد بدائل للطاقة المتجددة تُعد قضية شائكة يتعين التفاوض عليها، متسائلًا: "كيف يبدو الطريق إلى القيام بذلك على نحو أفضل؟"

مزرعة شوتويك للطاقة الشمسية في بلدة ديسايد بمقاطعة ويلز البريطانية
مزرعة شوتويك للطاقة الشمسية في بلدة ديسايد بمقاطعة ويلز البريطانية - الصورة من الغارديان

ويضيف: شاهدنا مؤخرًا الوزيرة كلير كوتينيو، تروج للاندماج النووي، في حين يميل نواب حزب الإصلاح إلى أن يكونوا أكثر صرامة في التعامل مع هذه الأسئلة؛ إذ دعا النائب عن حزب "إصلاح المملكة المتحدة" لي أندرسون، إلى استعمال مناجم الفحم القديمة للتدفئة باستعمال الطاقة الحرارية الأرضية.

وأردف: "بصفتي شخصًا يعمل في مجال سياسة الطاقة، أشعر بالقلق من أنه في حين بدأ الساسة في إدراك حجم الكارثة التي يلحقها بنا "تحول الطاقة" الفاشل، إلا أنهم لم يتمكنوا بعد من فهم مدى صعوبة تصحيح الأمور".

إصلاح منظومة الطاقة البريطانية

يرى مونتفورد أن إصلاح منظومة الطاقة البريطانية يتطلب تحولًا شاملًا يُركز على التخلي عن التقنيات غير الموثوقة والمكلفة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية. بدلًا من ذلك، يجب الاستثمار في موارد طاقة موثوقة ورخيصة؛ إذ يوصي، على المدى القصير، بالتوسع في استعمال الغاز الطبيعي وتقنيات التكسير الهيدروليكي، وربما العودة إلى استعمال الفحم.

أما على المدى المتوسط؛ فإن الطاقة النووية تمثل خيارًا واعدًا، ولا سيما مع ظهور مفاعلات صغيرة معيارية يمكن أن تكون فعالة إذا خُفضت التكاليف.

المفاعلات المعيارية الصغيرة
تصميم لأحد المفاعلات المعيارية الصغيرة - الصورة من الموقع الرسمي لوكالة الطاقة الذرية

ومع ذلك، يشير مونتفورد إلى ضرورة تقليص الاعتماد على طاقة الرياح، التي تعوق تحقيق استثمارات ناجحة في قطاع الطاقة النووية بسبب طبيعتها غير المستقرة، قائلًا: "يُعد إغلاق أساطيل الطاقة المتجددة شرطًا أساسيًا لنهضة الطاقة النووية".

وإلى جانب التحولات التقنية، يُبرز التقرير الحاجة إلى إصلاح شامل للتشريعات التي تعوق التنمية الاقتصادية، بما في ذلك قوانين البيئة وتقييمات الأثر البيئي، التي وصفها مونتفورد بأنها مكلفة ومعقّدة بشكل لا يمكن تحمله في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

ويحذر التقرير من أن بريطانيا قد لا تمتلك فرصة ثانية لتصحيح نظامها الطاقوي. أي تأخير أو استثمار في تقنيات غير مثبتة قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي لا رجعة فيه. ويخلص مونتفورد إلى أن الحياد الكربوني بصيغته الحالية يشكل تهديدًا واضحًا للاستقرار الاقتصادي في البلاد.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر..

"الحياد الكربوني: الكارثة الاقتصادية لحزب العمال في طور التكوين"، من منصة "ذا نيو ريفورمر"

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق