للمتابعة اضغط هنا

‎خبراء يسلطون الضوء على تحديات وآفاق دينامية البلدان الإفريقية الأطلسية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

على امتداد يوم كامل شكّلت دينامية الدول الإفريقية الأطلسية محور نقاشات ومداخلات أساتذة وخبراء وباحثين مُتعددي المشارب والتخصصات، معظمهم ينتمون إلى حقل دراسات العلاقات الدولية والقانون الدولي العام، التأموا السبت 5 أكتوبر الجاري بالرباط، ضمن حدَث اللقاء السنوي الذي تنظمه “مجموعة الأبحاث والدراسات حول الحوض الأبيض المتوسط” (المعروفة اختصارا بـ”GERM”).

المجموعة التي يرأسها الحبيب المالكي، وتضم في عضويتها أساتذة خبراء وباحثين، اختارت لهذا اللقاء عنوان “دينامية البلدان الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي: التحديات والآفاق”، بحضور ومشاركة خبراء وباحثين أفارقة إلى جانب عميد السلك الدبلوماسي الإفريقي بالمغرب، مؤكدا أهمية الموضوع ضمن كلمة ألقاها بالمناسبة.

“تعميق التفكير الجيو-إستراتيجي”

قال المالكي، متحدثا للمشاركين، إن “هذا اللقاء يهدف إلى تعميق التفكير الإستراتيجي في هذه المبادرة الأطلسية القارية الإقليمية الجديدة التي يقُودها المغرب، بغاية فهْم نطاقها الاقتصادي والاجتماعي، ودراسة رهاناتها الجيو-سياسية وتحليل تأثيرها على تموقع المنطقة على المستوى الدولي”.

ومنذ إنشائها، يضيف المتحدث، أجرت “المجموعة” العديد من الدراسات والمشاريع البحثية حول منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تتناول الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للمنطقة وآفاق التنمية المستقبلية فيها.

“اليوم، كما تعلمون، فإن كثافة الشبكات التجارية، والتشابك المتزايد للعلاقات الدولية، والوتيرة السريعة للتغيير في العالم من حولنا، من المنظور الجيو-سياسي والإستراتيجي، والأزمات الحالية غير المسبوقة، تدفعُنا إلى نقلة نوعية عميقة وإعادة التفكير في المقاربات التقليدية وما ينتج عنها من توصيات لتشكل الشراكات وسياسات التعاون في منطقتنا”، يتابع المالكي مفسراً.

واعتبر رئيس “مجموعة أبحاث ودراسات المتوسط” أن “الموضوع المُختار لهذا اللقاء الدراسي لا يخرج عن هذا المنظور، ليتناول الديناميات الجيو-إستراتيجية الجارية في الضفة الجنوبية لمنطقة الحوض المتوسطي، مع التركيز بشكل أكثر تحديداً على المنطقة الشاسعة المكونة من البلدان الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي؛ وذلك بهدف تسليط الضوء، من خلال تحليل استكشافي، على فرص تعزيز التعاون وإطلاق إمكانات التنمية في المنطقة وتحسين الموقع الإستراتيجي لهذا التجمع الإقليمي على الساحة الدولية”.

وحسب المتحدث عينه “ينبثق التفكير الجيو-إستراتيجي في هذه المنطقة الشاسعة من القارة الإفريقية من النهج العالمي والشامل المطلوب لفهم أفضل للقضايا المطروحة في عالم يزداد ترابُطًا، وهو ما يتطلّب مرونة أكبر في مواجهة التغيرات السريعة في السياق المُحيط”.

واستحضر المالكي “الحقائق الجيو-سياسية الجديدة وظهور أزمات غير مسبوقة بوصفها تحدياً لعملية الاندماج والتكامل الإفريقييْن”، مردفا: “والواقع أن إفريقيا تتحمل العبء الأكبر للتغيرات الحالية، ويجب أن تهيئ نفسها إستراتيجياً لتحويلها إلى فرصة للتنمية والازدهار؛ وبالنظر إلى التوجهات المتجسدة في روح أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 فإن مسارها للعقود الأربعة المقبلة واضح. وسيتطلب هذا المسار جهدًا متواصلا لتكييف برامج التنمية مع التحولات العميقة في السياق العالمي من أجل تعزيز التكامل الاقتصادي وتوطيد النمو والتنمية الاجتماعية والإدماج الاجتماعي”، وزاد: “بالإضافة إلى تعبئة موارد كبيرة قد تتجاوز في بعض الحالات القدرات الذاتية لكل بلد فإن تنفيذ هذه البرامج يتطلب تجميع الجهود في إطار تعاون أوسع نطاقا، ما يتيح إطلاق إمكانات القارة الإنمائية في جميع المجالات”.

“مزايا تكتل إقليمي واعد”

استرسل المسؤول ذاته موجزاً “بعض أهم مزايا ظهور تكتل إقليمي متكامل ومتماسك وموحَّد على طول الساحل الإفريقي المطل على المحيط الأطلسي، والدور الذي يمكن أن يلعبه في استقرار المنطقة وازدهارها”، معتبرا أنه “من وجهة نظر اقتصادية يحمل ساحل المحيط الأطلسي–إفريقيا إمكانات كبيرة للتنمية”.

ولفت المتحدث إلى أن “المنطقة الإفريقية الأطلسية، التي تضم 22 بلدا، وتمثل نصف سكان القارة تقريبا، مهيأة للنمو المستدام في السنوات القادمة، نظرا لأهمية وتنوع مواردها الطبيعية والساحلية والتعدينية وموارد الطاقة”، وتابع شارحا: “وضع برامج لتعزيز هذه الموارد وتنميتها في إطار التعاون الإقليمي يُتيح تحسين إدارتها واستغلالها على النحو الأمثل، فضلاً عن إعادة تقييمها في أسواق القارة وعلى الصعيد الدولي.

وفي الوقت نفسه فإن رفع مستوى الموارد الطبيعية وتنويع الإنتاج من خلال برامج التصنيع المكثف من شأنه أيضا أن يتيح تحويل الهياكل الاقتصادية وتوليد قيمة مضافة أكبر، وخلق المزيد من فرص العمل، وبالتالي تقليل اعتماد بلدان المنطقة الكبير على صادراتها من المواد الخام”.

وأجمل المالكي بأن “مسار الدول الإفريقية الأطلسية مليء بالوعود للمنطقة وللقارة ككل، ويمكنه أن يجتذب بالفعل اهتماما متزايدا من الفاعلين الرئيسيين على الساحة الدولية، مع تغييرات عميقة في الديناميات الاقتصادية والتوازن الجيو-سياسي في المنطقة”، خاتما: “من خلال التركيز على التعاون الاقتصادي والأمن الإقليمي والنفوذ الإستراتيجي يقدم مسار مبادرة الأطلسي القارية مزايا متعددة تساهم في تحقيق تنمية أكثر توازناً وشمولاً واستدامة في المنطقة”.

“تجاوز السردية السلبية”

من جانبه تحدّث محمد الشقندي، الأستاذ الجامعي المتخصص في الشؤون الإفريقية بجامعة محمد الخامس، عن أن “المبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب برعاية ملكية تُمكّن بلدان الساحل وتلك المطلة على الأطلسي من تجاوز السردية السلبية بمعانيها الاستعمارية، التي طالما وَسَمت علاقتها بالمحيط الأطلسي”.

ولفت الجامعي ذاته، خلال مداخلة له، إلى أن “إفريقيا تدشّن مساراً جديداً في منطقة الساحل، وخصوصا إفريقيا الغربية”، معتبرا أن “المبادرات الملكية الأخيرة تحاول تحريك دينامية إخراجها من العزلة القارية، خصوصا بالنسبة لدول منطقة الساحل”، وواصفاً الدينامية الحالية بـ”الأفقية والعمودية في الآن نفسه”.

وتطرّق الشقندي لأهمية “الرهانات السوسيو-اقتصادية” لمبادرة الدول المطلة على الأطلسي، خاصاً بالتفصيل والتحليل “عدم استغلال المواد الخام الأولية بالشكل الكافي”، ما يجعل أن “هناك تفكيرا فقط في التنمية من منظور وطني، وليس قاري أو عَبْر/بين وطني”.

“الرهانات والتحديات الاجتماعية لدينامية الأطلسي الإفريقية تُلخصها الهشاشة الاجتماعية”، يلفت المتدخل ضمن اللقاء ذاته، مسجلا بأسف “استمرار تحديات أمنية أمام عدد من الدول، ما يفرض إعادة النظر في براديغم تنمية البلدان الإفريقية عبر الاقتصاد في الوقت والجهود عبر العمل بمنطق التعاضد، بدَلَ منطق التضامن، مع تمثّل أفضل للموارد الإفريقية، بشرية أو طبيعية”.

يشار إلى أن اليوم الدراسي لمجموعة الدراسات والأبحاث حول المتوسط تضمَّن مداخلات ثلة من الأساتذة والباحثين الأكاديميين في تخحصات العلاقات الدولية والعلوم السياسية؛ كان أبرزهم مصطفى السحيمي وزكرياء أبوالذهب وفؤاد عمور، فضلا عن مشاركة باحثين من معاهد وجامعات ومراكز تفكير مغربية ومن نيجيريا والكونغو الديمقراطية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق