فتح اللقاء الجهوي التشاوري حول الجهوية المتقدمة، الذي احتضنته عاصمة البوغاز، تحضيراً للنسخة الثانية من المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة، الباب واسعا أمام رؤساء الجماعات والمنتخبين لإبداء الرأي حول أوجه القصور في تنزيل الورش الكبير وتحقيق الأهداف المرجوة من اعتماده.
ويرى الكثير من المتابعين كما المنتخبين في الشمال أن تنزيل الجهوية المتقدمة يعاني من جملة مشاكل وتحديات، تعوق التنزيل الأمثل، بل تعمق الفوارق المجالية بين الأقاليم والمدن، ما يؤدي إلى ظواهر اجتماعية واقتصادية تناقض في جوهرها الجهوية المتقدمة.
نور الدين مضيان، القيادي الاستقلالي ورئيس جماعة بني عمارت بإقليم الحسيمة، يرى أن “التوزيع الجهوي العادل والمنصف للاستثمار، من خلال نهج تقارب التقائي يشمل جميع الهيئات والمتدخلين، سواء في القطاع العام أو الخاص، ضروري للتنزيل الأمثل للجهوية المتقدمة”.
ودعا مضيان، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى “مواكبة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين المحليين، وضرورة الرفع من الاستثمارات الخاصة على صعيد الجهة، لتصبح محركا أساسيا للعديد من القطاعات الحيوية، مثل العقار والتجارة والصناعة والخدمات”.
كما شدد المتحدث على “ضرورة تفعيل خدمات المركز الجهوي للاستثمار بشكل أفضل وأكثر نجاعة وفعالية، مع انفتاحه على مختلف الشركاء الاقتصاديين مغاربة أو أجانب، وتبسيط المساطر الإدارية وتفعيل الشباك الوحيد للاستثمار”، واعتبر أن “إعادة هيكلة المراكز الجهوية للاستثمار ضرورية من أجل التنزيل الأمثل للميثاق، من خلال تنسيق أفضل مع كل الفاعلين الوطنيين والجهويين في ميدان الاستثمار”.
وحث القيادي الاستقلالي على “تسهيل ولوج المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، بما فيها المقاولة المبتدئة والمقاول الذاتي والتعاونيات، إلى الطلبيات العمومية، وتسهيل وصولها إلى التمويل ومطالبة الأبناك بذلك”، معتبرا أنها “الأكثر خلقا لفرص الشغل التي تسعى وراءها الحكومة”.
كما طالب مضيان بـ”تعزيز مشاريع الاستثمار الإستراتيجي واستثمار المؤهلات الطبيعية والسياحية والإيكولوجية التي تزخر بها الجهات، وخاصة جهة الشمال، بما من شأنه إعطاء دفعة جديدة للجهة، وخلق العديد من مناصب الشغل، لاسيما في صفوف شباب المنطقة”.
من جهته قال عبد الحكيم الأحمدي، رئيس المجلس الإقليمي بالعرائش، إن “التحديات التي تواجه تنزيل الجهوية المتقدمة بالمغرب متعددة، وتتمثل أساسا في ضعف الكفاءات البشرية ونقص التأهيل والتدريب لدى العاملين في المجالس الجهوية؛ فضلا عن غياب الموارد البشرية المؤهلة لإدارة المشاريع الكبرى”.
وأضاف الأحمدي، ضمن تصريح لهسبريس، معددا التحديات، أن “الاختلالات في التمويل تمثل واحدة من أبرزها، وذلك عبر الاعتماد المفرط على التحويلات من الدولة، وضعف الموارد الذاتية للجهات التي يرى الكثير من المنتخبين أنها تشكل عائقا كبيرا أمام تحقيق أهداف التنمية والعدالة المجالية”.
كما أشار رئيس المجلس الإقليمي إلى “ضعف التنسيق بين المستويات الإدارية كأحد العراقيل الأساسية لتنزيل الورش الحيوي؛ ويتجلى ذلك أساسا في استمرار التداخل بين اختصاصات الدولة والجهات، وغياب رؤية إستراتيجية موحدة بين الجهات”.
ولم يقف الأحمدي في تعداد عراقيل تنزيل الجهوية المتقدمة هند هذا الحد، بل ذهب إلى ذكر “البطء المسجل على مستوى التنفيذ، الذي يبدو جليا في تأخر تنزيل بعض المشاريع المقررة بسبب العراقيل الإدارية أو غياب الكفاءة”، وفق تعبيره.
ومن أجل تطوير تجربة الجهوية المتقدمة أوصى رئيس المجلس الإقليمي ذاته بضرورة “تعزيز قدرات الموارد البشرية الجهوية عبر التكوين والتأهيل المستمر، وتوفير آليات تمويل مبتكرة لتقوية استقلالية الجهات؛ فضلا عن تسريع تنزيل مبدأ التفريع لتوضيح الاختصاصات وتحسين آليات الرقابة والمحاسبة، لضمان شفافية العمل الجهوي، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لدعم التنمية المحلية”.
وخلص الأحمدي إلى أن “الجهوية المتقدمة تبقى مشروعًا طموحًا، لكنه يحتاج إلى معالجة التحديات التي تواجهه لتحقيق الأهداف المرجوة من التنمية المستدامة وتقليص الفوارق المجالية في المغرب”، وفق تعبيره.
0 تعليق