اليوم تحتفل الكنيسة بذكرى نياحة القديس أنبا بيمن المعترف، الذي تنيح في مثل هذا اليوم. فقد شهد القديس بيمن المعترف، الذي يُعتبر شهيدًا بلا سفك دم، مع الشهداء أمام الولاة، محتملًا العديد من العذابات من أجل اسم المسيح.حظي بركات برعاية الله العظيمة، وتأهل لرؤية السماوات رغم معاناته، لكن الرب لم ي له أن يسفك دمه ليكمل رسالته في الكنيسة.
معلومات عن القديس أنبا بيمن المعترف
وُلد القديس بيمن نتيجة صلوات والديه التقيين، الشيخ ساويرس كاهن مدينة أبسويه بمصر ومريم العاقر. وقد ظهر له ملاك في الكنيسة ليبشره بميلاد هذا الطفل ويخبره عن رسالته المستقبلية.
ADVERTISEMENT
نشأ القديس في بيت تقي يتغذى على الإيمان الحي والعملي. عندما وصل إلى سن التاسعة، تم إرساله إلى الكتاب ليتعلم القراءة والكتابة، حيث كانت بركة الله تظهر فيه بقوة. وفي تلك الفترة، حدث جفاف شديد استمر لثلاث سنوات متتالية، وتوفي الكاهن ساويرس. انتقلت مريم العجوز مع الفتى إلى قرية “البيار” للعمل في بستان أرخن تقي يُدعى أمونيوس.
كان الفتى يحمل طعامه كل صباح ليقدمه لرجل أعمى يلتقي به في الطريق، ويظل صائمًا حتى الساعة التاسعة بينما يعمل بجد في البستان. وقد بارك الرب هذا البستان بشكل غير عادي، مما جعل أمونيوس يشعر أن “بيمن” هو السبب وراء هذه البركة، فقام بتسليمه جميع أمواله كوكيل عنه.
القديس أنبا بيمن المعترف كانت روحه مشتعلة بالإيمان
هذه الثقة زادت من اجتهاد بيمن ومثابرته، وفي الوقت نفسه كانت روحه مشتعلة بالإيمان، فبدأ يمارس الصلوات المستمرة ويصوم يومين متتاليين ثم ثلاثة، وأحيانًا يبقى صائمًا طوال الأسبوع. لكن عدو الخير حسد بيمن على نموه الروحي وأمانته في العمل، فحرض بعض العمال الأشرار ضده، الذين أدركوا أن طهارته هي سبب نجاحه الباهر. فأمروا امرأة زانية بالاقتراب منه وإغوائه. وعندما جاءت إليه، أساءت التصرف، فأنهرها، وعندما تمادت في تصرفاتها، ضربها بيده فسقطت ميتة، مما أثار خوف الجميع.
أما هو، فقد أحضر ماءً وسكب عليه زيتًا، ثم صلى ورشّها بالماء ورسم عليها علامة الصليب، فقامت في الحال. وخلعت كل الحلي التي كانت ترتديها وألقتها بعيدًا، وسجدت أمام بيمن بدموع تطلب منه أن يغفر لها ما ارتكبته في حقه، وتسأله أن يصلي من أجلها ليقبل الله توبتها، مما أدهش الحاضرين. وعندما أعلنت صدق توبتها، أرسلها إلى أحد الأديرة.
ما لديه من أمانات وقدمها لزوجة الأرخن حمل القديس أنبا بيمن المعترف ليودعها، قائلاً: “أستودعك الله، أيتها الوالدة المباركة. لقد أسعدتني تعاليمك الصالحة، وليبارك الله سيدي الأرخن ويخلص نفسيكما ويعوضكما عن تعبكما معي بأجرٍ سمائي.” وعندما سمعت السيدة ذلك، وكانت تعتبره كأحد أبنائها، بكت كثيرًا وسألته ألا يرحل. فرد عليها من الآن سأكون خادم لسيدي يسوع المسيح ، و مازال أمامي وقت طويل لكى اخدمكم، يا سيدتي.”
القديس أنبا بيمن المعترف و حياته الرهبانية
بعد وداعها، انطلق إلى الدير في هناده (بلصفورة) حيث التقى برئيس الدير الذي استقبله بفرح بسبب نعمة الله التي كانت عليه وبشاشته. جاء الأرخن وقبّل بيمن وهو يبكي، قائلاً: “ماذا فعلت بك، أيها القديس، حتى تتركنا يتامى؟! أنت تدرك أنك تحتل مكانة أفضل لدينا من الأخ أو الابن، وكل ما أملك قد وضعته في خدمتك، وقد أنعم الله على بيتي وأموالي منذ وصولك إلينا.” عندها بدأ رئيس الدير بتقديم التعازي للأرخن أمونيوس. وقضى القديس حياته الرهبانية في جهاد روحي نسكي، حيث كان ينمو في الفضيلة.
لم يكتفِ بذلك، بل أراد أن يصبح شهيدًا من خلال إراقة دمه من أجل اسم المسيح المجيد. فتوجه إلى أنصنا، حيث وجد العديد من المسيحيين يتعرضون للتعذيب بسبب إيمانهم. فتقدم هو أيضًا واعترف بإيمانه، فتعرض لتعذيب شديد تمثل في الضرب والحرق وتقطيع الأعضاء والعصر بالهنبازين. ورغم كل ذلك، كان السيد المسيح يقويه ويمنحه السلام. وفي تلك الأثناء، انتهت فترة عبادة الأوثان، وتولى الملك قسطنطين العادل الحكم، فأصدر أمرًا بالإفراج عن جميع الذين سُجنوا بسبب إيمانهم. وقد ظهر السيد المسيح لهذا القديس وأمره بأن يُخبر جميع القديسين المسجونين بأن اسمه المبارك قد اعتبرهم ضمن الشهداء ودعاهم بالمعترفين. وأرسل الملك قسطنطين لاستحضار اثنين وسبعين منهم، وكان من بينهم القديس أبانوب المعترف.
أما القديس أنبا بيمن المعترف، فقد عاش في دير خارج الأشمونين، وقد منح الرب موهبة الشفاء، مما جعل شهرته تنتشر في جميع المناطق المحيطة. وفي يوم من الأيام، مرضت ملكة رومية بمرض خطير لم يُجدِ معه علاج، فزارت العديد من الأديرة والكنائس دون أن تجد الشفاء. وأخيرًا، وصلت إلى انصنا برفقة الوالي ورجاله لزيارة القديس. وعندما علم بقدومها، لم يتسرع في لقائها، بل قال: “ماذا لي أنا مع ملوك الأرض؟”، ولكن بعد إلحاح الإخوة، خرج للقائها. وعندما رأته، سجدت عند قدميه، فصلى القديس على زيت ودهنها به، فشفيت على الفور. وقدمت له أموالًا وهدايا كثيرة، لكنه رفضها جميعًا باستثناء بعض الأواني المخصصة للهيكل، مثل صينية وكأس وصليب من ذهب. ثم عادت إلى مدينتها تُمجد الله.
نياحة القديس أنبا بيمن المعترف
وفي تلك الأثناء، كان هناك أسقف قديس يحتفل مع مجموعة من المؤمنين بذكرى بعض الشهداء في أحد الأديرة. وعلم أن الأريوسيين قد اخترعوا أسماء لشهداء غير موجودين وعينوا لهم أسقفًا غير شرعي، مما أضل الكثير من الناس. فتوجه الأسقف إلى القديس أنبا بيمن المعترف وأخبره بذلك. فأخذ القديس معه مجموعة من الرهبان وذهبوا لمجادلة هؤلاء المخالفين، حيث أوضحوا لهم ضلالتهم، فتشتتوا وبدد الرب شملهم. ثم عاد القديس أنبا بيمن المعترف إلى ديره، ومع مرور الأيام، مرض وجمع الإخوة وأوصاهم، وأخبرهم أنه قد حان الوقت ليمضي إلى الرب.
0 تعليق