قاطرة النمو.. المناطق الاقتصادية في ...

بانكير 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تُعد المناطق الاقتصادية أحد أبرز الأدوات التي اتخذتها مصر لتعزيز مناخ الاستثمار وتحفيز الاقتصاد الوطني، حيث تتميز بتوفير حوافز تنظيمية وضريبية، مما يجعلها بيئة مثالية تشجع على جذب الشركات والمستثمرين، وتساهم في تنمية قطاعات اقتصادية متنوعة.

نشأة المناطق الاقتصادية في مصر

بدأت مصر تطبيق مفهوم المناطق الاقتصادية في أوائل القرن الحادي والعشرين كأداة لتحفيز النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات، وكانت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس هي الأولى التي تأسست في عام 1975، لتتبعها مناطق أخرى مثل منطقة شرم الشيخ الاقتصادية والعين السخنة، وتختلف هذه المناطق من حيث مواقعها الجغرافية والقطاعات المستهدفة، مما يساهم في تنويع مصادر الدخل القومي.

وتعتبر الحكومة المصرية من أوائل الدول التي وضعت إطارًا قانونيًا خاصًا لتنظيم وإنشاء المناطق الاقتصادية، وقد نصت القوانين على توفير حوافز استثمارية وضريبية، مما ساهم في تيسير إجراءات العمل في هذه المناطق، كما يحدد هذا الإطار التشريعي الإجراءات المتعلقة بالاستثمار، الضرائب، والتسهيلات التي تقدمها الدولة للمستثمرين.

ففي عام 2002، تم تطوير النظام الضريبي للمناطق الاقتصادية بموجب القانون رقم 83، الذي شمل حوافز ضريبية تهدف إلى جذب المزيد من الاستثمارات ومع ذلك، في عام 2015، تم تعديل هذا النظام من خلال القانون رقم 27، الذي استبدل الحوافز الضريبية التقليدية بحوافز غير ضريبية. على الرغم من ذلك، حافظ القانون الجديد على بعض الحوافز الضريبية المتعلقة بضريبة القيمة المضافة والجمارك، مع إدخال بعض الحوافز غير المباشرة لتشجيع الاستثمارات.

272.jpg
كيف تساهم المناطق الاقتصادية في زيادة الانتاج وتعزيز الاستثمار؟

أهمية المناطق الاقتصادية في تعزيز الاستثمار

وتتمثل أهمية المناطق الاقتصادية في قدرتها على خلق بيئة استثمارية جاذبة، إذ توفر حوافز ضريبية مميزة وتسهيلات إدارية تسهم في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.

ومن خلال التركيز على استغلال الموارد الطبيعية وتشجيع البحث والتطوير، تسهم هذه المناطق في تعزيز التنوع الاقتصادي ودعم القطاعات الاستراتيجية في مصر.

تتيح المناطق الاقتصادية للمستثمرين والشركات المشاركة في مجموعة واسعة من الأنشطة الاقتصادية، مثل التصنيع، والسياحة، والخدمات المالية، بالإضافة إلى البحث والتطوير، وهذا التنوع يتيح فرصًا كبيرة لزيادة القيمة المضافة للاقتصاد المصري وتحفيز النمو في القطاعات المستهدفة.

عدد المناطق الاقتصادية والصناعية في مصر

وفي تصريحات، كشف مصطفى سعد، رئيس قطاع الإحصاءات الاقتصادية والتعبوية بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن إجراء حصر شامل للمناطق الصناعية في مصر، والذي يتضمن جمع بيانات دقيقة حول المنشآت والعاملين بها.

وأضاف سعد أن الجهاز تعاون مع الجهات المعنية مثل الهيئة العامة للتنمية الصناعية من أجل جمع هذه البيانات، حيث تم تحديد عدد المناطق الصناعية في مصر بحوالي 157 منطقة، منها 118 منطقة صناعية قيد العمل، في حين أن البقية إما تحت التجهيز أو في مرحلة استكمال البنية التحتية.

وفي سياق متصل، حصل الجهاز على بيانات تفصيلية عن المناطق الحرة والاستثمارية من الهيئة العامة للاستثمار، حيث بلغ عدد المناطق الحرة 9 مناطق، بينما بلغ عدد المناطق الاستثمارية 14 منطقة.

273.jpeg
كيف تساهم المناطق الاقتصادية في زيادة الانتاج وتعزيز الاستثمار؟

المناطق الاقتصادية قاطرة النمو

ومن جانبه، أكد محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، أن الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة لتوسيع الفرص الاستثمارية، مشيرًا إلى أن رؤية الدولة ترتكز على جذب الاستثمارات، وخاصة الاستثمارات التكنولوجية، وذلك من خلال توفير بيئة اقتصادية مناسبة تدعم نجاح هذه الاستثمارات.

وأضاف “البهواشي”، في تصريح خاص لـ “بانكير” أن الحكومة اتجهت إلى إنشاء مناطق اقتصادية متنوعة تلائم جميع أنواع الاستثمارات، حيث تتيح تكاملًا بين الأنشطة الاقتصادية المختلفة، لافتا إلى أن أبرز نماذج هذه المناطق هي المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والمنطقة الاقتصادية في المثلث الذهبي، وكلها تعد قاطرة لنمو الاقتصاد المصري في المستقبل.

وأشار إلى أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تشمل 5 محافظات هي “السويس، بورسعيد، شمال وجنوب سيناء”، إضافة إلى مدن القناة، التي تمتاز بموارد مادية هائلة ووجود قناة السويس، الممر الملاحي الأكثر أهمية في العالم، وقد جذب ذلك العديد من الاستثمارات العالمية إلى المنطقة، مثل إنشاء المدينة الصناعية الصينية في العين السخنة، والمنطقة الروسية في بورسعيد، فضلاً عن التركيز على الصناعات التكنولوجية في منطقة الأنطرة.

تحويل الاقتصاد المصري إلى اقتصاد إنتاجي

وأكد البهواشي أن منطقة خليج السويس والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس تمتلك بنية تحتية قوية، لاسيما في مجال إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مشيرا إلى أن مصر استطاعت أن تعزز من فرص إنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو مجال يحظى باهتمام عالمي في الوقت الحالي، موضحا أن استضافة مصر للمؤتمر قبل عامين وتسليط الضوء على قدراتها في هذا المجال ساهم بشكل كبير في جذب الاستثمارات.

وأضاف الخبير الاقتصادي أن الهيدروجين الأخضر، بالإضافة إلى الأمونيا الخضراء، يستخدمان في تموين السفن البحرية، مما يجعل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس مركزًا لوجيستيًا مهمًا يدعم هذا القطاع، مؤكدا أن المنطقة تضم صناعات متنوعة، منها التحويلية والتعدينية والفايبر جلاس، إلى جانب الصناعات الثقيلة مثل صناعة السيارات والعربات والقطارات.

وأشار البهواشي إلى أن التوسع في هذه المناطق الاقتصادية يعزز من تكاملها، مما يخلق فرصًا استثمارية تتناسب مع جميع القطاعات الاقتصادية، لافتا إلى أن هذا التنوع يعزز من قدرة الدولة على جذب الاستثمارات المتنوعة، بما يتماشى مع استراتيجيتها لتحويل الاقتصاد المصري إلى اقتصاد إنتاجي في معظم قطاعاته.

274.jpg
كيف تساهم المناطق الاقتصادية في زيادة الانتاج وتعزيز الاستثمار؟

المنطقة الاقتصادية لقناة السويس

وكما ذكرنا مصر تمتلك العديد من المناطق الاقتصادية، أبرزها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتي لم تعد  مجرد ممر مائي يربط بين الشرق والغرب، بل أصبحت منصة اقتصادية شاملة تسهم في تحقيق طفرة تنموية واسعة.

المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تمتد على مساحة 455 كيلومترًا مربعًا، وتتوزع على أربع مناطق صناعية وستة موانئ استراتيجية، وهذا ما جعلها نموذجًا للتكامل الاقتصادي ووجهة استثمارية بارزة للشركات العالمية.

تحقيق إنجازات مالية وتوسعات استثمارية

شهدت المنطقة الاقتصادية تحقيق نجاحات كبيرة خلال العام المالي 2023-2024، إذ بلغت إيراداتها الإجمالية - بحسب البيانات الرسمية - 8.25 مليار جنيه، بزيادة 36% مقارنة بالعام السابق، كما سجلت فائضًا عامًا بقيمة 5.42 مليار جنيه، وعلى صعيد الموانئ، ارتفع حجم تداول البضائع بنسبة 43% ليصل إلى 36.5 مليون طن، بجانب تداول أكثر من 5.1 مليون حاوية مكافئة.

وفي هذا السياق، قال وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، إن جهود الهيئة الترويجية نجحت في جذب استثمارات بقيمة 5.12 مليار دولار عبر 218 مشروعًا، شملت قطاعات متنوعة، مما يعزز مكانة المنطقة كمحور اقتصادي عالمي.

وأشار "جمال الدين"، إلى أن المنطقة الاقتصادية  تطمح  لأن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة النظيفة بحلول 2030، حيث تم توقيع 15 اتفاقية مع كبرى الشركات العالمية لتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر.

وأكد أن مشروعات تطوير البنية التحتية، ساهمت في تهيئة بيئة استثمارية مثالية، ما عزز فرص التعاون مع كبرى الشركات الدولية، مشيرا إلى أهمية قرب المصانع من الموانئ، حيث ساهم في تقليل تكاليف النقل وتحسين جودة المنتجات الموجهة للتصدير.

275.jpg
كيف تساهم المناطق الاقتصادية في زيادة الانتاج وتعزيز الاستثمار؟

موقع استراتيجي ومزايا تنافسية

وحول موقع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أكد الخبير الاقتصادي علاء السقطي أن المنطقة الاقتصادية تتمتع بموقع استراتيجي استثنائي يجعلها حلقة وصل بين الأسواق العالمية.

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن التطوير المستمر للبنية التحتية يساهم في تعزيز دورها كمركز عالمي للوجستيات والصناعات التحويلية.

اعتراف عالمي وتكريم دولي

وفي حدث فريد، يمثل اعترافا دوليا، حصدت المنطقة الاقتصادية شهادة شراكة نموذج أهداف التنمية المستدامة من التحالف العالمي للمناطق الاقتصادية، وهو ما يبرز نجاحها في تطبيق أفضل الممارسات الدولية في الإدارة الاقتصادية والتنموية.

ولهذا يتضح أن المناطق الاقتصادية تلعب دورًا محوريًا في دعم النمو الاقتصادي من خلال تعزيز الاستثمار، وخلق فرص عمل جديدة، ودفع عجلة التنمية المستدامة، بفضل موقعها الاستراتيجي، وبنيتها التحتية المتطورة، وحوافزها الجاذبة، حيث تمثل هذه المناطق نموذجًا ناجحًا للتكامل بين القطاعات المختلفة، مما يسهم في تحقيق طفرة نوعية في الإنتاج والتصدير، ومع استمرار الجهود لتطوير هذه المناطق، يمكن أن تصبح مصر مركزًا عالميًا للتجارة والصناعة، بما يعزز مكانة الاقتصاد الوطني في السوقين الإقليمي والعالمي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق