مشروعات الهيدروجين في 2024.. زخم متصاعد مع ضعف الالتزامات الاستثمارية

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

توالت إعلانات مشروعات الهيدروجين في 2024، لتواصل الزخم المتصاعد منذ سنوات في إطار مسارات تحول الطاقة والحياد الكربوني العالمية، لكن ارتفاع وتيرة الإلغاءات والتأجيلات لبعض المشروعات أصبح مقلقًا للغاية.

وعلى صعيد الدعم السياسي، زاد عدد الدول المعلنة لإستراتيجيات الهيدروجين الوطنية لتصل إلى 60 دولة حتى عام 2024، تمثّل أكثر من 84% من انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة في العالم وفق ملف الحصاد السنوي لعام 2024، الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

ورغم ذلك، فقد واجهت مشروعات الهيدروجين في 2024 مجموعة من التحديات أدت إلى تأخير بعض المشروعات وإلغاء أخرى، مع تردد المستثمرين في تحويل أغلب مشروعاتهم المعلنة إلى قرار الاستثمار النهائي.

ونتيجة لذلك، لم يتجاوز إجمالي إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات 1% من إجمالي الهيدروجين عالميًا خلال 2024.

حالة مشروعات الهيدروجين في 2024

ارتفع عدد مشروعات الهيدروجين المعلنة عالميًا من 1418 مشروعًا في أكتوبر/تشرين الأول عام 2023 إلى 1572 مشروعًا حتى مايو/أيار عام 2024 (تاريخ آخر بيانات مجمعة عالميًا).

وتضاعف عدد المشروعات المعلنة 7 مرات خلال السنوات الـ5 الأخيرة، حيث كان عددها لا يتجاوز 228 مشروعًا في عام 2020، بحسب بيانات مجلس الهيدروجين العالمي.

وتشمل هذه المشروعات سلسلة قيمة الهيدروجين كاملة، التي لا تقتصر على مشروع الإنتاج فحسب، بل تمتد إلى مشروعات البنية التحتية، والاستعمالات النهائية في قطاعات النقل والمباني والصناعة.

وبلغ حجم مشروعات الهيدروجين في 2024، التي وصلت لقرار الاستثمار النهائي، قرابة 434 مشروعًا، ما يمثّل 27.6% من إجمالي المشروعات المعلنة عالميًا.

واستحوذت أوروبا على العدد الأكبر من مشروعات الهيدروجين المعلنة في 2024، بنحو 617 مشروعًا، تليها أميركا الشمالية بنحو 280 مشروعًا على طول سلسلة القيمة.

وتشير بيانات أخرى متصلة إلى ارتفاع عدد مشروعات الهيدروجين منخفض الانبعاثات بنوعيه الأزرق والأخضر إلى 627 مشروعًا حتى يوليو/تموز 2024، مقارنة بنحو 435 مشروعًا عام 2023، شاملة المشروعات تحت التطوير والمشروعات المكتملة.

وتتوزع هذه المشروعات بين الهيدروجين الأخضر بنسبة 90% أو 574 مشروعًا، والهيدروجين الأزرق بنسبة 10% أو 59 مشروعًا فقط، بحسب تقديرات شركة فيتش سوليوشنز.

ورغم ذلك، فما يزال 79% من هذه المشروعات في مراحل التخطيط، بينما لم يصل إلى قرار الاستثمار النهائي سوى 9 مشروعات فقط حتى يوليو/تموز 2024.

ونتيجة لذلك، يتجاوز إجمالي إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات مليون طن، أو ما يمثّل 1% فقط من إجمالي إنتاج مشروعات الهيدروجين في 2024 (100 مليون طن)، مقابل 0.7 مليون طن عام 2023، بحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية.

ويوضح الرسم التالي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات منذ 2021 وحتى 2024:

إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات (2021-2024)

استثمارات مشروعات الهيدروجين في 2024

ارتفعت استثمارات الهيدروجين العالمية المعلنة حتى عام 2030 إلى 680 مليار دولار بنهاية مايو/أيار 2024، بزيادة 110 مليارات دولار عن آخر تقديرات سابقة لمجلس الهيدروجين العالمي عند 570 مليار دولار في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

بينما ارتفعت قيمة سوق الهيدروجين العالمية من 243 مليار دولار في عام 2023 إلى 262 مليار دولار عام 2024، بحسب شركة أبحاث الكندية – الهندية بريسدنس ريسيرش ( precedence research).

وتشمل استثمارات الهيدروجين كلًا من مشروعات إنتاج الهيدروجين النظيف بنوعيه الأخضر والأزرق، ومشروعات البنية التحتية، ومشروعات الاستعمالات النهائية وغيرها.

وبصفة عامة، ما زالت مشروعات الإنتاج تستحوذ على النصيب الأكبر من استثمارات الهيدروجين المعلنة عالميًا، تليها الاستعمالات النهائية، ثم البنية التحتية، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

واستحوذت أوروبا على أكبر الاستثمارات المعلنة لمشروعات الهيدروجين في 2024، كما يلي:

  • أوروبا: 199 مليار دولار
  • أميركا اللاتينية: 107 مليارات دولار
  • أميركا الشمالية: 96 مليار دولار

ولم تكن الاستثمارات العالمية المعلنة تتجاوز 90 مليار دولار في عام 2020، ما يشير إلى تسارع زخم مشروعات الهيدروجين حول العالم خلال السنوات الـ5 الأخيرة.

كما زادت الاستثمارات التي تحولت إلى مرحلة الالتزام من 30 مليار دولار أو ما يعادل 8% من إجمالي الاستثمارات المعلنة عام 2022، إلى 75 مليار دولار أو ما يمثّل 11% من إجمالي المعلَن في 2024.

وانعكس توسُّع الاستثمارات العالمية المعلنة على القدرة الإنتاجية المخططة للهيدروجين النظيف بحلول عام 2030، حيث قفزت من 7 ملايين طن سنويًا فقط عام 2020 إلى 48 مليون طن سنويًا في 2024.

ورغم ذلك، فلم يصل إلى مرحلة الاستثمار النهائي سوي 4.6 مليون طن سنويًا من إجمالي القدرة المخططة حتى عام 2030، مقسّمة بالتساوي بين الهيدروجين الأخضر والأزرق.

حالة الطلب على الهيدروجين في 2024

يأتي تباطؤ تحول مشروعات الهيدروجين في 2024 وما قبله إلى مرحلة الاستثمار النهائي، مع النمو الضعيف للطلب على الهيدروجين، المقدَّر بنحو 3% فقط هذا العام، ليصل إلى 100 مليون طن، مقابل 97 مليونًا عام 2023.

وظل الطلب على الهيدروجين مركزًا في قطاعات التكرير والصناعة، بينما لم تستحوذ الاستعمالات الجديدة في قطاعات الصناعة الثقيلة والنقل لمسافات طويلة وتخزين الطاقة سوى على 1% من إجمالي الطلب العالمي.

وكانت الصين الأكثر الدول استهلاكًا للهيدروجين خلال 2024 مع احتفاظها بنفس الحصة المسجلة خلال عام 2023، كما يوضح الرسم التالي:

استهلاك الهيدروجين حسب المنطقة في 2023

على الجانب الآخر، يتجه إنتاج الهيدروجين العالمي للوصول إلى 100 مليون طن خلال عام 2024، أغلبها مستخلص عبر حرق الوقود الأحفوري دون استعمال تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، ويُطلَق عليه الهيدروجين الرمادي.

ويُستخلص الهيدروجين الأخضر من الماء عبر عمليات التحليل الكهربائي، بينما يشتق الهيدروجين الأزرق من حرق الوقود الأحفوري ولكن باستعمال تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه في أثناء عمليات الإنتاج.

وتستند جميع مشروعات الهيدروجين منخفض الانبعاثات إلى الإعانات الحكومية والتيسيرات الضريبية، لارتفاع تكاليفها بصورة باهظة بوصفها مشروعات ناشئة ما زالت تبحث عن بناء أسواقها.

تحديات مشروعات الهيدروجين في 2024

رغم زيادة عدد مشروعات الهيدروجين في 2024، فإنها واجهت تحديات كثيرة، أبرزها أن معظم الإنتاج المحتمل ما زال في مراحل التخطيط أو في مراحل مبكرة.

كما واجه العديد من المشروعات تأخيرات أو إلغاءات، لأسباب مختلفة من بينها إشارات الطلب غير الواضحة، وعقبات التمويل، وتأخُّر الحوافز الحكومية المعلنة، وضعف اليقين التنظيمي، إضافة إلى مشكلات التراخيص والتصاريح والتحديات التشغيلية.

وأدت هذه العوامل إلى تردُّد المطورين عن تحويل مشروعاتهم المعلنة إلى الاستثمار النهائي الذي لم يشكّل سوى 11% من إجمالي الاستثمارات العالمية المعلنة حتى عام 2024.

ويقدّر مجلس الهيدروجين العالمي حجم الاستثمارات المطلوبة لجعل سلسلة قيمة الهيدروجين ملائمة لسيناريو الحياد الكربوني بنحو تريليون دولار بحلول 2030.

وتفترض التقديرات أن جميع مشروعات الإنتاج المعلنة ستصبح جاهزة للعمل قبل 2030، أمّا إذا حدثت تأخيرات أو إلغاءات لبعض هذه المشروعات، فستكون هناك حاجة إلى استثمارات إضافية لتغطية الفجوة.

وارتفع حجم استثمارات الهيدروجين العالمية المعلنة إلى 680 مليار دولار حتى عام 2024، لكن لم يتحول منها سوى 75 مليار دولار إلى مرحلة الالتزام، ما يعني أن الفجوة الاستثمارية أمام تحقيق الهيدروجين لأهدافه ما زالت شاسعة.

ويحتاج إنتاج الهيدروجين حتى تتحقق مشروعاته المعلنة بالكامل إلى معدل نمو سنوي مركب غير مسبوق يتجاوز 90% خلال المدة من 2024 إلى 2030، وهو ما يتجاوز بكثير النمو الذي شهدته الطاقة الشمسية خلال أسرع مراحل توسعها عالميًا، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.

كما تحتاج مشروعات خطوط أنابيب الهيدروجين المعلنة إلى تسريع تحويلها للاستثمار النهائي، لتواكب الطفرة الإنتاجية المحتملة.

ويبلغ طول خطوط الهيدروجين المعلنة عالميًا حتى عام 2035 قرابة 40 ألف كيلومتر بحلول عام 2035، وهو حجم ملائم لسيناريو الحياد الكربوني، لكن 2% فقط من هذا الحجم وصل إلى قرار الاستثمار النهائي، بحسب وكالة الطاقة الدولية.

ويرجع السبب في ذلك إلى أن تطوير البنية التحتية عملية كثيفة رأس المال وطويلة الأجل، ما يجعلها محفوفة المخاطر بالنسبة للمستثمرين، خاصة في ظل ضبابية مشهد السوق بصورة عامة.

وأسهمت هذه المخاوف بتأجيل عدد من الشركات في أوروبا وأميركا وأستراليا مشروعاتها، بينما اضطرت أخرى لإلغاء المشروعات نهائيًا، كما أعلنت بعض الشركات إفلاسها، بحسب تطورات مشروعات الهيدروجين في 2024، التي رصدها وحدة أبحاث الطاقة.

فعلى سبيل المثال، أعلنت شركة نورسك هيدرو النرويجية (Norsk Hydro) في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وقف مشروعاتها للهيدروجين الأخضر والبطاريات ومنع تخصيص أيّ استثمارات جديدة لها بسبب ظروف السوق الصعبة.

وفي الشهر نفسه، أعلنت شركة الهيدروجين الأخضر فيوجن فيول (Fusion Fuel) تقدُّمها بطلب إفلاس إلى شركتها الفرعية البرتغالية، بعد إخفاقها في الحصول على التمويل اللازم عبر طرح الأسهم في السوق.

وانعكست هذه الأخبار وغيرها على سوق أسهم شركات الهيدروجين في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث هبطت أسعار بعض الأسهم بأكثر من النصف خلال عام 2024، لتصل إلى أدنى مستوياتها التاريخية، مع إعلانها خسائر ربع سنوية متكررة.

وشملت هذه الأسهم شركات شركات الهيدروجين بلاغ باور (Plug Power) وبالارد باور سيستمز (Ballard Power Systems) وغرين هيدروجين سيستمز (Green Hydrogen Systems)، بحسب تحقيق نشرته صحيفة فايننشيال تايمز.

توقعات الهيدروجين منخفض الانبعاثات 2030

تشير أحدث توقعات لوكالة الطاقة الدولية إلى أن إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات يمكن أن يتضاعف 48 مرة من مليون طن في عام 2024 إلى 49 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، بناءً على حسابات المشروعات المعلنة.

وتزيد هذه التقديرات بنسبة 30% عمّا توقعته الوكالة عام 2023، حيث كانت تقدّر وصول إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون إلى 38 مليون طن سنويًا بحلول نهاية العقد.

وجاء النمو القوي في القدرة المحتملة مدفوعًا بمشروعات التحليل الكهربائي العالمية التي بلغت قدرتها المعلنة قرابة 520 غيغاواط، مقارنة بالقدرة الفعلية المركبة حاليًا، التي تتجاوز 5 غيغاواط، كما يرصد الرسم أدناه:

قدرة التحليل الكهربائي للهيدروجين (2021-2024)

ورغم ذلك، لم يصل من مشروعات التحليل الكهربائي للهيدروجين إلى الاستثمار النهائي سوى 4% فقط من إجمالي القدرات المعلنة عالميًا حتى أكتوبر/تشرين الأول 2024.

بينما حصل 14% فقط من مشروعات الإنتاج القائم على الوقود الأحفوري باستعمال تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه إلى قرار الاستثمار النهائي.

ووصلت قدرة مشروعات الهيدروجين منخفض الانبعاثات، التي اتخذت قرار الاستثمار النهائي خلال عام 2024، إلى 3.4 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030.

ويتوزع هذا الإنتاج الذي حصل على الاستثمار النهائي بين الهيدروجين الأخضر بنحو 1.9 مليون طن سنويًا، والهيدروجين الأزرق بنحو 1.5 مليون طن سنويًا.

ويقع أغلب مشروعات الهيدروجين الأزرق الملتزمة بالاستثمار بحلول عام 2030، في أميركا الشمالية وأوروبا، وهي مشروعات تستعمل تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه وأثناء عمليات حرق الوقود الأحفوري.

أما من حيث قيمة سوق الهيدروجين العالمية فمن المتوقع ارتفاعها إلى 412 مليار دولار في عام 2030، قبل أن تقفز إلى أكثر من نصف تريليون دولار بحلول عام 2034 (556.5 مليار دولار).

ومن المرجح أن تكون سوق آسيا والمحيط الهادئ الأسرع نموًا على مستوى العالم من حيث الحجم خلال المدة من 2024 إلى 2034، مدفوعة بزيادة الطلب على الطاقة نتيجة تسارع نمو التحضر والصناعة.

الخلاصة..

ارتفع عدد مشروعات الهيدروجين المعلنة عالميًا إلى 1572 مشروعًا حتى عام 2024، ومع ذلك، لم يدخل إلّا عدد قليل من هذه المشروعات في مرحلة الاستثمار النهائي بسبب مخاوف ضعف الطلب، وعقبات التمويل.

هذه المخاوف أدت إلى تأجيل مشروعات في أوروبا وأميركا وأستراليا، بينما اضطرت بعض الشركات لإلغاء مشروعاتها نهائيًا، كما لجأت شركات أخرى لإعلان الإفلاس.

يمكنكم متابعة المزيد من حصاد وحدة أبحاث الطاقة لعام 2024 عبر الضغط (هنا)، كما يمكن الاطّلاع على حصاد عام 2023 (هنا).

المصادر:

  1. تطورات مشروعات الهيدروجين في 2024 من وكالة الطاقة الدولية.
  2. استثمارات مشروعات الهيدروجين في 2024 من مجلس الهيدروجين العالمي.
  3. عدد إستراتيجيات الهيدروجين الوطنية من منظمة أوابك.
  4. وقف مشروعات الهيدروجين في شركة نورسك هيدرو النرويجية من موقع الشركة.
  5. هبوط أسهم شركات الهيدروجين في أوروبا وأميركا من فايننشيال تايمز.
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق