رحيل بشير الديك.. محطات في حياة رائد كتابة السيناريو ورمز الإبداع السينمائي

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

رحل عن عالمنا الكاتب والسيناريست الكبير بشير الديك عن عمر ناهز 80 عامًا بعد رحلة فنية استثنائية أثرت السينما المصرية بأعمال خالدة، تاركًا إرثًا غنيًا من الإبداع والتأثير.

ولد بشير الديك في 27 يوليو 1944 بمحافظة دمياط، وحصل على بكالوريوس التجارة من جامعة القاهرة عام 1966. 

بدأ مشواره الأدبي بكتابة القصص القصيرة التي نُشرت في العديد من الصحف والمجلات الأدبية. 

لم يتوقف طموحه عند الأدب، حيث قاده شغفه بالكتابة إلى السينما عام 1978 من خلال فيلمه الأول مع سبق الإصرار، الذي كتب قصته وحواره، ليؤسس بذلك مسيرته السينمائية.

شراكات فنية خالدة

كان بشير الديك جزءًا من الثنائي الذهبي مع المخرج عاطف الطيب، حيث قدما معًا أفلامًا خالدة مثل سواق الأتوبيس، ضربة معلم، وضد الحكومة. 

كما تعاون مع المخرج محمد خان في أفلام بارزة مثل الحريف وموعد على العشاء، اللذين يعتبران من روائع السينما المصرية لاهتمامهما بالتفاصيل الواقعية واستلهامهما من الحياة اليومية.

أعمال لا تُنسى وقضايا مجتمعية

ترك بشير بصمة واضحة في السينما بأفلام عالجت قضايا اجتماعية وسياسية هامة. كان فيلم ناجي العلي من أبرز أعماله التي تناولت القضية الفلسطينية بجرأة ووضوح.

لطالما دافع بشير عن حقوق الشعب الفلسطيني، وندد بالسياسات الإسرائيلية، معتبرًا ما يحدث في فلسطين جريمة ضد الإنسانية.

تعد أعماله مثل النمر الأسود وسواق الأتوبيس نموذجًا للسينما الواقعية التي ناقشت هموم البسطاء. 

كما كتب سيناريو فيلم الهروب، وهو أحد أبرز أفلام أحمد زكي، رغم أن الفيلم أثار جدلًا بسبب إعادة كتابته من قصة أولية للكاتب مصطفى محرم.

نظرة نقدية لواقع السينما والتلفزيون

على الرغم من غزارة إنتاجه، اختار بشير الابتعاد عن الساحة الفنية منذ عام 2010، حيث كان آخر أعماله فيلم الكبار. 

أوضح في مقابلاته الأخيرة أن السوق السينمائي تغير بشكل لم يستطع التكيف معه، منتقدًا هيمنة الرأسمالية على الإنتاج الفني وسطحية الموضوعات المطروحة.

انتقد بشير بشدة كثرة الإعلانات في شهر رمضان، مؤكدًا أنها طغت على الدراما وأفقدتها قيمتها، ووصف السوق الحالي بأنه يركز على الربح السريع دون الاهتمام بالمحتوى الفني.

أزمة شخصية وتأثيرها على مسيرته

تأثر بشير بشدة بوفاة ابنه أحمد في حادث سيارة، وهي مأساة تركت أثرًا عميقًا في حياته. تحدث عن تلك الحادثة بمرارة، معتبرًا أنها غيرت مجرى حياته، لكنه استمر في العطاء الفني كنوع من المقاومة النفسية.

حياة بعيدة عن الأضواء

في سنواته الأخيرة، اعتاد بشير الديك على قراءة الصحف وحل الكلمات المتقاطعة، كما كان يقرأ كتب الصوفية وكتبًا أدبية متنوعة.

ابتعد عن الحياة العامة، لكنه ظل متابعًا للشأن السياسي والاجتماعي والفني، معبرًا عن دهشته من التغيرات التي طرأت على المجتمع المصري.

وفاته وإرثه

توفي بشير الديك إثر التهاب رئوي حاد أدى إلى فشل وظائف الرئة والكلى. ترك وراءه إرثًا سينمائيًا زاخرًا، يتضمن أفلامًا مثل كتيبة الإعدام، الحريف، والفارس والأميرة، الذي يُعد أول فيلم رسوم متحركة مصري طويل.

تكريم وتأثير مستمر

رغم رحيله، سيظل اسم بشير الديك حاضرًا كرمز للإبداع السينمائي الذي مزج بين القضايا الإنسانية والواقعية الفنية. 

أعماله تظل مرجعًا للأجيال القادمة، ونموذجًا لما يمكن أن تقدمه السينما من تأثير وتغيير.

رحم الله بشير الديك، فقد خسر الفن المصري واحدًا من أعمدته، لكن إرثه سيبقى شاهدًا على عبقريته وإبداعه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق