اقرأ في هذا المقال
- • آلية السقف السعري صُمّمت لتقييد إيرادات روسيا من مبيعات النفط
- • صادرات النفط والغاز تمثّل نحو 30% إلى 40% من إيرادات الموازنة الفيدرالية الروسية
- • الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يواصلان استهداف تجارة النفط والغاز الروسية
- • التوقعات قصيرة الأجل لصناعة النفط في روسيا تظل قوية نسبيًا
بحلول شهر ديسمبر/كانون الأول 2024، مرت سنتان منذ فرض الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة الـ7 عقوبات على صادرات النفط الروسية والبدء في تنويع مصادرها بعيدًا عن إمدادات الغاز.
بدورها، أعادت هذه العقوبات تشكيل سوق الطاقة العالمية بصورة كبيرة، إذ تكيّفت روسيا مع الضغوط الاقتصادية الجديدة والبيئة الجيوسياسية المعقّدة.
وعلى الرغم من أن الغرب سعى في البداية إلى قطع مصادر دخل روسيا من خلال فرض حدود سعرية وعقوبات على شركات النفط الروسية، فقد أظهرت روسيا قدرة ملحوظة على التعامل مع هذه التحديات.
وفي الوقت نفسه، ما يزال الوضع متقلبًا؛ إذ تؤدي العقوبات المستمرة وديناميكيات السوق المتطورة والمخاطر الجيوسياسية المتزايدة دورًا في تشكيل مستقبل روسيا بسوق الطاقة العالمية.
ويستكشف هذا التحليل الشامل الجوانب الرئيسة لقطاع النفط الروسي في سياق العقوبات الغربية، والإستراتيجيات المستعملة للتخفيف من تأثيرها، والآثار المترتبة في أسواق الطاقة العالمية، والتحديات الطويلة الأجل التي تواجه الصناعة.
العقوبات وتأثيرها في صادرات النفط والغاز الروسية
هدفت العقوبات المفروضة على صادرات النفط الروسية في عام 2022 إلى ممارسة أقصى قدر من الضغط على الاقتصاد الروسي، وكبح قدرته على تمويل العمليات العسكرية وإضعاف مكانته الاقتصادية.
وكان للعقوبات تأثير مزدوج؛ إذ خفّض الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة الـ7 مشترياتها من النفط الروسي بصفة مباشرة، وفي الوقت نفسه فرضت سقوفًا سعرية على النفط الروسي، لمنع البلاد من الاستفادة من أسعار الطاقة العالمية المرتفعة.
وقد صُمّمت آلية السقف السعري، التي حُدّدت في البداية عند 60 دولارًا للبرميل، لتقييد إيرادات روسيا من مبيعات النفط من خلال فرض عقوبات مالية على المشترين الذين تجاوزوا الحد الأقصى.
التكيف مع آليات تحديد سقف الأسعار والتصدير
على الرغم من هذه العقوبات، تكيّفت صناعة النفط الروسية بعدة طرق رئيسة.
أولًا، يتم بيع النفط الروسي في المقام الأول إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة الـ7، خصوصًا إلى الهند والصين.
وأصبحت هاتان الدولتان المشتريتين الرئيستين للنفط الخام الروسي، وقد وفّر الطلب المتزايد من آسيا لروسيا منفذًا لصادراتها النفطية.
وعلى الرغم من بيع النفط الروسي في البداية بحسومات كبيرة -في بعض الأحيان بما يصل إلى 40 دولارًا للبرميل أقل من أسعار المعايير العالمية- بحلول أواخر عام 2023، تقلص هذا الحسم إلى نحو 12-13 دولارًا للبرميل.
وحدث هذا التحول بسبب إعادة تنظيم روسيا للإمدادات النفطية، بما في ذلك توسيع "أسطول ناقلات الظل" الذي ينقل النفط الروسي دون الالتزام باللوائح الغربية.
بالإضافة إلى ذلك، تحوّلت شركات النفط الروسية بصورة متزايدة إلى الأسواق في آسيا والشرق الأوسط، بالاعتماد على آليات مالية أكثر تعقيدًا لتجاوز المؤسسات المالية الغربية والعقوبات.
وسمحت هذه التطورات لروسيا بمواصلة توليد إيرادات نفطية كبيرة، على الرغم من تحديد سقف الأسعار والعقوبات المفروضة على تجارة الطاقة لديها. لقد كان تقليص الفجوة بين أسعار النفط الروسي وخام برنت داعمًا لقدرة البلاد على الحفاظ على إيرادات الموازنة.
ومع استمرار تشديد العقوبات الغربية، تظهر تحديات جديدة، خصوصًا فيما يتعلق بأسطول الظل.
وقد صعّد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مؤخرًا جهودهما لاستهداف شركات الشحن وأساطيل الناقلات المشاركة في نقل النفط الروسي.
وفي عام 2025، ستخضع قدرة روسيا على تصدير النفط بفاعلية لاختبارات أكثر، مع تكثيف التدقيق التنظيمي لهذه الناقلات.
ويجسّد احتجاز السلطات الفنلندية مؤخرًا ناقلة روسية، على الرغم من أنها ترفع علم جزر كوك، المخاطر المتزايدة التي تهدد صادرات النفط الروسية.
ويدل هذا على التزام الغرب بتفكيك سلاسل التوريد البديلة لروسيا، ويزيد من عرقلة جهود روسيا للحفاظ على صادراتها النفطية.
أسطول الظل.. التعامل مع العقوبات والمخاطر المتزايدة
يمثّل أسطول الظل جزءًا لا يتجزّأ من إستراتيجية روسيا للحفاظ على صادرات النفط على الرغم من العقوبات. ويتألّف هذا الأسطول من سفن تعمل تحت أعلام غير غربية، وغالبًا من دول مثل جزر كوك أو بنما، ما يسمح لروسيا بتجاوز القيود المفروضة على شركات الشحن الغربية.
وفي الوقت نفسه، يخضع هذا الأسطول الآن لتدقيق متزايد من جانب القوى الغربية.
وتهدف العقوبات التي تستهدف هذه السفن، إلى عرقلة جهود روسيا لنقل نفطها دوليًا.
على سبيل المثال، اقترحت الولايات المتحدة تدابير قرصنة قد تسمح بالاستيلاء على السفن المشاركة في نقل النفط الروسي، ما يزيد من إضعاف القدرات اللوجستية لروسيا.
ويشير الوضع المتطور إلى أن نظام تصدير النفط الروسي يدخل فترة من الضعف المتزايد.
وتُعد العواقب المترتبة على هذا ليست فورية، وفي حال نجاح الجهود الغربية لاستهداف أسطول الظل، فقد يؤدي ذلك إلى اضطرابات كبيرة في قدرة روسيا على بيع النفط في الخارج.
ونتيجة لذلك، سيتعيّن على روسيا الاستمرار في الاستثمار في طرق تجارية بديلة وحلول لوجستية للتخفيف من تأثير هذه التدابير.
اتجاهات الإيرادات.. تجاوز التوقعات في عام 2024
على الرغم من العقوبات وانخفاض أسعار النفط العالمية، تظل إيرادات النفط في روسيا مرنة.
ووفقًا للبيانات الأخيرة، قدّم قطاع النفط والغاز في روسيا إسهامات كبيرة للموازنة الفيدرالية في عام 2024. وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بلغت إيرادات صناعة النفط 10.34 تريليون روبل (908 مليارات و966 مليون دولار)، وهو أقل قليلًا من المستويات القياسية التي شُوهدت في عام 2022.
وعلى وجه الخصوص، شهدت إيرادات إنتاج النفط والصادرات زيادة بنسبة 26% عن العام السابق، على الرغم من الضغوط الهبوطية على أسعار النفط.
(روبل روسي = 0.0088 دولارًا أميركيًا)
ويكمن مفتاح هذا النجاح في قوة نظام تصدير النفط الروسي والفجوة الصغيرة نسبيًا بين سعر النفط الروسي والمعايير العالمية.
وعلى الرغم من انخفاض أسعار النفط عالميًا بنسبة 2-3% مقارنة بعام 2023، تمكّنت روسيا من الحفاظ على أحجام تصدير عالية، ويرجع ذلك -إلى حد كبير- إلى علاقاتها القوية مع الأسواق الآسيوية ودورها المتزايد في تجارة النفط العالمية، خصوصًا في الهند والصين.
على صعيد آخر، نجح صعود الأسواق البديلة، إلى حد ما، في عزل روسيا عن التقلبات في سوق النفط التي يهيمن عليها الغرب.
ويشكّل هذا النجاح أهمية بالغة للحفاظ على صحة البلاد المالية، إذ تمثّل صادرات النفط والغاز نحو 30% إلى 40% من إيرادات الموازنة الفيدرالية الروسية.
نظام الضرائب على النفط الروسي
يتمثّل أحد أهم التطورات خلال عام 2024 في إصلاح نظام الضرائب على النفط الروسي.
وتعكس الصيغة الضريبية الجديدة، التي تأخذ الآن في الاعتبار أسعار خاميْ الأورال وإسبو، الأهمية المتزايدة للنفط الخفيف والأعلى جودة في محفظة الصادرات الروسية.
وعلى الرغم من أن هذا التعديل يتماشى مع وقائع السوق، فإنه يشير إلى الاتجاه المستمر لزيادة الأعباء الضريبية على شركات النفط.
وعلى وجه الخصوص، ستشهد ضريبتا استخراج المعادن (MET) والأرباح الإضافية (DIT)، التي تمثّل غالبية إيرادات ضريبة النفط في روسيا، تغييرات يمكن أن تفرض ضغوطًا إضافية على شركات النفط.
وتشكّل هذه التغييرات جزءًا من اتجاه أوسع نطاقًا لارتفاع الضرائب على صناعة النفط.
وعلى الرغم من الأرباح القوية التي أعلنتها العديد من شركات النفط، فإن هذه الأعباء الضريبية المتزايدة يمكن أن تخلق تحديات كبيرة لاستدامة الصناعة على المدى الطويل.
ويشكّل العبء الضريبي المتزايد -إلى جانب التكاليف المرتفعة المرتبطة بتطوير احتياطيات النفط التي يصعب استخراجها والحفاظ على الإنتاج في الحقول القائمة- خطرًا على الاستثمارات المستقبلية في صناعة النفط في روسيا.
ويُعد هذا أمرًا مثيرًا للقلق في سياق استنزاف قاعدة الموارد النفطية في البلاد، إذ من المتوقع ظهور عدد أقل من الاكتشافات الجديدة للاحتياطيات الكبيرة في السنوات المقبلة.
سوق الوقود المحلية.. ارتفاع الأسعار والضغوط التضخمية
واجهت سوق الوقود المحلية في روسيا تحديات في عام 2024، مع ارتفاع أسعار البنزين بصورة أسرع من التضخم.
وارتفعت أسعار البنزين بمعدل 11%، متجاوزة معدل التضخم المستهدف في روسيا البالغ 9.5%.
من ناحية أخرى، شهد وقود الديزل ارتفاعات أكثر اعتدالًا في الأسعار بنسبة 7.9%.
ويعكس هذا الوضع التفاعل المعقد بين احتياجات روسيا المحلية من الطاقة وضغوط الحفاظ على القدرة التنافسية للصادرات.
ويُعد ارتفاع أسعار الوقود نتيجة، إلى حد كبير، للعبء الضريبي المتزايد على شركات النفط، ما جعل من الصعب استقرار الأسعار المحلية.
وقد تقوّضت محاولات الحكومة للسيطرة على أسعار الوقود، خصوصًا البنزين، بسبب الاحتياجات المالية المتزايدة للدولة، التي تعتمد بصفة كبيرة على الإيرادات من ضرائب النفط والغاز.
بالإضافة إلى ذلك، أسهمت الصعوبات اللوجستية التي فرضتها العقوبات، بما في ذلك هجمات الطائرات المسيرة على مصافي النفط وزيادة تكاليف التكرير، في ارتفاع أسعار الوقود.
وعلى الرغم من أن بعض المحللين توقعوا ارتفاعات هائلة في أسعار الوقود في عام 2025، فإن معظم الخبراء يتوقعون زيادات معتدلة في الأسعار وليس ارتفاعًا كارثيًا.
التحديات المستقبلية.. الحاجة إلى الاستثمار
بالنظر إلى المستقبل، فإن الاستدامة طويلة الأجل لصناعة النفط والغاز في روسيا تعتمد على قدرتها على تأمين سياسات ضريبية مستقرة ويمكن التنبؤ بها، وجذب الاستثمار، وتطوير البنية الأساسية الجديدة.
ويعتمد قطاع النفط، بصفة كبيرة، على دورات الاستثمار التي تستمر من 5 إلى 10 سنوات، والعديد من المشروعات، خصوصًا تلك الموجودة في مناطق نائية، تتطلّب نفقات رأسمالية كبيرة.
إلى جانب ذلك، فإن الافتقار إلى بيئة تنظيمية مستقرة تتميّز بالتغييرات المتكررة في السياسة الضريبية والطبيعة غير المتوقعة للعقوبات، يُعرقل الاستثمار في مشروعات جديدة.
وتضيف الحصة المتزايدة من الاحتياطيات التي يصعب استخراجها في قاعدة موارد النفط في روسيا إلى تكلفة وتعقيد الحفاظ على مستويات الإنتاج.
وفي غياب ضمانات واضحة بشأن الاتجاه المستقبلي للسياسات الضريبية والتنظيمية، يتردّد المستثمرون في الالتزام بمشروعات نفطية جديدة كبرى، ما قد يؤدي إلى انخفاض الإنتاج في العقود المقبلة.
المخاطر الجيوسياسية والاعتبارات الإستراتيجية
إلى جانب التحديات الاقتصادية واللوجستية، تواجه روسيا مخاطر جيوسياسية كبيرة في قطاع الطاقة.
وتمثّل العقوبات الغربية والجهود المبذولة لعزل روسيا عن أسواق الطاقة العالمية جزءًا من إستراتيجية أوسع لإضعاف النفوذ الجيوسياسي لروسيا.
من ناحية ثانية، قد تكون لهذه العقوبات عواقب غير مقصودة، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يواصلان استهداف تجارة النفط والغاز الروسية، فإن الأسواق البديلة للطاقة الروسية، خصوصًا في آسيا، تتوسع بسرعة.
على سبيل المثال، شكّلت صادرات النفط الروسية إلى الهند 40% من واردات البلاد من النفط بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2024، وتظل الصين مشتريًا مهمًا للطاقة الروسية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن إستراتيجية روسيا المتمثلة في تنويع طرق التصدير والسعي إلى أسواق جديدة في آسيا الوسطى والشرق الأوسط ستكون حاسمة في ضمان أمن الطاقة على المدى الطويل.
وبالنظر إلى استمرار الغرب في فرض العقوبات، فإن قدرة روسيا على التعامل مع الأسواق غير الغربية وتنويع طرق تجارة الطاقة ستكون ضرورية للحفاظ على مكانتها بصفتها مصدرًا عالميًا رائدًا للطاقة.
صادرات الغاز ومشروع باور أوف سيبيريا 2
تُعد صادرات الغاز الطبيعي أحد المجالات الرئيسة التي تركز عليها إستراتيجية الطاقة الروسية المستقبلية. ويظل خط أنابيب باور أوف سيبيريا 2، المصمم لربط روسيا بالصين عبر قازاخستان، أولوية رئيسة للحكومة الروسية.
رغم ذلك، تعثرت المفاوضات مع الصين بشأن المشروع، إذ تسعى بكين إلى تأمين شروط أفضل، خصوصًا فيما يتعلق بأسعار الغاز.
ويمثّل غياب التقدم في هذا المشروع انتكاسة لروسيا، ويسلط الضوء على إستراتيجية البلاد الأوسع لتقليل الاعتماد على عميل واحد لصادراتها من الغاز.
وفي غضون ذلك، زادت روسيا إمداداتها من الغاز إلى آسيا الوسطى، خصوصًا إلى أوزبكستان، التي شهدت ارتفاعًا كبيرًا في واردات الغاز الروسي منذ عام 2023.
وستكون قدرة روسيا على تنويع طرق تصدير الغاز وتقليل اعتمادها على أي سوق واحدة ضرورية لتأمين مستقبلها في مجال الطاقة على المدى الطويل.
ورغم أن السوق الأوروبية التي استوعبت تقليديًا حصة كبيرة من الغاز الروسي، لا تزال تحت الضغط بسبب الحواجز السياسية والتنظيمية، فإن التحول الإستراتيجي لروسيا نحو آسيا وآسيا الوسطى قد يخفّف من بعض هذه الخسائر.
من جهة ثانية، فإن التوقعات طويلة الأجل للغاز الروسي في عام 2025 وما بعده ستعتمد إلى حد كبير على الإنجاز الناجح لمشروعات البنية الأساسية، واستدامة الطلب في الأسواق الناشئة، وحل التحديات الجيوسياسية التي تهدد بتعطيل طرق الإمداد.
وستستمر المخاطر الجيوسياسية وتقلّب الأسعار في تشكيل قدرة روسيا على الحفاظ على مكانتها بصفتها موردًا عالميًا رئيسًا للغاز.
وحسب العالم السياسي البارز الدبلوماسي السابق، روستيسلاف إيشينكو، فإن قرار السلطات الأوكرانية بعدم تمديد عقد عبور الغاز الروسي إلى أوروبا بعد عام 2024 يمثّل نقطة تحول مهمة في العلاقات بين روسيا وأوكرانيا.
وأشار إيشينكو إلى أنه عندما كان الغاز يتدفق عبر خط الأنابيب الأوكراني، كانت روسيا تعتمد بصفة كبيرة على طريق العبور هذا، ما منح أوكرانيا درجة من النفوذ والتفضيل الدبلوماسي.
وعلى الرغم من تصرفاتها، عُوملت أوكرانيا بمستوى معين من التساهل من جانب روسيا التي اضطرت إلى الحفاظ على هذا العبور لأسباب إستراتيجية.
وبالنظر إلى انخفاض اعتماد روسيا على خطوط الأنابيب الأوكرانية، خصوصًا مع تطوير طرق بديلة مثل نورد ستريم وترك ستريم، تغيّر موقف موسكو تجاه كييف.
وأكد إيشينكو أن أوكرانيا لديها فرصة فريدة لتحديث البنية التحتية لخطوط الأنابيب من خلال إشراك روسيا وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي في اتحاد مشترك، لكن الحكومة الأوكرانية رفضت قبول هذا الاقتراح.
ويرى إيشينكو أن هذا القرار أدى إلى تقليص دور أوكرانيا في نظام عبور الغاز الأوروبي وتقويض أهميتها الجيوسياسية.
وأشار الخبير السياسي إلى أنه حتى خلال المراحل الأولى من العملية العسكرية الخاصة في عام 2022، استمر نقل الغاز عبر أوكرانيا إلى المجر وسلوفاكيا ومولدوفا، وهو ما عمل بوصفه قيدًا على الإجراءات الروسية.
رغم ذلك، ومع توقف نقل الغاز عبر أوكرانيا وانتهاء صلاحية اتفاقية النقل الوشيك، تغيّرت الاعتبارات الجيوسياسية لروسيا، وأصبحت طرق الغاز التي كانت ذات يوم بالغة الأهمية رمزًا لتضاؤل أهمية أوكرانيا.
وخلص إيشينكو إلى أن رفض أوكرانيا تمديد عقد نقل الغاز الروسي يُعد خطأ إستراتيجيًا، وهو ما قد يخلف عواقب وخيمة على مستقبل البلاد، ما قد يؤدي إلى عدم أهميتها السياسية على الساحة العالمية.
الخلاصة..
على الرغم من أن قطاع النفط والغاز في روسيا أظهر مرونة في مواجهة العقوبات غير المسبوقة، فإن المستقبل لا يزال غامضًا.
وستكون قدرة البلاد على التكيف مع ظروف السوق المتغيرة، والاستجابة لضغوط العقوبات المتزايدة، والتغلب على المخاطر الجيوسياسية حاسمة في الحفاظ على مكانتها بصفتها موردًا عالميًا رائدًا للطاقة.
وتظل التوقعات قصيرة الأجل لصناعة النفط في روسيا قوية نسبيًا، ولكن التحديات طويلة الأجل، بما في ذلك الحاجة إلى الاستثمار المستقر، والتكيف المستمر مع التحولات في السوق العالمية، والتغلب على العقبات اللوجستية، تشكل مخاطر كبيرة.
وسيعتمد نجاح روسيا المستمر في سوق الطاقة العالمية على إيجاد توازن دقيق بين الاحتياجات المحلية، والعلاقات التجارية الدولية، والاستثمار في الإنتاج المستقبلي.
فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
0 تعليق