تتجه الأنظار اليوم إلى ساحة النجمة في بيروت، حيث يعقد مجلس النواب اللبناني جلسة حاسمة لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، وسط إجراءات أمنية مشددة في محيط المجلس. ويأتي ذلك في ظل حالة من الترقب الداخلي والخارجي بعد الفراغ الرئاسي الذي شهدته البلاد منذ أكثر من 14 شهرًا، حيث انتهت ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر 2022 ، بسبب الانقسامات السياسية وعدم التوصل إلى توافق بين القوى المختلفة حول اسم الرئيس المقبل.
لبنان.
أزمة سياسية مستمرة:
وتأتي هذه الانتخابات في وقت حساس للغاية للبلاد التي تعاني من أزمات اقتصادية خانقة، كما أن الوضع السياسي في لبنان لا يزال متأزمًا مع استمرار الانقسامات الحادة بين القوى السياسية.
وفي ظل هذا السياق، يتوقع الكثيرون أن تكون الجلسة الانتخابية اليوم حاسمة في تحديد مصير لبنان في الفترة المقبلة.
منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر 2022، يعاني لبنان من فراغ رئاسي طال أمده، حيث كانت جلسات مجلس النواب لانتخاب الرئيس قد تأجلت مرارًا بسبب عدم قدرة القوى السياسية على الاتفاق على اسم الرئيس المقبل.
فرغم أن الدستور اللبناني يتطلب انتخاب رئيس للجمهورية في موعده، إلا أن الانقسامات بين الأحزاب السياسية، خصوصًا بين التيار الوطني الحر المدعوم من حزب الله من جهة، والقوى المعارضة من جهة أخرى، جعلت الوصول إلى توافق صعبًا للغاية.
تأثير الوضع الأمني والاقتصادي:
في الوقت الذي يتوقع فيه أن تساهم الانتخابات في تحديد مصير لبنان السياسي، يعاني البلد من أزمات اقتصادية خانقة أثرت بشكل كبير على حياة المواطنين.
فقد سجلت العملة اللبنانية تدهورًا غير مسبوق، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بشكل حاد، فضًلا عن أن أزمة الكهرباء والنقص الحاد في الوقود جعل الحياة اليومية للمواطن اللبناني شبه مستحيلة في بعض المناطق.
في هذه الأثناء، يبقى الوضع الأمني في لبنان هشًا، خاصة مع استمرار التوترات في مناطق مختلفة مثل الحدود مع إسرائيل، وأزمة النزوح السوري في لبنان.
إجراءات أمنية مشددة:
بالتزامن مع بدء توافد النواب إلى المجلس، كثفت القوى الأمنية اللبنانية من تواجدها في محيط المجلس النيابي، حيث تم تعزيز الإجراءات الأمنية في ساحة النجمة، إحدى أكثر المناطق حيوية في العاصمة، والتي تضم مقر البرلمان.
وأعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي عن اتخاذ تدابير سير مشددة، تشمل منع مرور السير على عدد من الطرقات الرئيسية في العاصمة
كما تم منع وقوف السيارات في مناطق عدة بدءًا من منتصف ليل الأربعاء، لضمان تأمين الجلسة ومنع أي محاولات لعرقلتها.
إجراءات الأمن تشمل أيضًا عمليات تفتيش دقيقة للعاملين في المؤسسات والشركات المحيطة بمجلس النواب، في خطوة تهدف إلى ضمان سير الجلسة الانتخابية بشكل آمن ومنظم.
وتتطلب العملية الانتخابية في لبنان غالبية الثلثين من أصوات نواب البرلمان الـ128 في الدورة الأولى، وهو ما يجعل المهمة صعبة في ظل التوازنات السياسية المعقدة.
وإذا لم يتمكن أي مرشح من الحصول على هذه الغالبية، يتم الانتقال إلى جولات انتخابية لاحقة، حيث يكفي في الجولات التالية حصول المرشح على الغالبية المطلقة (أكثر من 50%) للفوز بالمنصب.
المرشح الأوفر حظًا
تتجه الأنظار اليوم إلى الجلسة التي سيحضرها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، الذي يتوقع أن يحمل معه دعمًا للمرشح الأوفر حظًا في السباق الرئاسي، وهو قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون.
يعتبر قائد الجيش اللبناني مرشحًا توافقيا بين القوى السياسية، إذ يحظى بدعم من قوى المعارضة وحزب القوات اللبنانية. ووفقًا للمعلومات المتداولة، فإن هناك توافقًا داخليًا وخارجيًا نحو دعم ترشيح عون، وذلك في ظل الحاجة الملحة إلى استقرار لبنان في هذه المرحلة الحساسة.
ومن جانبه، صرح أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية، أنه سيدعم ترشيح العماد جوزيف عون، مشيرًا إلى أن هناك توافقًا داخليًا ودوليًا بشأن هذا الترشيح.
كما أعلن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية انسحابه من السباق الرئاسي، ما يفتح المجال أمام ترشيح قائد الجيش بشكل أكبر.
المرحلة الانتقالية والفراغ الرئاسي
منذ أكتوبر 2022، دخل لبنان في مرحلة فراغ رئاسي طويل، وهو ما ينعكس سلبًا على استقرار البلاد، ومرت البلاد خلال هذه الفترة بعدة أزمات سياسية واقتصادية، حيث لم يتمكن البرلمان اللبناني من انتخاب رئيس بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني في الجلسات السابقة، ويحتاج لبنان الآن إلى رئيس جديد للبلاد يتمتع بتوافق سياسي قادر على إدارة مرحلة انتقالية قد تكون طويلة ومعقدة.
وفى هذا الصدد، تظل الانتخابات الرئاسية في لبنان اختبارًا كبيرًا للطبقة السياسية، التي تواجه تحديات كبيرة في محاولة للاتفاق على شخصية قادرة على توحيد الصفوف وإعادة البلاد إلى مسار الاستقرار.
وفى النهاية يبقى السؤال.. هل يتجاوز لبنان الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالبلاد وسيشهد بداية جديدة أم أنه سيستمر في حالة من التوترات السياسية التي تهدد مستقبله..؟
0 تعليق