المزارعون المغاربة يشتكون من زيادات هامة في كلفة الأسمدة العضوية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مع تواصل نمو المحاصيل الزراعية من القمح والشعير وبدء زراعة أنواع عديدة من الخضراوات خصوصا البطاطس والبصل، يحبذ مزارعون مغاربة تسميد حقولهم وضيعاتهم، خلال هذه الفترة من السنة، بحمولات من الأسمدة العضوية (الحيوانية) من أجل مضاعفة إنتاجيتها من المزروعات؛ غير أن هذا الرهان بات يصطدم، خلال الموسم الفلاحي الجاري، بتسجيل زيادات في سعر الحمولة الواحدة من هذا السماد تتراوح ما بين 500 و700 درهم، ليستقر في بعض المناطق في 3500 درهم.

وعلى الرغم من توفير وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات للأسمدة الآزوتية المدعمة للفلاحين خلال هذه الفترة تزامنا مع استقرار أسعار الأسمدة الفوسفاطية، فإن مزارعين تحدثوا لهسبريس أوضحوا أنهم “مضطرون إلى شراء السماد العضوي الطبيعي، ولو أن ثمنه ملتهب؛ بالنظر إلى استحالة تعويض الأنواع سالفة الذكر من السماد لمفعوله في التربة”.

ويعزو هؤلاء المزارعون هذا الغلاء إلى “تراجع الإنتاج جراء تناقص أعداد الماشية في المغرب مقابل كثرة الطلب، خصوصا خلال الفترة الجارية من السنة”، كاشفين أن “تقنية “سيروم (محلول) السماد العضوي” بإمكانها أن تحل محل السماد الصلب في التربة من نوع ‘تيرسي فقط”.

زيادات حاضرة

أفاد حميد خنكون، فلاح بمنطقة كيكو إقليم بولمان، “بوجود ارتفاع في سعر حمولات الأسمدة العضوية الحيوانية هذا الموسم مقارنة بالمواسم الفلاحية السابقة؛ بالنظر إلى تراجع إنتاج هذا النوع من الأسمدة الحيوي بالنسبة للحبوب ومزروعات الخضروات من بطاطس وجزر وبصل”.

وأبرز خنكون، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “ثمن الحمولة الواحدة في ظل هذا التراجع، الناتج أساسا عن تناقص أعداد الماشية لدى الكسابة، يتراوح ما بين 1000 و1500 درهم”.

وأورد الفلاح بالمنطقة، التي تشرع في زراعة البطاطس والبصل خلال هذه الفترة من السنة، أنه “خلال المواسم السابقة التي كان فيها الإنتاج كبيرا جراء وجود العرض الكافي من القطيع؛ لم يكن سعر الحمولة الواحدة من السماد الحيواني يتخطى 300 درهم أو 400 درهم على أقصى تقدير”.

وأوضح المتحدث عينه أنه “من الضروري استعمال هذا النوع من الأسمدة عند بداية موسم زرع الخضراوات المذكورة بالمنطقة؛ بالنظر إلى أهميته في مضاعفة مردودية الهكتارات المزروعة منها”، كاشفا أن “الهكتار الواحد يحتاج على الأقل إلى عشر حمولات من السماد العضوي الحيواني على الأقل، من أجل أن يؤدي هذا الأخير مهمته”.

وبخصوص إمكانية الاستغناء عن الأسمدة العضوية بالفوسفاتية أو الآزوتية التي يستفيد الفلاحون من كميات مدعمة منها، أوضح حميد خنكون أن هذه الأخيرة “لا تتوفر على نفس مردودية السماد الطبيعي، الذي يبقى مفعول المواد العضوية التي يحملها لمدة ثلاثة مواسم على الأقل في التربة”.

وفي منطقة عين كرمة الفلاحية بإقليم مكناس؛ “حيث شرع الفلاحون في زراعة الضيعات بالبصل، قفز سعر السماد العضوي الحيواني من 700 درهم للحمولة الواحدة خلال السنوات الماضية إلى 1500 درهم هذا الموسم الفلاحي الجاري”، وفقا ما أكده طارق مومن، فلاح بالمنطقة، كاشفا أن “تراجع أعداد الماشية جراء الجفاف مقابل ارتفاع الطلب على السماد هو سبب هذا الغلاء”.

وأوضح مومن، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “مزارعي البصل بالمنطقة يحتاجون إلى تسميد الهكتار الواحد من هذا المنتوج بثلاث حمولات على الأقل، أي ما قيمته 4500 درهم”، مشيرا إلى أن الطلب قد يرتفع خلال الفترة المقبلة؛ نظرا لأن الطلب لم يبلغ ذروته بعد، “ففلاحون ما زالوا لم يشرعوا في الزراعة، إذ ينتظرون تلقي دعم وزارة الفلاحة لزراعة البصل برسم الموسم الماضي”.

خلفيات وبدائل

أكد رياض أوحتيتا، خبير ومستشار فلاحي معتمد، “تسجيل ارتفاع مهم في أسعار حمولات الأسمدة العضوية في الموسم الفلاحي الجاري؛ حيث باتت الحمولة الواحدة تباع للفلاح بـ3500 درهم؛ بعد أن كان يتأرجح سعرها خلال المواسم الماضية ما بين 2000 و2500 درهم”، مبرزا أن “هذا الارتفاع يهم مناطق فلاحية عديدة؛ أبرزها الغرب ومكناس وفاس ودكالة”.

وعزا أوحتيتا، في تصريح لهسبريس، “هذا الارتفاع إلى كثرة الطلب على “الغبار” من قبل الفلاحين خلال هذه الفترة؛ نظرا لأن استعماله لا يشكل أي خطر على المزروعات والأشجار المثمرة في فصل الشتاء، مقارنة بفصل الصيف حيث قد يؤدي تسميد الأرض به إلى إلحاق الضرر بهاتين الأخيرتين”، مردفا أنه “يرجع كذلك إلى تناقص الماشية وارتفاع أثمنتها في السوق”.

وأوضح الخبير والمستشار الفلاحي المعتمد أن “الهكتار الواحد من الأشجار المثمرة والحبوب والبطاطس يحتاج غالبا خلال بداية الموسم إلى 30 طنا من السماد العضوي الطبيعي، أي ما يعادل حمولة ونصف الحمولة تقريبا”.

ولفت المتحدث عينه إلى أن “الارتفاع الحاصل في أثمنة الأسمدة العضوية يهم كذلك تلك الخاصة بالدجاج، رغم أنها أحيانا لا تساهم سوى في الإضرار بالمزروعات”، موضحا أنه “حين تتضمن بذور الأعشاب الضارة أو الحشرات فإنها تؤثر على نمو هذه الأخيرة، ما بات يستوجب التنصيص على دفتر تحملات خاص بهذا النوع من الأسمدة، يقضي بعدم تسويقها إلا بعد معالجتها”.

وشدد المتحدث ذاته على “استحالة ضبط أسعار الأسمدة العضوية الطبيعية وإخضاعها للمراقبة، مثل ما يتم الأمر بالنسبة للأسمدة الآزوتية والفوسفاطية”، مسجلا أن “أسمدة الأزوت تثقل بدورها كاهل الفلاحين الصغار والمتوسطين الذين يشترون كميات ضئيلة لا المخزون الذي يكفيهم لسنة كاملة؛ ما يجعلهم محرومين من دعم الدولة لهذه الأسمدة”، ومفيدا بأن “أسعار الأسمدة الفوسفاطية ما زالت مستقرة، ولم تشهد أي ارتفاع يذكر”.

واستحضر الخبير الفلاحي سالف الذكر لجوء “نسبة مهمة من الفلاحين إلى استعمال “سيروم السماد”؛ وهو محلول مائي من السماد العضوي (الغبار)، حيث يتم تمريره عبر قنوات الري بالتنقيط”، مردفا أن “هذه الطريقة التي لا تسمح بتغيير خصائص التربة، قد تكون أكثر اقتصادية من استعمال السماد العضوي صلبا، إذا كانت التربة من نوع تيرس. أما إذا كان يغلب عليها الطين أو الرمل، فسوف تحتاج إضافة كميات صلبة مهمة من هذا السماد”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق