الدبلوماسية المغربية تعمق عزلة "البوليساريو" وتبدد الأكاذيب الانفصالية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تواصل المملكة ترسيخ سيادتها على أقاليمها الجنوبية، مدعومة بمواقف دولية وإقليمية ثابتة تعزز مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي للنزاع المفتعل، في وقت تواجه فيه جبهة “البوليساريو” تراجعا متسارعا على مستوى الدعم الدولي؛ ما يؤكد تغير موازين القوى لصالح المملكة، في ظل التحولات الجيوسياسية التي يشهدها ملف الصحراء المغربية.

وفي تصريح يسلط الضوء على هذه التحولات الإقليمية والدولية المتعلقة بالملف، كشف سيدي محمد عمار، منسق جبهة “البوليساريو” مع “المينورسو”، خلال ندوة نُظمت بمخيمات تندوف، عن تراجع الدعم الدولي لأطروحة الجبهة الانفصالية في مقابل تنامي مكاسب المغرب ميدانيا ودبلوماسيا.

ووفقا لما أوردته مصادر إعلامية قريبة من قيادة “البوليساريو”، أقر عمار بأن “المغرب تمكن من تعزيز سيطرته الميدانية على أجزاء كبيرة من المنطقة العازلة، خصوصا بعد تأمينه معبر الكركرات في 13 نونبر 2020 واستعادة مساحات شاسعة تجاوزت 40 كيلومترا في هذه المنطقة”.

كما أوضح ممثل “البوليساريو” بالأمم المتحدة أن “ميزان القوى داخل مجلس الأمن الدولي يميل بشكل متزايد لصالح المغرب”، لافتا إلى أن “القوى الكبرى، وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة، تدعم السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية”.

وزاد: “موقف واشنطن ظهر بشكل واضح منذ عام 2008، حينما قدمت مسودة قرار لمجلس الأمن تُقر باستحالة تحقيق طموحات “البوليساريو” في إقامة دولة بالمنطقة”.

مواقف وأزمة

علق رمضان مسعود العربي، رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان، على تصريحات ممثل جبهة البوليساريو، معتبرا أنها تعكس الأزمة الدبلوماسية العميقة التي تعيشها الجبهة، في ظل التحولات الكبرى على الساحة الدولية، مشيرا إلى أن “دولا كانت داعمة لـ”البوليساريو” تاريخيا، مثل إسبانيا، أصبحت اليوم تتبنى مواقف تدعم مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحتها المملكة المغربية كحل واقعي للنزاع المفتعل”.

وأضاف عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دورا محوريا في إعادة تشكيل مواقف الدول الكبرى بشأن القضية، مع سحب العديد منها اعترافها بالجبهة ككيان مستقل”.

وأوضح أن “هذا التحول يضع دبلوماسية “البوليساريو” في موقف لا يُحسد عليه، خاصة مع اتساع دائرة الدول التي ترى في الحكم الذاتي الحل الوحيد القابل للتطبيق”.

وبخصوص التحولات الجيوسياسية، سجل الناشط الحقوقي أن “الموقف المغربي يزداد قوة على المستوى الدولي، في الوقت الذي تشهد فيه “البوليساريو” تراجعا واضحا، سواء على المستوى الدبلوماسي أو الميداني؛ مما يعزز مكانة المغرب كطرف رئيسي في صياغة الحلول المستقبلية للملف”، مؤكدا أن “الاعتراف الدولي بجهود المغرب لتطوير الأقاليم الجنوبية واستثمارها في مشاريع تنموية كبرى يُعزز مكانته الإقليمية والدولية”.

وخلص رمضان مسعود، في ختام حديثه لهسبريس، إلى أن “هذه التحولات تؤكد أن المغرب يواصل ترسيخ سيادته على أقاليمه الجنوبية بفضل ديناميته الدبلوماسية، واستراتيجية متكاملة تجمع بين المبادرات الواقعية والتأييد الدولي الواسع”.

موازين القوى

قال إبراهيم بلالي اسويح، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، إن تصريحات ممثل جبهة “البوليساريو” حول المكاسب الدبلوماسية التي حققتها المملكة المغربية، خصوصا بعد تأمين معبر الكركرات، تكشف عن قناعة متزايدة لدى الجبهة والنظام الجزائري، لافتا إلى أن “رياح التغيير الإقليمي والدولي تسير في اتجاه دعم الاستقرار عبر حلول واقعية”.

واعتبر اسويح، ضمن تصريح خص به جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “النجاح المغربي في تطهير المعبر وتحقيق اعترافات دبلوماسية متتالية من قوى عالمية وازنة مثل الولايات المتحدة وفرنسا يمثل بداية لانهيار الطرح الانفصالي”.

وأوضح المحلل السياسي أن “الأحداث التي أعقبت عملية الكركرات، خصوصا منذ سنة 2020، شهدت تغيرا واضحا في مواقف مجلس الأمن الدولي، الذي بات يركز على أهمية الحلول السياسية الواقعية وفق توافق القوى الكبرى”، مبرزا أن “هذه التحولات تزامنت مع تقارير الأمين العام للأمم المتحدة التي أكدت على الطابع الإقليمي المفتعل للنزاع؛ مما شكل رسالة واضحة للأطراف المعنية”.

كما سلط المتحدث ذاته الضوء على التراجع الملحوظ في الدعم الدولي للبوليساريو، مشيرا إلى أن “الاعتراف الأخير لدولة غانا بمغربية الصحراء يُعد منعطفا مهما، خصوصا أنه يأتي من بلد إفريقي أنجلوسكسوني يعد تاريخيا من داعمي الطرح الانفصالي”، مؤكدا أن “هذا الاعتراف يضعف مواقف الجزائر التي كانت تستغل هذه الدول لدعم أجندتها، خاصة في ظل انسداد الأفق السياسي للجبهة”.

ولفت الباحث في خبايا النزاع المفتعل الانتباه إلى أن المغرب نجح في تبني رؤية استباقية تقوم على تعزيز الشراكات الدولية والتمسك بقضية الوحدة الترابية كمرجع رئيسي لعلاقاته الخارجية، موردا أن “المتغيرات العالمية، بما في ذلك عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى السلطة، قد تؤدي إلى مزيد من العزلة لجبهة “البوليساريو” والجزائر، خاصة مع بروز أولويات دولية جديدة تركز على الأمن والاستقرار”.

وختم السويح حديثه لهسبريس بالتأكيد على أن الشروط الدبلوماسية والسياسية قد نضجت إقليميا ودوليا لإنهاء أوهام الانفصال، مبررا ذلك بأن “المغرب يواصل ترسيخ سيادته على أقاليمه الجنوبية من خلال مقاربة شاملة تجمع بين الحسم العسكري والدبلوماسي والتنمية الاقتصادية؛ مما يجعله في موقع قوة قادر على مواجهة تحديات المستقبل”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق