أثارت وفاة ثلاث نساء حوامل بعد خضوعهن لعمليات قيصرية داخل مصحة خاصة بالدار البيضاء، موجة من الجدل، وتصاعدت الأصوات المطالبة بفتح تحقيق لكشف الحيثيات ومحاسبة المسؤولين.
وتقدمت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان وحماية المال العام بشكاية مرفقة بطلب مؤازرة تقدم به ح.م، زوج الضحية المتوفاة ك.ب، التي فارقت الحياة في ظروف غامضة بمصحة خاصة بمدينة الدار البيضاء يوم 7 يناير 2025.
شهادة مؤثرة جاءت على لسان الزوج المكلوم، أكد خلالها أن زوجته البالغة من العمر 23 عاما، كانت تتابع حملها تحت إشراف طبيبة مختصة في أمراض النساء والتوليد، وأن جميع الفحوصات الطبية تؤكد أن حالة الضحية والجنين كانت طبيعية، ليصعق بخبر وفاة شريكة حياته التي لفظت أنفاسها الأخيرة بعد خضوعها لعملية قيصرية . ولأن القاسم المشترك بين الوفيات في صفوف هؤلاء النساء كان خضوعهن لعمليات ولادة قيصرية، عاد إلى الواجهة نقاش ترجيح كفة الأفضلية للأخيرة على حساب الولادة الطبيعية داخل المصحات الخاصة بالمغرب.
العمليات القيصرية.. جدل في الأوساط الطبية ومؤسسات التأمين الصحي
وفي هذا الصدد يقول علي لطفي رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة في تصريح لـ"أحداث.أنفو"، إن موضوع الوفيات غير الطبيعة في إحدى المصحات الخاصة بالدار البيضاء ليس معزولا عن واقع لازال يؤرق بال المجتمع بخصوص ارتفاع معدل وفيات الأمهات الحوامل والأطفال الرضع بالمغرب، حيث يتم التصريح ببعضها ويتم التجاهل البعض الآخر كأنها وفاة عادية.
وأوضح لطفي أن فوائد العمليات القيصرية مقارنة بالولادات الطبيعية غير المعقدة لا تزال محل جدل في الأوساط الطبية والصحية ومؤسسات التأمين الصحي، ليس من جانب كلفة العملية القيصرية فقط التي هي بلا شك مرتفعة جدا في المصحات الخاصة لكن ما يتم إخفاؤه سعيا للربح السريع هو أن الولادة القيصرية تشكل أيضا خطرا على الأم ولقد ثبت أن الولادة القيصرية تؤدي إلى زيادة في معدل الوفيات والأمراض بين الأمهات والأطفال، وكذلك إلى مضاعفات في الولادات اللاحقة.
وأجمعت كل الدراسات والتقارير حسب علي لطفي، على أن معدل الولادات القيصرية ضمن الولادات بالمغرب مرتفع جدا بالمقارنة مع توصيات منظمة الصحة العالمية، حيث يجب أن تتراوح نسبة الولادات القيصرية بين 5 % و15%.
من جهته، يوضح الدكتور الطيب حمضي الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، في حديثه لـ"أحداث.أنفو"، أن العملية القيصرية تعتبر تدخلا طبيا مهما جدا لإنقاذ حياة الأم والطفل، مشددا على ضرورة أن تتم العملية القيصرية بناءا على دواع طبية، لأن اللجوء إليها لأسباب أخرى يأتي بنتائج عكسية.
ويوضح الدكتور حمضي أن الوفيات خلال العمليات القيصرية قد تتم لعدة أسباب أبرزها التخدير، ثم التعفنات إلى جانب حالات تخثر الدم التي قد تنتج عن هاته العملية.
ولفت الدكتور حمضي إلى أن عددا من الأمهات أصبحن يمارسن ضغطا على الأطباء من أجل إجراء عملية قيصرية، اعتقادا منهمن أنها تقنية أكثر سهولة وخالية من الألم والمخاطر، وهو اعتقاد خاطئ.
نسبة العمليات القيصرية بلغت 80 في المائة بمصحات خاصة بالمغرب
أشارت دراسة أجرتها "كنوبس"، أن نسبة العمليات القيصرية في عدد من المصحات الخاصة وصلت إلى 80% ، وسبب تفضيل عدد من المصحات الخاصة في المغرب العمليات القيصرية حسب الدكتور حمضي راجع إلى مداخيلها الكبيرة مقارنة بالولادة الطبيعية، حيث إن أتعاب الأطباء تكون مرتفعة، ولا تتخطى مدة العملية 20 دقيقة، على عكس الولادة الطبيعية التي قد تستغرق 10 ساعات، أي أن هناك سعيا من قبل المصحات والأطباء لتحقيق نوع من الراحة على المستوى المادي والممارسة الطبية على حد سواء.
ثم إن تكلفة الولادة في المتوسط بالنسبة للولادة الطبيعية حسب علي لطفي، تتراوح بين 2000 و5000 درهم، بينما تتراوح تكلفة الولادة القيصرية بين 10آلاف و20ألف درهم، حيث يمكن أن تفرض العيادات الخاصة رسوما إضافية على غرفة أكثر اتساعًا، أو مرافق مرافقة، أو استخدام الحاضنة للموالد الجدد وتحمل الأسر فرقا كبيرا بحكم أن التامين الصحي الأساسي لا يغطي إلا 50 في المائة من هذه التكاليف المرتفعة.
وفيات الحوامل في المغرب مرتفعة بأكثر من 600% مقارنة بمتوسط الدول المتقدمة
أفاد الدكتور حمضي أن البيانات على الصعيد الوطني تشير إلى أنه خلال 20 سنة (2000-2020)، انخفضت وفيات الأمهات بنسبة 70%، لكنها لا تزال مرتفعة بأكثر من 600% مقارنة بمتوسط الدول المتقدمة.
وانخفض عدد وفيات الأمهات من 244 لكل 100 ألف ولادة حية عام 2000 إلى 72 عام 2020، في الوقت الذي يبلغ فيه متوسط الدول المتقدمة نحو 11 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حية.
وفي بعض البلدان، يكون هذا المتوسط أفضل بكثير ولا يتجاوز نصف هذا المتوسط.
"وهذا يعني أنه لا يزال بإمكاننا القيام بعمل أفضل بكثير، ولا يزال هامش إنقاذ حياة الأمهات واسعا" يؤكد الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية.
إشكالية سلامة الحوامل والرعاية الآمنة
يؤكد علي لطفي أن الوفاة داخل مصحة أو مستشفى يجب أن تخضع لتقرير طبي شفاف وموضوعي حول أسباب الوفاة أو تشريح طبي إن اقتضت الضرورة لذلك، وهذا حق المريض وأسرته خاصة ان المرأة الحامل ليست " بشخص مريض" إنها امرأة حامل في صحة جيدة ، ودخلت المصحة للولادة تنتظر مولودها في صحة وسلامة، لذلك وجب إخضاعها لتشخيص دقيق قبل العملية القيصرية لتفادي أية مضاعفات قد تنجم عن العملية القيصرية وقد تؤدي إلى الوفاة.
وبالتالي تطرح حسب لطفي إشكالية سلامة المرضى والرعاية الآمنة داخل المستشفيات والمصحات الخاصة وزيادة الأعباء المالية على الأسر لكون بعضها همه الوحيد هو الربح السريع الذي قد يؤدي أحيانا إلى الوفاة أو العجز بسبب عدم اتباع نهج إستراتيجي لسلامة المرضى وأمنهم والوقاية من الحوادث داخل المستشفيات والمصحات الخاصة. وهو ما يؤدي أيضا حسب المتحدث ذاته إلى فقدان السياسة الصحية بسبب غياب المراقبة والتتبع والمحاسبة للتقليل من المخاطر بشكل مستمر ومستدام للحد من حدوث الأضرار وأثارها التي بالإمكان تجنبها وتفاديها .
"إن حجم مشاكل الخدمات الطبية والصحية غير الآمنة بالمغرب كبيرة ومكلفة"، يضيف لطفي، لأنها تهدد أعدادا كبيرة من المرضى بالوفاة وصناديق التأمين بالعجز، معتبرا أن المسؤولية تقع على عاتق وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وهيئات الاطباء المسؤولة عن احترام أخلاقيات المهنة.
المغرب مطالب بالانخراط في الجهود العالمية لتقليص نسب العمليات القيصرية
أظهرت دراسة أجريت في فرنسا حيث تتم العمليات القيصرية في ظروف جيدة، أن الولادة القيصرية تقتل 3.5% أكثر من الولادة الطبيعية، وهذا معناه حسب حمضي أن العملية القيصرية تنقذ حياة الأمهات والأطفال عندما تتم لدواع طبية لكنها بالمقابل قد تؤدي إلى الوفاة في حال تم اللجوء إليها بشكل عشوائي.
والملاحظ حسب منظمة الصحة العالمية أنه في العديد من الدول المتقدمة أصبح اللجوء إلى العمليات القيصرية يتخطى نسبة 60 في المائة، ما دفع إلى التفكير في حلول للتصدي لهذا التوجه، مثل تقليص أتعاب الأطباء وجعلها بنفس قيمة التدخل في حالات الولادة الطبيعية.
واختتم الدكتور حمضي حديثه بالتأكيد على ضرورة انخراط المغرب في المجهودات العالمية الرامية إلى تقليص نسب العمليات القيصرية، وتفادي وفيات النساء الحوامل والمآسي الإنسانية الناتجة عنها.
دقت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، ناقوس الخطر فيما يخص المخزون الاستراتيجي للمحروقات.
وفي الوقت الذي تشهد أسواق البترول بين الحين والآخر تقلبات حادة، تلقي بتداعياتها على الأسعار بالسوق الوطنية، لاحظت العدوي، خلال جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان، يوم الأربعاء 15 يناير 2025، أنه منذ اعتماد الاستراتيجية سنة 2009، ظلت المخزونات الاحتياطية لمختلف المنتجات البترولية دون المستوى المحدد في 60 يوما.
الأكثر من ذلك تلفت المتحدثة ذاتها ، خلال هذه الجلسة البرلمانية التي خصصت لتقديم عرض عن أعمال المجلس الأعلى للحسابات برسم الفترة 2023 – 2024، فإنه في سنة 2023، لم تتعد مخزونات كل من الغازوال والبنزين وغاز البوتان على التوالي 32 و37 و31 يوما.
كما أن تنويع نقاط دخول المنتجات البترولية المستوردة بقي محدودا، حيث أضيفت نقطة دخول فريدة بميناء طنجة-المتوسط، منذ إطلاق الاستراتيجية الطاقية الوطنية 2009-2030، تؤكد العدوي.
وأما بالنسبة لقطاع الغاز الطبيعي، سجلت العدوي أنه لم يتم استكمال المبادرات المتخذة لتطويره منذ سنة 2011، مما يؤثر على الجهود الرامية إلى التخلي التدريجي عن الفحم في إنتاج الكهرباء على حد قولها، داعية إلى بلورة هذه المبادرات من خلال استراتيجية رسمية وفي إطار قانوني مناسب للقطاع، وذلك بتنسيق مع الأطراف المعنية، قصد تطوير سوق للغاز الطبيعي محفز وجاذب للاستثمارات.
0 تعليق